مع اقتراب موعد انطلاق الاقتراع في انتخابات المجالس المحلية المغربية المقرر لها بعد غدٍ الجمعة كفاتحة للانتخابات التي وصفها العاهل المغربي الملك محمد السادس بالحاسمة، زادت سخونة المنافسة بين أكبر حزبين متنافسين، حيث صعّد حزب الاستقلال هجومه على حزب العدالة والتنمية يوماً بعد يوم في حملته الانتخابية لاقتراع الجهات والجماعات، وصعّد الحزب من أسلوبه بعد مرور أسبوع عن انطلاق الحملة، معدداً أخطاء منافسه المباشر العدالة والتنمية، كما كثفت جماعة العدل والإحسان من دعوات التأكيد على مقاطعتها للانتخابات، مع توقعات بتناقص الكتلة المصوتة لحزب العدالة والتنمية.

وشهدت مدينة آسفي تنظيم مهرجان خطابي حضره رئيس الحكومة عبدالإله بنكيران في إطار جولته الوطنية لأجل دعم مرشحيه في حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة المغربية، وتكرر نفس ما حدث الأسبوع الماضي في مدينة تازة – شرق المغرب – هذه المرة في مدينة آسفي الساحلية، حيث رفع عشرات الحاضرين شعار «إرحل» في وجه رئيس الحكومة.

وسارع حزب الاستقلال بعد هذه الواقعة إلى التأكيد في منشور له عبر موقعه الرسمي على أن الشعب سيصفي العدالة والتنمية سياسياً، مضيفاً إن بنكيران أصبح يعلم أن الشعب قد استفاق ولم تعد تجدي معه «بهلوانياته وألاعيبه»، لذلك – حسب المنشور – فعبدالإله بنكيران رئيس حزب العدالة والتنمية يذرف دموع التماسيح ويستجدي المواطنين لأجل أن يصوتوا على حزبه، وجاء في موقع الاستقلال أن بنكيران في حملته الانتخابية أعلن أن كل شيء مباح، المتاجرة بالدين، والكذب والبهتان.

وتسخير براءة الأطفال في الحملات الانتخابية، واتهم حزب الاستقلال خصمه بنكيران بعدم الاستقرار في المواقف عندما يتحدث في خرجاته عن الجهة التي يشتغل معها، وعدد الموقع مواقف رئيس الحكومة، حيث ذكر أن بنكيران مباشرة بعد تعيينه رئيساً للحكومة صرح قائلاً: أنا أشتغل مع الشعب، وعندما بسط زعيم حزب العدالة والتنمية سيطرته على السلطة التنفيذية، كما يقول الموقع الاستقلالي، فإنه خرج ليقول: أنا أشتغل مع الملك، ثم يضيف الموقع أن بنكيران بعد استغلاله الشعب بما يكفي خرج ليعلن عن جهة ثالثة مصرحاً: أنا أشتغل مع الله.

وختم حزب الاستقلال منشوره على موقعه قائلاً: لا يمكن للمغاربة أمام هذه التصريحات الهلامية، إلا أن يقولوا: «لا يفلح بنكيران حيث أتى»، متهماً بنكيران بالاشتغال مع السحرة والمشعوذين والعفاريت.

يذكر أن الصحافي المغربي رشيد نيني، رئيس تحرير صحيفة أخبار اليوم بدوره اتهم بنكيران من خلال عموده الشهير «شوف تشوف»، باستغلال الدين أبشع استغلال حين قال: أنا أشتغل مع الله، مشيراً إلى عدم استقرار بنكيران على مشغل واحد، وكتب رشيد نيني ساخراً: الرجل يغيّر مشغليه مثلما يغيّر جواربه.

وأكد القيادي البارز في جماعة العدل والإحسان المعارضة ورئيس المركز المغربي للأبحاث والدراسات عمر احرشان ، في ندوة نظمها مركز هسبريس للدراسات والإعلام، حول الاستحقاق الانتخابي، أن موقف الجماعة المقاطع للعملية الانتخابية نتيجة طبيعية لقناعات الجماعة، قائلاً: «موقفنا الحالي يساهم في الضغط على النظام لتوسيع هامش الحرية»، وتابع احرشان تدخله موجهاً دعوته للمؤسسات الحزبية إلى الانشغال والعمل على توسيع هامش الحرية بالمملكة المغربية عوض شغل نفسها بجماعة العدل والإحسان ومواقفها.

