الفجيرة اليوم – انطلقت أمس الإثنين ضمن فعاليات اليوم الخامس من مهرجان البدر في دورته الرابعة، سلسلة من ورش العمل التعليمية والتثقيفية بمركز الفجيرة الإبداعي، وجاءت أولى هذه الورش بالتعاون مع دارة الشعر العربي بالفجيرة تحت عنوان “رسوم وأشعار في محبة المختار” مستهدفة الأطفال وطلبة المدارس قدّمها مدير النشر في الدارة الأستاذ محمد المتيّم، احتفاءً بالسيرة النبوية العطرة وشمائل النبي محمد “ص”.

وهدفت الورشة إلى تبسيط مفاهيم السيرة النبوية الشريفة لدى الأطفال والطلاب، وتعزيز ارتباطهم بالشعر العربي من خلال تقديم مشاهد من السيرة النبوية بطريقة أدبية وبصرية تجمع بين الرسم والتعبير الشعري، وذلك من خلال التدريب على الرسم وصياغة المشاهد المستلهمة من المولد النبوي، والهجرة النبوية، والغار، والمشاعر المقدسة في كل من مكة المكرمة والمدينة المنورة.

وأعدّت “دارة الشعر العربي” كتاباً خاصاً مصاحباً للورشة ضم مجموعة مختارة من الأشعار التي تناولت السيرة النبوية الشريفة، كتبها نخبة من أبرز الشعراء العرب من بينهم أمير الشعراء أحمد شوقي، وجمال الملا من سلطنة عمان، ومحمد عبدالباري من السودان، وعبد الله البردوني من اليمن، والشاعر المصري أحمد بخيت.

وشهدت الورشة تفاعلاً لافتاً من الأطفال الذين عبّروا برسوماتهم عن خيال ناضج ومواهب واعدة تؤكد أهمية دعم هذه الفئة وتوفير المساحات الإبداعية لها.

فيما قدّمت الفنانة الصينية لين وانغ ورشة مميزة بعنوان “إبرة عبر الألف عام” ألقت خلالها الضوء على فن “بين شو”، وهو فن التطريز بالإبرة الذي نشأ في مدينة كايفنغ الصينية قبل أكثر من 1000 عام، وتحديداً في عهد أسرة سونغ، وحرصت مقدمة الورشة على تقديم شرح وافٍ عن الأبعاد الثقافية والتاريخية لهذا الفن العريق بأسلوب مبسط وحيوي جذب الحضور.

وتضمّنت الورشة عرضاً حيّاً لأشهر أنماط الغرز التقليدية مع تطبيقات عملية مباشرة بمشاركة الحضور، حيث تم تنفيذ تصاميم مستوحاة من رموز معمارية دينية مثل المسجد الحرام، والمسجد النبوي الشريف، والمسجد القديم في مدينة “كايفنغ”، مستخدمين أسلوب “بين شو” في ترجمة هذه الرموز إلى لوحات فنية، شكّلت في مضمونها حواراً بصرياً بين الثقافات.

وقد شهدت الورشة تفاعلاً واسعاً من الزوّار، الذين أشادوا بأهميتها في تسليط الضوء على أحد أعرق الفنون الصينية، إلى جانب دورها في تعزيز التبادل الثقافي بين الشعوب، مؤكدين أن مثل هذه الأنشطة التفاعلية تساهم في نقل التراث الإنساني للأجيال الجديدة، وتعزيز قيم الاحترام المتبادل بين الحضارات.

من جهة أخرى تواصل معارض مهرجان البدر في دورته الرابعة تقديمَ تجارب فنيةٍ استثنائية تنبض بالجمال والإبداع، حيث تشهد المعارض إقبالاً لافتاً من جمهور وزوّار المهرجان من داخل وخارج الفجيرة، ويقدّم معرض “وهج المقامات” تجربة بصرية ساحرة توثّق الحياة اليومية في بغداد خلال العصر العباسي، من خلال 12 منمنمة فنية دقيقة بإبداع الفنان يحيى بن محمود، إلى جانب مادة فلمية تفاعلية تستحضر تاريخ العرب في الأسفار والأسواق والحياة الاجتماعية ورحلات الحج، حيث تم تقديمها بأسلوب مميز عبر نافذة ضوئية مدعومة بمؤثرات صوتية وبصرية عميقة الأثر.

كما يحتضن المهرجان معرض جائزة البردة بالتعاون مع وزارة الثقافة، والذي يعرض أعمالاً فنية مستوحاة من الفنون الإسلامية بتقنيات معاصرة، إلى جانب معرض الأعمال الفائزة بجائزة البدر في نسختها الثالثة، والتي تعكس تنوّع المشاركات وتفرّد التجارب الفنية التي تحمل في جوهرها روح التراث والهوية.

ويأتي تنظيم هذه المعارض في إطار حرص مهرجان البدر على إبراز الفنون الإسلامية وفنون الخط العربي، والاحتفاء بما تحمله من جماليات روحية وبصرية، وذلك من خلال منصات فنية تجمع بين الأصالة والتجديد، وتسهم في بناء جسور حوارٍ وتواصلٍ حضاري بين الثقافات، تعزيزاً لقيم الانفتاح والتبادل الثقافي.