أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، كتابا وطنيا شاملا عن مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ من تقديمه يضم أهم مراحل المشروع ولماذا قررت دولة الإمارات الانطلاق في هذا المشروع إضافة إلى تاريخ استكشاف المريخ عبر العصور والفوائد التي ستجنيها البشرية من مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ.
وقال سموه في مقدمته للكتاب إنه ” في الثاني من ديسمبر عام 1971 وصلت أول مركبة من صنع الانسان لكوكب المريخ ليتم الإعلان عن بداية مسيرة علمية ومعرفة جديدة في تاريخ البشرية، وفي نفس اليوم من نفس العام أعلن آباؤنا من دار الاتحاد عن قيام دولة الإمارات العربية المتحدة لتبدأ مسيرة مختلفة لبناء الإنسان الإماراتي.. وبعد خمسين عاما فقط في 2021 ستلتقي المسيرتان في نقطة تبعد عنا 60 مليون كيلومتر ليضيف الإنسان الإماراتي لمسيرة المعرفة البشرية بعدا جديدا وزخما مختلفا وبصمة عربية”.
وأضاف سموه “أهنئ الجميع ببداية عام جديد في مسيرة دولتنا وصولا لأبعد من نجوم الســــمـــاء” ونوه سموه إلى أنه عبر مسيرة امتدت قرابة الألف عام قادت حضارتنا العربية والإسلامية العالم نحو آفاق معرفية وفتحت أبوابا جديدة للبشرية وأهدت الإنسانية نظريات واختراعات مذهلة .. نظر أجدادنا لنجوم السماء وانطلقوا في أعالي البحار تجارا ومستكشفين وعلماء لبناء أمجادهم واليوم ننظر مرة أخرى للنجوم لبناء مستقبل أجيالنا”.
ويعد كتاب “مسبار الأمل ومشروع الإمارات لاستكشاف المريخ” مرجعا وطنيا شاملا للمشروع الإماراتي الرائد لاستكشاف المريخ ويضم الأسباب الكامنة خلف إرادة حكومة دولة الإمارات في تطوير قطاع الفضاء بأيد وخبرات إماراتية ليكون مسبار الأمل لاستكشاف المريخ أحد إنجازاتها وليس خاتمتها.
وفيما يلي نص مقدمة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي : “عبر مسيرة عمرها ألف عام قادت حضارتنا العربية والإسلامية العالم نحو آفاق علمية ومعرفية متنوعة وفتحت للبشرية أبوابا جديدة وأهدت للإنسانية نظريات واختراعات واكتشافات مذهلة أسست لمرحلة جديدة من التاريخ البشري.. ارتبطت العلوم في حضارتنا ببعضها فالفلك والكيمياء والرياضيات والطب وغيرها كلها كانت نتاجا لعقول نظرت للعالم من حولها نظرة متكاملة وأصبحت حواضرنا كغرناطة وبغداد ودمشق وغيرها منارات للعلم والمعرفة وأصبح علماؤنا كابن حيان وابن سينا وابن الهيثم والخوارزمي وابن ماجد وغيرهم أساتذة للبشرية لقرون عديدة.
نظر أجدادنا لنجوم السماء وكواكبها وانطلقوا في أعالي البحار تجارا وعلماء ومستكشفين ترافقهم تلك النجوم وترعاهم كواكب السماء وصولا لوجهاتهم.. نظروا للنجوم فعرفوا الفصول وتقسيماتها والشهور وانتظامها والمواسم وتقلبها وأكملوا ذلك بالنظر في العلوم الأخرى فقادوا مسيرة حضارية لم يعرف لها التاريخ مثيلا.. قادت النجوم أمجادهم واليوم حان الوقت لننظر مرة أخرى لتلك النجوم لبناء مستقبل أجيالنا.
تقلبت السنين والدهور واستمر شغف البشرية بالنظر للنجوم والتطلع للفضاء وفي الثاني من ديسمبر عام 1971 وصلت أول مركبة من صنع الإنسان لكوكب المريخ المركبة السوفييتية مارس 3، ليتم الإعلان عن بداية مسيرة علمية ومعرفية جديدة في تاريخ البشرية.
في نفس اليوم من نفس العام أعلن آباؤنا من دار الاتحاد عن قيام دولة الإمارات العربية المتحدة لتبدأ مسيرة مختلفة هي مسيرة بناء الإنسان الإماراتي ..وبعد خمسين عاما فقط في 2021 ستلتقي المسيرتان في نقطة تبعد عنا ما يقارب الـ 60 مليون كيلومتر.. ليضيف الإنسان الإماراتي لمسيرة المعرفة البشرية بعدا جديدا وزخما مختلفا وبصمة عربية.. لأن أحلامنا عظيمة وطموحاتنا تبدأ من السماء سننظر مرة أخرى للنجوم لبناء أمجادنا.
وتضمنت مقدمة الكتاب أهمية مشروع استكشاف المريخ لإثراء العلم في مجالات الجيولوجيا والجغرافيا والفيزياء والكيمياء وما سيكون له من دور في توفير بيانات جديدة للبشرية لأنه سيدرس مناخ كوكب المريخ على مدار اليوم في جميع المواسم بينما تقوم المسابير التابعة لمهمات الاستكشاف الحالية بأخذ لقطات ثابتة في أوقات محددة من اليوم.