وعلق على مشاركة الجماعة في الانتخابات المهنية وقرارها مقاطعة الانتخابات الجهوية والجماعية، بأن الانتخابات المهنية لديها طابع مهني أما الجهوية فلها رهانات سياسية، مضيفاً إن جماعة العدل والإحسان رغم مقاطعتها المؤسسات حريصة على البقاء في صلب المجتمع.

وتوقع عمر احرشان تراجع الكتلة الناخبة المناصرة لحزب العدالة والتنمية نظراً لمجموعة من الأسباب، ذكر من بينها أن الطبقة الوسطى التي منحت أصواتها لحزب العدالة والتنمية تضررت كثيراً من الإجراءات التي أقرتها الحكومة برئاسة هذا الحزب، وأضاف إن العدالة والتنمية لم يستطع حل ملف المعتقلين السلفيين وبالتالي فإن السلفيين لن يصوتوا لهم.

وانتقد احرشان طريقة الاقتراع في المغرب، لكونها ستفرز مجالس محلية حسب وصفه «مبلقنة ستزيد من إفساد الحياة السياسية» بسبب طريقة الاقتراع الفردي المقنع باللائحة، مشيراً إلى أن نمط الاقتراع والتقسيم «الترابي» الجغرافي المعتمد، انتقائي ويخلق حالة من التذمر لدى المواطن المغربي الذي «سيصل إلى خلاصة مفادها أن صوته غير مهم ولن يغيّر شيئاً»، لأنه يعرف أن صوته حتى لو منحه لمرشح معين فإنه سيكون مجبراً على التحالف مع أطراف أخرى.

ترى فيدرالية اليسار الديمقراطي، التي تتشكل من أحزاب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي والمؤتمر الوطني الاتحادي والاشتراكي الموحد، أن تجربة التدبير الجماعي لم تحقق في الأغلب الأعم التنمية المحلية المنشودة ولم تساهم في بناء الديمقراطية المحلية التشاركية بسبب اختلالات عدة.

ومن أجل مواجهة هذه الاختلالات، يقترح برنامج الفيدرالية، التي تخوض غمار الانتخابات الجماعية والجهوية تحت شعار «كفى.. لنعمل جميعاً من أجل التغيير»، التزامات عدة من بينها ربط إعداد وتنفيذ ميزانية الجماعات بتصور شمولي لتنميتها وتلبية الحاجات الأساسية للساكنة والحفاظ على الرصيد العقاري للجماعات الترابية وتوسيعه.

ويقترح البرنامج على الناخبين العمل على تنمية مالية الجماعات الترابية من خلال إعادة النظر في منظومة الضرائب والرسوم والجبايات واعتماد العدالة الضريبية، إلى جانب إيلاء الأهمية للحقوق الاقتصادية للنساء، وإحداث صندوق خاص لدعم الجماعات الترابية ذات الموارد المالية الضعيفة.

ويعد الشق السياسي من برنامج الفيدرالية بالعمل على إرساء قواعد الديمقراطية المحلية، وتوفير الشروط الكفيلة بإفراز نخب سياسية ذات كفاءة، وتشجيع مشاركة النساء في تدبير الشأن المحلي، فضلاً عن تفعيل آليات المراقبة اللاحقة، وتنشيط دور القضاء في محاسبة وزجر الإخلال والتلاعب بالمال العام.

ويعتبر البرنامج أنه ينبغي إلزام المسؤولين على التسيير الجماعي بالتصريح بممتلكاتهم – إقرار الذمة المالية -، وتكوين مكاتب منسجمة للتسيير المحلي، والعمل على توسيع اختصاصات المجالس الجماعية، ووضع حد للتوسع العشوائي للمدارات الحضرية، وإعادة النظر في آليات التدبير المفوض.

وعلى المستوى الاجتماعي، يعد البرنامج ببلورة برامج لشراكة الدولة مع الجماعات الترابية في مجال معالجة معضلة الشغل والسكن غير اللائق والخدمات الصحية، والمساهمة في تأطير المواطنين عبر تأسيس آليات لإشراك السكان في معالجة قضاياهم.

البيان