نورة السويدي

القول إن حكومة الإمارات قد تجاوزت مرحلة السلبي والإيجابي في التعاطي مع قنوات التواصل الاجتماعي أصبح بلا شك من مؤكد القول ، ذلك أنها اليوم وبجدارة عالمية أصبحت في مرحلة تطويع وسائل التواصل الاجتماعي لأكثر من الإيجابي البسيط بل نحو الإيجابي المبدع والمبتكر، لتقفز بمفهوم التواصل الاجتماعي نحو المشاركة المجتمعية الفاعلة في رسم سياسات الدولة.

هي فلسفة التعاطي البناء مع كل ما تتيحه الحياة للناس، لتكون السباقة نحو استنهاض همم أفراد المجتمع في سبيل المشاركة الفاعلة في الأفكار والرؤى والطروحات عبر مواقع التواصل الاجتماعي الأقرب إلى أيدي الناس وأفكارهم، والأيسر إلى اختزال المسافات بين القيادة والشعب، وبين مختلف مسؤولي الخدمات ومن ستقدم لهم هذه الخدمات، في منظومة مجتمعية متكاملة تستفيد من الجميع لخدمة الجميع.

احتضنت دبي خلال الأيام القليلة الماضية قمة الحكومات الخليجية الرابعة للتواصل الاجتماعي تحت شعار «تسخير شبكات التواصل الاجتماعي لدفع الابتكار الحكومي وتطوير المدن الذكية» بمشاركة نخبة مميزة من قادة القطاعات الحكومية المتخصصة في المنطقة والعالم إلى جانب خبراء في وسائل التواصل الاجتماعي.. ولا شك أن استقطاب مثل هذا الملتقى الإبداعي الخليجي يبرهن ابتداءً من حيث هو على حجم العمل المخلص الذي تقوم به حكومتنا نحو المواطنين والمقيمين عبر بوابات التواصل مع الوزارات والمؤسسات الخدمية، في رسالة مختصرة واضحة مفادها أن العمل للناس لا ينتهي في فكر الحكومات المخلصة، وأن الإبداع في تسهيل حياة البشر أعلى مراتب الرقي الإنساني في الحكم والقيادة.

هذا الحرص الحكومي، وهو بلا شك ثمرة اهتمام وحرص صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بدا واضحاً من خلال محاور القمة الحكومية الخليجية، والتي توزعت بين الرعاية الصحية والخدمات المالية والموارد البشرية والتعليم والشؤون الخارجية والدفاع والحكومات المحلية والفدرالية، وكل ذلك تم بحثه من منظور دور وسائل التواصل الاجتماعي فيه، أو أثره في تطويره، أي أن هذا الملتقى، من خلال دوراته المتلاحقة، يؤسس باختصار لإشراك الناس بشكل مباشر في حل مشكلاتهم اليومية.

من هذه الزاوية يمكن فهم مبدأ التواصل الحكومي البناء مع المجتمع الذي تؤمن به دولة الإمارات، لأنها تثق بقدرة أبناء الدولة والمقيمين على أرضها في إبداء الرأي لتطوير مخرجات الوزارات والارتقاء بالخدمات، ولعل أبرز الأدلة على ذلك كما استشهد أحد المتحدثين في المؤتمر هو العصف الذهني الإماراتي الذي كان عبارة عن مبادرة تهدف لإشراك كافة مواطني الدولة عبر توظيف وسائل التواصل الاجتماعي في تجربة نموذجية غير مسبوقة أسفرت عن رسم سياسة تعليم جديدة شارك في اقتراحها أبناء الوطن جميعهم.

والأمثلة كثيرة على ذلك، والمبادرات المجتمعية أكثر من أن تحصى، فلم يعد هناك من داع لأن تقول الحكومة إن أبواب المؤسسات الخدمية مفتوحة أمام الناس، بل الواقع يقول إن تلك المؤسسات وخدماتها ومراقبتها والعمل على تطويرها واقتراحات الارتقاء بجودتها متاحة اليوم على مدار الساعة، ومن بيت كل فرد من أفراد المجتمع، ولا يحتاج سوى الرغبة الصادقة بخدمة مجتمعه، وتقديم النصح البناء له.

فالحكومة التي تستنهض همم الناس ليقدموا أفضل ما لديهم من إبداع وابتكار لتطوير دولتهم، تستحق من أبناء الوطن المقابلة بالمبادرات الإبداعية ليكون المستقبل أفضل لأجيالنا القادمة، ولا مكان للمتقاعسين عن خدمة وطنهم، ما دام الوطن يفتح أبوابه مشرعة لكل من يبغي الخير.
– البيان