من محمد بن موسى الخوارزمي وصولا إلى أسد البحار تناول فصل “نجوم السماء .. أحلام تراودنا ” مسيرة العلماء العرب والعواصم العربية التي ازدهرت في العصر الذهبي للعلوم الإسلامية في مجال علم الفلك واستخداماته في علم الملاحة.. بلا شك أن الماضي العريق المتأصل في الإنسان العربي كان محفزا لتأسيس مركز محمد بن راشد للفضاء على أيدي فريق إماراتي بالكامل والذي استطاع منذ إنشائه إطلاق قمرين للمراقبة الأرضية، والعمل على تصميم القمر الاصطناعي “خليفة سات” وتولي المهام الفنية والإدارية الخاصة بمسبار الأمل.
وينير فصل “من الاتحاد إلى أعماق الفضاء” ذهن القارئ بأهمية استثمار دولة الإمارات العربية المتحدة ما يقارب 20 مليار درهم في قطاع صناعات الفضاء بما يذكره من ارتباط وثيق بين الكثير من التقنيات والتطبيقات الضرورية لحياتنا اليومية والتقدم في الصناعة الفضائية.. فمن التصوير المغناطيسي إلى الكاميرات الذكية إلى تقنيات الطاقة الشمسية وغيرها من الاستخدامات التجارية التي لم تكن لترى النور لولا الإنجازات التي تحققت بسبب الاستثمار في علم الفضاء.
ويذكر الكتاب عددا من التطبيقات التي يتم تطويرها حاليا لنفع البشرية ومن ضمنها التعاون بين مركز محمد بن راشد للفضاء وبلدية دبي في تحديد أنماط امتداد الغطاء النباتي والعمل على توسيع رقعة المسطحات الخضراء في مدينة دبي.
وفي نظرة ثاقبة إلى الأعلى يتطرق فصل ” النظام الشمسي” لآخر ما توصل إليه العلم من الحقائق والفرضيات في تشكيل الأجرام السماوية.. ويبدأ الكتاب جولته من كوكب عطارد الذي يحوي ماء متجمدا في فوهات براكينه المظلمة رغم حرارته المتطرفة في النهار والتي تصل إلى 427 درجة مئوية وقربه من الشمس وحتى الكوكب القزم ” بلوتو ” الذي تم استبعاده من تصنيف المجموعة الشمسية مرورا بالثقب الأسود الهائل “الرامي أ” المتواجد في مجرتنا “درب التبانة” الذي يأسر كل ما يمر بجانبه والرياح الشمسية التي تتشكل من تطاير جزيئات مشحونة بسرعة 1,4 مليون كيلومتر في الساعة.
وتمت الإشارة في هذا الجزء من الكتاب إلى انضمام وكالة الإمارات للفضاء – التي تشكلت في يوليو -2014 لعضوية اللجنة الدولية لاستكشاف الفضاء بجانب 13 دولة أخرى.. وتهدف الوكالة إلى تنظيم قطاع الفضاء في دولة الإمارات العربية المتحدة.
ارتباط الإنسان بالسماء ومقدرته على رؤية الكوكب الأحمر الذي يعكس مساره بالعين المجردة شكلت دافعا قويا لشغفه بالمريخ، واهتمامه بالتعرف عليه وإطلاق المخيلة في الروايات والأفلام وتحليل الصور نحو وجود حياة على الكوكب.
وأشار الكتاب إلى أن تسمية “مارس” التي أطلقها الرومان والمتداولة حاليا ليست التسمية الأولى له حيث أطلقت الحضارات المختلفة أسماء لآلهة الحرب عندها على الكوكب.
وللمريخ قمران .. وتم التطرق في فصل “شغف الإنسان بالمريخ” لأشهر الفرضيات عن نشأتهما ما بين التصادم الذي دمر نواة الكوكب وفرضية جذبه لهما إلى مداره أثناء مرورهما قربه.. ويتعرض أحدهما “فوبوس” للتفتت التدريجي بسبب جاذبية المريخ.
رغم كون المريخ يتشابه في بعض الجوانب مع كوكب الأرض إلا أن بيئته غير صالحة للحياة لعدة أسباب منها غلافه الرقيق الذي يتكون معظمه من ثاني أكسيد الكربون ودرجة الحرارة التي تهبط إلى أقل من 63 درجة مئوية تحت الصفر في الليل وقلة جاذبيته وضغطه الجوي الذي يمنع القمم الجليدية من الذوبان بشكل سائل ويجعلها تتبخر في الأوقات الدافئة ويسبب نشوب العواصف الترابية الهائلة.
و يرسم الكتاب صورة متخيلة لطبيعة التنقل والوقوف على سطح المريخ – بافتراض إمكانية حدوث ذلك – من الحاجة للاستخدام الكثير لمرطبات البشرة وارتداء الملابس الواقية من الاشعاع الشمسي المباشر القاتل والصراخ بصوت عال عند التحدث.
وتعد فرضية تعرضه للاصطدام بجسم والذي غيره من كوكب دافئ ورطب إلى كوكب ميت هي الأقرب لتفسير انعدام تناسقه وتوقف غلافه المغناطيسي وتلاشي غلافه الجوي.
وذكر فصل “كيف يبدو سطح المريخ” في نهايته إعلان العلماء في عام 2015 عن اكتشاف دليل بوجود الماء بحالته السائلة بعد العثور على أملاح رطبه في خطوط تسمى “خطوط المنحدرات المتكررة”، والتي تعني أن هناك احتمالا لوجود كائنات حيه دقيقة على سطح المريخ.
وبالنسبة لدولة الإمارات فإن مشروعها لاستكشاف المريخ هو جانب من استراتيجية متكاملة لجعل علوم الفضاء قطاعا رئيسيا ضمن اقتصاد الدولة لما له من دور حيوي في تطوير العديد من الأنشطة الاقتصادية الأخرى مثل هندسة الاتصالات والبرمجيات، ومساهمته الواضحة في التحول إلى اقتصاد المعرفة وخلق العديد من الوظائف.
وام