عائشة سلطان

حظيت الحكومة الأخيرة التي شكلها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، باهتمام إعلامي ومجتمعي كبير داخل الإمارات وكذلك عربياً، فنالت ألقاباً عديدة منها وزارة الشباب، وزارة المستقبل، الحكومة الثورية، حكومة المواطن وحكومة السعادة، وشكلت مادة دسمة لتقارير إخبارية واستطلاعات رأي عبرت عن مشاعر وتوجهات مختلفة ومتناقضة، إيجابية في بعضها وسلبية في البعض منها. كثيرون تمنوا أن يكونوا مواطنين في بلد تفكر حكومته في إسعاد مواطنيها إلى درجة تعيين وزيرة شابة تقع على عاتقها مهام تحقيق سعادة الناس !

وأن يتفاوت الناس في تقييمهم للخطوات والقرارات غير المألوفة التي يتخذها قادة معروفون بمبادراتهم الخلاقة والاستباقية، فذلك أمر اعتاد عليه الناس في كل مكان. فما بالنا بالدول العربية التي يمتاز سكانها بذهنيات تحبذ المألوف والاعتيادي والمستنسخ، مجتمعات اعتادت أن تربي أبناءها على السير في خط مستقيم ومتناغم مع السرب، بمعنى أنها مجتمعات تتربى داخل الأسرة وفي المدرسة ومؤسسات العمل المختلفة على أن ترى ما يراه القطيع، وأن تفكر كما يفكر الآخرون وألا تنظر لأبعد من أقدامها، الابتكار غير وارد والتغيير مخيف، وعليه فالنتيجة الحتمية هي البقاء في الماضي، بل وعبادته والحفاظ عليه بالروح والدم، كما هي الحال في الكثير من الدول العربية !

ما يهمنا أن معالي الوزيرة التي أدت اليمين وتولت مهامها وزيرة للسعادة عليها منذ الآن وصاعداً أن تظهر كثيراً في الإعلام مبتسمة وهادئة، تقول للناس مهامها ووظيفتها وحدود صلاحياتها، فتبث فيهم طاقة إيجابية توحي بالسعادة وبالرضا حتماً، فندعو الله لها بالتوفيق في مهامها هي وبقية أركان الحكومة التي تشرفت برضا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد.

بالنسبة لوزارة السعادة فقد سألتني صديقة: وماذا ستفعل الوزيرة لتجعل الناس سعداء؟ سؤال مهم وجوهري، لأنه سؤال من صميم ماهية مهام الوزيرة؟ وكيف يمكن تعريف أو تصميم المواطن السعيد بحسب المعايير العالمية؟ وفي حال وجود مواطنين غير سعداء كيف يمكنهم التواصل مع وزارة السعادة؟ هذه أسئلة طرحت أمامي في جلسة نقاش عامة، وقد أجبت انطلاقاً من تعريفي للسعادة دون أن أتطرق للنواحي الوظيفية والإدارية فهذه مهمة معالي الوزيرة!

السعادة تختصر عادة في مفهوم الرضا، والإنسان عادة ما يتحقق له الرضا إذا أمنت له احتياجاته الأساسية، وشعر بالأمان والتقدير وتحقيق الذات، ومن هنا فلا يجوز لشخص أمنت له الدولة كافة احتياجاته أن يسأل عن السعادة لأنه يعيشها فعلاً، أما من يواجه أمراً ينتقص من حقوقه واحتياجاته الأساسية ويمنعه من الشعور بالرضا في بلده، فأظن أن وزيرة السعادة ستفعل ما في وسعها لتعديل الوضع بما فيه المصلحة العامة! إن المجتمع السعيد هو المجتمع الراضي، والرضا يتحقق بتوفير الحقوق والاحتياجات، وهذا بالنتيجة يقود حتماً لعلاقة انتماء قوية بين المواطن ووطنه!

البيان