د. فاطمة الصايغ

لا يسع الناظر الى المتغيرات التي تحدث على الساحة الإماراتية على صعـيد تمكين المرأة الإماراتية الا القول إن المرأة في الإمارات قد دخلت عصرا جديدا، عصرا تحققت فيه الكثير من آمالها وطموحاتها وباتت تنظر الى المستقبل بعين الثقة واليقين.

وفي واقع الأمر فإن هناك ثلاثة عناصر رئيسة هي التي ساعدت المرأة الإماراتية في تحقيق تلك القفزة وهي: ذهنية وعقلية المرأة الإماراتية نفسها، دعم القيادة السياسية لها، وسرعة تقبل المجتمع الإماراتي لتمكين المرأة وادماجها في الفضاء العام. هذه العناصر الثلاثة تلاقحت واسفر عنها كل تلك المتغيرات غير المسبوقة التي حققتها المرأة الإماراتية.

تختلف عقلية المرأة الإمــــاراتية عن غيرها من نساء العالم في أنها عقلية جبلت على تحدي الصعاب وعبور العوائق الاجتماعية ليس بتحديـــها ولكـــن بتطويعها لصالحها وجعلها تقف معها وليس ضدها.

ولكي نعرف حجم التغير الذي حققته المرأة ننظر الى اعوام ما قبل الاتحاد عندما كانت امية المرأة حـــوالي 99% ونسبة مشاركتها في الحياة العامة محدودة إن لم تكن هامشية. ومنذ بداية الاتحاد عملت المرأة على تسليح نفسها بالعلم اولا وبالمهارات اللازمة لسوق العــــمل ثانيا.

هـــذا الامر ساعدها في اكتساب المعرفة والتجربة والاطــلاع على قضايا المجتمع والتعامل معها بإيــــجابية. وبيــــنما مرت بعض النساء العربيات بعوائق اجتماعية منها قضية حجاب المرأة وقضية الاختلاط وغيرها من القضــــايا النسوية لم تر المرأة الإماراتية في هذه القضايا قضايا جوهرية ولم تدخل في صراع معها بل تماهت معها لتكون هذه القضايا لصالحها وليس ضدها.

فقد دخلت المرأة الإماراتية مجالات كثيرة متسلحة ليس فقط بعلمها وخبراتها بل أيضا بحجابها وزيها التقليدي الامر الذي دعم وجــــــودها لاسيما وأن الإماراتية نظرت للقيم والتقاليد ليس بكونها عائقا ولكن كونها شيئا يميزها عن غيرها. وهكذا تميزت الإماراتية وعرفت أينما كانت بأنها امرأة محافظة في مظهرها وقيمها حداثية في أفكارها ومهاراتها.

من جانب آخر حظيت المرأة الإماراتية بدعم لامحدود من قبل قمة الهرم السياسي. ويحق لها أن تفخر بأن جزءا كبيرا من انجازاتها ومما حققته ما كان ليتحقق لولا ذلك الدعم الكبير الذى ابداه صناع القرار وتلك الجدية تجاه قضية تمكين المرأة. جدية صناع القرار ودعم القيادة المتواصل كان البوصلة الذي حرك تمكين المرأة ووضعها في مسارها الصحيح.

فخلال ســـنوات العقود الماضية كان للدعم المتواصل الذي اظهره صناع القرار تجاه اشراك المرأة في الحياة العامة وتجـاه اشراكها في عملية صنع القرار السياسي دور كبير في دعم مســـيرة المرأة تلك المسيرة التي سبقت بها غيرها من نساء الخليج والوطن العربي. فنسبة تواجد المرأة في مجلس الوزراء ونسبة تواجدها في المجلس الوطني ما هو الا انعــــكاس لتلك الجدية من قبل صناع القرار.

العنصر الثالث الذي ساعد المرأة وعزز من قضية تمكينها ووقف الى جانبها لتجتاز عددا من العقبات الاجتماعية هو المجتمع وتقبله لدورها الجديد. فمن المعروف بأن المرأة الإماراتية على عكس بعض النساء وجدت من التشجيع المجتمعي الشيء الكثير.

فقد أذهل مجتمع الإمارات المحافظ المراقبين لتقبله المتغيرات الكبيرة التي طرأت ضمن اطاره وتطويعه لتلك المتغيرات لتكون رصيدا له عوضا عن مقاومتها أو النظر لها على اساس أنها متغيرات دخيلة.

ومن ضمن المتغيرات التي تقبلها سريعا هي دخول المرأة الحياة العامة ومشاركتها بقوة في القرار العام. دعم المجتمع وخصوصا الرجل وتقبله لوضع المرأة الجديد دعم من مكانتها وعزز مسيرتها مع إعطائها الثقة لكي تنطلق الى الامام دون عقبات.

تلاقي هذه العناصر الثلاثة معا عزز من دور المرأة الإماراتية في الحياة العامة وجعلها تنطلق عاليا في الفضاء تسابق نظيراتها من نساء المنطقة. فكانت الإماراتية من أوائل من تقلد منصبا وزاريا ومن أوائل من وصل الى القضاء والى عضوية البرلمان ومن ثمة الى رئاسة البرلمان.

وقد لبت تشريعات الدولة وقوانين الدولة طموحات المرأة الإماراتية كما وقف المجتمع بكافة اطيافه وراءها يدعمها ويساعدها في الوصول الى ما وصلت اليه.

إن المــرأة الإمــــاراتية التي وقفـــت شامــــخة تؤدي اليميــن الدستــــــورية أمام قـــيادة الإمارات عازمة كل العزم على اكمال المسيرة التـــــي بدأتـــها مع قيام الاتحاد فالمسيرة المتواضعة التي بدأت قبل حوالي أربعة عقود ونيـــف قد ترسخـــت واصبحت تجربة متكاملة تبهر المراقبين لها. فهـــــنيئا لابنة الإمارات العهد الجديد الذي دخلته.
– البيان