علي أبو الريش

«لا مستقبل للمنطقة من دون إعادة إعمار فكري ترسخ قيم التسامح والتعددية»، كلام يرسخه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، يدخلنا في منطقة خضراء معشوشبة بقوة المعنى وعمق الدلالة، كلام يدفع بالإرادة الإنسانية نحو بناء ثقة الإنسان بالإنسان وقبلها ثقة الإنسان بنفسه، الأمر الذي يجعل الفكرة وعاء مشبعاً بالسعادة والانشراح.

كلام سموه منهاج عمل وبرنامج خطوات متئدة نحو المستقبل، مستقبل الأوطان التي تريد أن تواكب المسيرة الحضارية وتلون التاريخ بحروف من خضرة النخلة الوارفة وعذوبة الرضاب النبيل، وفي هذا المقال يفتح سموه نافذة نحو فضاء العقل، نحو بساتين الفكرة المبجلة ويثري المتتبع بمشاعر تحررت من أفكار ما عادت تلائم عصر العالم الواحد والفكر المتقد، والعاطفة الجياشة، وأمام هذا الكلام نحن نكون قد تجاوزنا ضفة النهر ووصلنا بأفكارنا إلى الضفة الأخرى، الطرف الآخر الذي تقطنه طيور المحبة مملوءة بالطموحات والدوافع النبيلة. فلابد من إعمار الفكر، لابد من إعادة صياغة الأفكار وتشكيلها من جديد، فالنسيج الإنساني متغير ومتطور، ما يجعل من الضرورة تغيير الأفكار لما هو في خدمة المجتمع والارتقاء بالإنسان ووضعه في المنطقة الصحيحة من الإنتاج والإحساس بقيمة وجوده. دول المنطقة خلال السنوات القليلة الماضية مرت بطفرات غيرت المعالم والملامح بسبب عدم فهم في قراءة التاريخ والاستفادة من دروسه، وما يدفع به سموه هو القراءة الصحيحة والتمعن والتبصر والتدبر بما يحدث من حولنا، واستثمار هذه الأحداث وتجاربها لمصلحة بقائنا كشعوب ولنصالح تطور أوطاننا وثباتها عند مناطق الأحلام الرائعة.

البلدان العربية التي تكاد أن تتلاشى وتندثر كان السبب في ذلك هو تجمد الأفكار والفجوة الواسعة ما بين الواقع والرغبات، الأمر الذي أوجد هذا الضمور المريع.

الإمارات تقف بين الصفوف باستثنائية مدهشة لأنها تحظى بقيادة ملهمة سبقت زمان غيرها وتجاوزت حدوداً لم يستطع الآخرون تجاوزها، لذلك يحق لنا أن نقول لجيلنا القادم ألف مبروك لأن المستقبل الذي تنتظرونه سيكون أكثر تألقاً وإشراقاً لأن لديكم قيادة تستشرف المستقبل بعقلية تتجاوز العقبات والكبوات بخطوات واسعة ونظرات تطوق التضاريس برموش أثمدها بريق النجوم. نقول للجيل الجديد عليك فقط أن تثابر وتجد وتجتهد وفرص الارتقاء إلى درجات العلا متاحة بيسر وسهولة، لأن ما تفكر فيه القيادة هو فتح النوافذ والأبواب وفرد أشرعة السفر إلى الأمام عبر الزمن وخلال هذا السفر يصبح الإنجاز الشخصي إنجازاً للوطن وإثماراً تستفيد منه الإنسانية.

نقول للجيل الجديد، ولكن لا إبداع إلا بالتسامح لأنه مفتاح القواسم المشتركة التي تجمعنا والآخرين.. التسامح الماء العذب الذي منه تتشبع جذور الشجرة.. فتنمو وتكبر وتثمر.
– الاتحاد