محمد الحمادي
لم يتوقع أحد أي نجاح لمشاورات سويسرا بين الشرعية اليمنية والانقلابيين الحوثيين، كما أن الذهاب إلى جولة أخرى من حوار الطرشان كان متوقعاً أيضاً، ربما لمحاولة إبراء الذمة من جانب المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد، حتى يقال إنه بذل ما في وسعه، لكن الأمور في طريق مسدود.
حتى الهدنة التي أعلن عنها تزامناً مع بدء المشاورات، كانت نظرية، ولم يكن لها وجود على الأرض، وتعرضت لخروقات متواصلة من جانب ميليشيات الحوثي والمخلوع، وهو ما دفع المقاومة والقوات الشرعية وقوات التحالف إلى الرد بقوة على هذه الخروقات، واستطاعت الشرعية خلال أيام المشاورات أن تحقق انتصارات ساحقة على الأرض، ودخلت مناطق من محافظة صنعاء وطردت الانقلابيين.
منذ اللحظة الأولى، أكدت الحكومة اليمنية الشرعية، أنها تعلم أن مشاورات سويسرا مضيعة للوقت، ويحاول الحوثيون والمخلوع استثمارها لتحقيق مكاسب على الأرض وعلى طاولة المفاوضات – أي مكاسب عسكرية وسياسية – لكن الحكومة الشرعية ذهبت إلى هذه المشاورات انطلاقاً من حرصها على حقن دماء الشعب اليمني، وتوصيل المساعدات الإنسانية إلى المحاصرين في المدن والمناطق التي يرتكب فيها الحوثي أبشع جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، وأرادت الحكومة أيضاً توصيل رسالة إلى المجتمع الدولي بأن الحرب ليست خيارها، وإنما هي خيار الحوثي والمخلوع بعد استنفاد جميع الجهود والمبادرات السياسية.
والحق أن الرسالة اليمنية الشرعية واضحة تماماً، لكن المجتمع الدولي ممثلاً في الأمم المتحدة لا يمتلك على ما يبدو إرادة الحل في اليمن – كما أن تحركات مبعوثي الأمم المتحدة فيها كثير من الالتباس وعدم الوضوح – فالمفترض أن هناك قراراً دولياً هو القرار 2216 الذي وضع الحوثيين والمخلوع تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، في حالة عدم تنفيذ القرار والامتثال له – أي أن من المفترض أن الأمم المتحدة في حالة فرض تنفيذ القرار وإلزام الطرف الممتنع عن التنفيذ، وليست في حالة مشاورات أو مفاوضات حول تنفيذ هذا القرار، ولم يحدث ربما في تاريخ الأمم المتحدة أن كانت هناك مفاوضات أو مشاورات حول قرار ملزم وواجب التنفيذ!
والأمر الآخر الذي يؤكد التخبط الأممي، أن هناك طرفين، أحدهما شرعي ومعترف به دولياً، والآخر غير شرعي ومتمرد ومنقلب على الشرعية، فكيف يكون هناك مجال للتفاوض بين الشرعي وغير الشرعي، وبين المعترف به وغير المعترف به؟ وبأي صفة يجلس الحوثيون والمخلوع على طاولة التفاوض؟ وما معنى أن يتم تشكيل لجنة لمراقبة وقف النار، رغم أن القاصي والداني يعلمان أن ميليشيات الحوثي والمخلوع هي التي تخرق الهدنة، وهي التي ترتكب جرائم ضد الإنسانية.. ورغم هذا كله تبدي الحكومة الشرعية غاية المرونة، وتسلك كل الطرق من منطلق إحساسها بالمسؤولية عن سلامة الشعب اليمني، ولأن الانقلابيين لا يعنيهم هذا الشعب في شيء، بل هم مستعدون للتضحية به في سبيل الوصول إلى السلطة وتنفيذ الأجندة الإيرانية في المنطقة، والأمر المؤكد أن كل الطرق لا بد أن تؤدي إلى هدف، وأنه لا يمكن التفاوض إلى ما لا نهاية كما يريد الانقلابيون.
– الاتحاد