اهتدى ثلاثة من خريجي كلية الهندسة بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا بعد تجريب وتمحيص وبحث الى ابتكار مشروع يصب في صالح البشرية، وفي الوقت ذاته يعد مشروعا للتخرج، ومن خلال بحثهم عن المشروع المناسب توقفوا عند فيديو يعرض سيارة يقودها كفيف، فاستوحوا الفكرة منه، وعقدوا العزم على اختراع جهاز يساعد المكفوفين في التحرك حول البيئة الداخلية التي يعملون ويعيشون فيها دون عوائق أو اعتماد على الآخرين، وبتكلفة مادية لا تتجاوز 1700 درهم حتى يكون في متناول أصحاب الدخل المحدود من المكفوفين، فكان لهم ذلك في عام التخرج، فاهتدوا إلى ابتكار (المرشد الذكي) الفائز بجائزة الإمارات للروبوت والذكاء الاصطناعي لخدمة الإنسان، والتي تبلغ قيمتها مليون درهم.

يقول أحمد محمد علي تخصص هندسة كهربائية بكلية الهندسة في جامعة عجمان خريج دفعة (شكراً خليفة) إن نظام المرشد الذكي للمكفوفين هو عبارة عن نموذج أولي لنظام قابل للحمل والتنقل وسهل الاستخدام يهدف إلى مساعدة المكفوفين في البيئة الداخلية (داخل المبنى) للحركة بسهولة وتجنب العوائق بشكل سلس من مسافة تصل إلى 5 أمتار، وكذلك إرشاده إلى وجهة محددة بحيث يتمكن من الوصول إلى داخل المبنى دون الحاجة إلى مساعدة الآخرين، لافتا إلى أن المشروع شارك فيه المهندسان عبد الله محمد علي ومنذر الشهابي، وقد تمت استشارة خبير الروبوتات الدولي المهندس محمد الشامسي، الذي أصبح عضوا في الفريق، بالإضافة إلى أحمد كريم، وهو كفيف تعاون مع فريق العمل، حيث تمت تجربة الجهاز عليه للحصول على أفضل النتائج لخدمة المكفوفين.

وأوضح أحمد بأن دراسة الهندسة والتخصص في مجال كهربة الإلكترونيات مكنه من أن يفتتح شركة خاصة به لبيع قطع غيار الإلكترونيات، كما أن الدراسة بالكلية أكسبته مهارات عديدة أبرزها تصميم وتحليل الدائرة الإلكترونية، وانه يرغب في أن يكمل مسيرته الدراسية ونيل الماجستير في مجال الهندسة الإلكترونية، مبينا في الوقت ذاته أن الفوز بالجائزة والتي قدرها مليون درهم سيمكن الفريق من تطوير المشروع من خلال تصغير حجمه وربطه بالهاتف الذكي، وعمل إضافات تتيح للكفيف قراءة النصوص المكتوبة والتمييز بين الألوان ووجوه الأشخاص.

من جهته يقول عبدالله محمد علي خريج هندسة الإلكترونيات بكلية الهندسة بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا (2014) إنه ينوي إكمال دراسته في مجال الذكاء الاصطناعي، لافتا إلى أن (المرشد الذكي)، يهدف إلى مساعدة المكفوفين للاعتماد على أنفسهم في التنقل بدلاً من انتظار مساعدة الآخرين وخاصة في المؤسسات التعليمية وأماكن العمل وبالتالي تعزيز ثقتهم بأنفسهم ما يساعدهم على الانخراط في المجتمع ليكونوا أفرادا مساهمين وفعالين فيه، إضافة إلى توفير وسيلة فردية للتقليل من تكلفة التجهيزات الخاصة بالمكفوفين في المؤسسات التي توفر مرافق خاصة مثل المسارات وخلافها، وبأقل تكلفة نسبيا يسهل شراؤها وتحتوي على ميزات عديدة مقارنة بالوسائل الأخرى المتوفرة حاليا.

وأضاف عبدالله أن ما يميز هذا النظام عن غيره من الأنظمة المتوفرة حاليا في الأسواق هو مرونة التطوير، حيث إن القطع المستخدمة فيه متوفرة في الأسواق وتحتوي على ميزات عديدة وأسعارها غير مكلفة، كما أن هذه المرونة تمكن المطورين من إضافة ميزات جديدة أو التطوير على ميزات سابقة للنظام، وذلك عن طريق الإضافة على الجزئية البرمجية للنظام، لافتا إلى أن القطعة الرئيسية في هذا النظام تستخدم بالأساس في الألعاب، وهي عن حساس للحركة يسمى كينيكت (Kinect) يستخدم في ألعاب Xbox المعروفة، فتم الاستفادة منها لتطوير نظام مفيد للمجتمع.

