عائشة سلطان
بإعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد عن أن دبي ستضم خلال فترة وجيزة من الآن المكتبة العربية الأكبر في العالم، وضعت يدي على قلبي امتناناً، وشكرت الله أنه لا يزال في الأمة من يؤمن بالكتاب والكاتب والمكتبة كثلاثي متناغم مع كل حركة الحياة والمجتمع. وإننا هنا في دبي كنا نرسل كل يوم رسالة تقدم وسلام وازدهار، فنضيف إليها بفضل هذا المشروع الثقافي رسالة تنوير وعلم وارتقاء. ماذا علينا اليوم إن قلنا بأننا حزنا المجد من جميع أطرافه؟ المجد.. نعم، وما المجد سوى نهضة تسري في عروق المجتمع، ورسالة تنوير يؤمن بها القائد والشعب وازدهار وسلام وتعايش ورفاهية.
لا نتعالى بما ننجز ولا نغالي، إذ نصف المكتبة الأكبر في المنطقة بأنها إنجاز تنويري؛ فهذه هي الحقيقة. فمع بداية فجر العام 2017 سنكون على موعد مع صرحٍ عظيمٍ لا وجود لمثيله في المنطقة. لا نتحدث عن ناطحة سحاب، ولا عن مركز تجاري، ولا عن تصدير أعظم شحنة نفط، ولا عن إنشاء أكبر شركة عقارية في العالم. لا نتحدث عن منجزات مدنية؛ لأننا تجاوزناها. نحن اليوم نتحدث عن منجز حضاري من الطراز الرفيع، 8 مكتبات متخصصة على مساحة مليون قدم مربع، ستضم 1.5 مليون كتاب عربي، ومليون كتاب صوتي، ومليوني كتاب إلكتروني.
إن الأمر لا يقتصر على البناء المهول الذي سيتموضع على ضفاف الخور مكمن الحياة وروح الإنسان وماضيه وحاضره في دبي. نحن نتحدث عن المضمون، عما ستحويه المكتبة، وعما ستقدمه وتخدمه وتعلي من شأنه، على امتدادات المكتبة لتكون مظلة الجميع، جميع الناس، جميع الشرائح الاجتماعية، جميع الأعمار وجميع الناطقين باللغات العظيمة، ولا عذر إذن لأحد حين سينفتح موضوع القراءة والكتب!
حكاية دبي مع المكتبات والعلم ليست جديدة ولا طارئة. دبي ليست محدثة علم أو ثقافة أو ثراء. وكما لعب الأمراء المتنورون في المدن الإيطالية في القرون الوسطى دوراً رئيساً في نهضة تلك المدن ونهضة أوروبا، فإن أثرياء دبي لعبوا الدور نفسه منذ عشرينيات القرن الماضي. وها هو الحاكم المستنير محمد بن راشد آل مكتوم يقولها بوضوح: «بيننا وبين العالم فجوة معرفية واسعة، ولا خيار لنا سوى أن نعبر هذه الفجوة بأسرع ما يمكن»، ولكن بأكثر الوسائل قوة وديناميكية ورسوخاً: الكتب والمكتبات والقارئ المستنير.
– البيان