محمد الحمادي

لقد كان يوم أمس من الأيام المميزة في دولة الإمارات، ليس لأننا افتتحنا مشروعاً جديداً أو برجاً أو مركزاً تجارياً، ولا لأننا سجلنا رقماً جديداً في موسوعة «جينيس» للأرقام القياسية، وليس لأننا حصلنا على المركز الأول في أحد مؤشرات التميز العالمية، بل لأننا فعلنا شيئاً أكبر من ذلك بكثير، فقد اجتمع مائة إماراتي في وسط صحراء دبي بمنطقة المرموم منذ الصباح الباكر من أجل تقديم أفكار خلاقة ومتميزة لعام القراءة في الإمارات الذي يصادف هذا العام بعد أن أعلنه صاحب السمو الشيح خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله.

بالأمس في خيمة كبيرة، اجتمعت تلك النخبة بحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في خلوة استمرت ساعات عدة، جلس فيها كتّاب وأدباء وإعلاميون وناشرون وأكاديميون وتربويون، بالإضافة إلى مسؤولين حكوميين وبعض ممثلي القطاع الخاص، الكل اجتمع كي يقدم خلاصة تجربته وأفكاره، وكم كان جميلاً أن بدأت الخلوة بكلمة للأستاذ الأديب الكبير محمد المر الذي كشف لنا عن بداية علاقته مع القراءة، ومع الكتاب في منتصف القرن الماضي، وكيف أن مشواره مع والده إلى السوق في دبي وبقاءه في المكتبة الوحيدة في دبي بانتظاره، ولّد عنده شغف القراءة، فلم يترك الكتاب منذ ذلك اليوم، وأصبحنا محظوظين بأن صار بيننا مثقف من طراز رفيع ومتميز نفتخر به دائماً، ونراه نموذجاً للمثقف الإماراتي الحقيقي.
وكعادة الأستاذ المر، فقد أعطى صورة بانورامية عن وضع الكتاب في الإمارات وتحديات القراءة، فوضع الأصبع على الجرح، وسلط الضوء على التحديات، لتبدأ الخلوة بعد ذلك بكل حماس، وتبدأ كل مجموعة عمل وضع الأفكار والاقتراحات التي سترى النور، وستحدث الفرق في دولتنا الحبيبة.

وما يجعل هذه الخلوة مهمة، أنها تأتي من منطلق إيمان القيادة بأهمية القراءة، ورغبتها في تحفيز المواطنين والمقيمين في الإمارات على النهل من معين المعرفة، ولم يحضر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الجلسة بمفرده، فإلى جانبه حضر سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، وتسعة وزراء من الحكومة، وحديث صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم مع المشاركين، دليل على حرص القيادة على إنجاح هذه المبادرة، ودعم الأفكار المتميزة لعام القراءة في 2016.

وما يجعلنا نعتبر يوم أمس مهماً أيضاً، هو أننا لو نجحنا -وسننجح- في تنفيذ الأفكار التي تم طرحها، فإننا سنتحول إلى مجتمع عربي قارئ، وإذا تحولنا إلى مجتمع يقرأ ويحب القراءة، فسنكون قادرين على بناء حضارة بعد أن نجحنا في بناء الدولة.

الاتحاد