ويقول الخـــريج منذر محمد الشهابي والذي يعمل مساعد تدريس بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا تكلفة النظام كنموذج أولي لا تتجاوز 1700 درهم، في حين أن سعر البيع لنظام بسيط يساعد المكفوفين على تجنب العوائق فقط باتجاه واحد وذي ميزات أقل ولا يحتوي على نظام إرشاد، وهو من النوع الذي يستخدم الحساس فوق الصوتي، قد يصل سعره إلى 4500 درهم، كما أنه عند بداية تشغيل الجهاز تمت تجربته على عدة أشخاص مغـــمضي العينين للتجول في مكان يألفونه، فاستطاعوا تجنب العوائق بسهولة وتمكنوا كذلك من الانتقال من منطقة إلى أخرى والوصول إلى الوجهة المطلوبة دون مساعدة الآخرين، ومن ثم تمت تجربته على الكفيف أحمد كريم وهو المنسق في جمعية الإمارات للمـــــعاقين بصريا في الشارقة والذي أبدى إعجابه بالمشروع وببعض الملاحظات التي ساهمت في عملية تجويد النظام.

وأوضح أن نظام المرشد الذكي للمكفوفين والذي أشرف عليه البروفيسور مستحسن مير رئيس قسم الهندسة بكلية الهندسة بجامعة عجمان ينقسم إلى قسمين رئيسيين، هما نظام تجنب العوائق ونظام الإرشاد، ويعمل نظام تجنب العوائق من خلال مجموعة من 5 هزازات، 4 منها يتم لبسها كحزام على الخصر، وواحد مثبت على الخوذة، وأن مهــمة تلك الهزازات تنبيه المكفوف إلى وجود أي عائق في اتجاه سيره الأمر الذي يمكنه من تحديد اتجاه العوائق مـــن خلال الهزازات الخمسة، حيث إن كل هزاز يعمل بشكل منفصل عن الآخر ويكون مسؤولاً عن تحديد أحد الاتجاهات الخمسة المحتملة للعوائق، بالإضافة إلى ذلك فإن الهزاز المثبت على الخــــوذة يساعد المكــفوف على تحديد المسافة التقريبية للعائق، حيث يعمل الهزاز على تغيير تردد اهتزازه حسب المسافة الفاصلة بينه وبين العائق.

ولفت إلى أن نظام الإرشاد يعتمد على وضع أكواد مطبوعة على ورق عادي حجم A4 في أماكن مختلفة في المبنى، حيث يلتقط النظام هذه الأكواد من مسافة تصل لـ5 أمتار، ثم يعطي تعليمات صوتية للمكفوف عن طريق سماعات الرأس تحدد المنطقة الحالية التي يقف فيها المكفوف، وتحدد له كذلك الاتجاهات والأماكن المحتملة التي يمكنه أن يسلكها، كما تزوده بأسماء المكاتب والأماكن مثل الدرج، الحمام وخلافهما، مبينا أنه تم تزويد النظام ببوصلة إلكترونية تمكن المكفوف عند القيام بضغطة زر في أي وقت أن يعرف اتجاهه بشكل دقيق ما يساعده على تصحيح مساره عند انتقاله إلى الوجهة المرغوبة.

يسعى الطلبة إلى تطوير النظام حتى يمكن استخدامه في البيئة الخارجية (خارج المبنى) وكذلك تطوير نظام الإرشاد ليصبح نظام ملاحة يمكنه تحديد مكان المكفوف بدقة داخل المبنى، لافتين إلى انهم شاركوا بالمشروع في عدد من المسابقات والمؤتمرات وحصلوا على المركز الثالث في منافسات الدورة الثامنة من يوم IEEE لطلبة الجامعات الإماراتية (2013) التي أقيمت في جامعة الشارقة، إضافة إلى فوز المشروع بالمركز الثاني في فعالية مبتكر 2014 من بين أكثر من 160 مشروعا، والمركز الأول في الفئة الوطنية في جائزة الإمارات للروبوت والذكاء الاصطناعي.

البيان