سامي الريامي

تقديم المساعدات الاجتماعية للفئات المستحقة واجب من واجبات الدولة، لن تتخلى عنه يوماً، ولن تبخل الحكومة في صرف الملايين، مهما كان عددها، لضمان حياة كريمة للمسنين والأرامل، والفئات التي تثبت حاجتها إلى الضمان الاجتماعي والمساعدة الشهرية، مهما كان عددهم، وطوال فترة بقائهم ضمن هذه الفئة.

لكن هذا الدور الحكومي، وهذا الواجب الذي لن تتنصل منه الحكومة يوماً، ولن تتخلى عن التزاماتها تجاهه، يجب أن يختصا بالفئات ذات الاستحقاق الفعلي، التي ليس لها مورد مالي آخر، ولا تستطيع العمل للحصول على مورد مالي ثابت، حتى لا تتشتت الجهود، وتضيع الحقوق، ويذهب مال من يستحق إلى من لا يستحق، وتتضخم بيانات الضمان الاجتماعي بحالات يمكنها العمل وتوفير مصدر دخل جيد لنفسها، مقابل وجود حالات أخرى أكثر حاجة إلى هذه المساعدة، إنه أمر بديهي ومنطقي!

ومع كونه أمراً بديهياً ومنطقياً، إلا أن الواقع مملوء بحالات غير منطقية، وفئات تحصل على المساعدة الحكومية الشهرية، في حين أن كل المؤشرات تؤكد استطاعتها العمل، والحصول على مورد مالي جيد، بل إن الواقع الحقيقي أكد وجود حالات رفضت الحصول على وظيفة حكومية، مفضلةً الحصول على المساعدة الشهرية!

إحصاءات وزارة تنمية المجتمع كشفت أن عدد المواطنات (فتيات غير متزوجات، ومطلقات دون سن 35 عاماً)، المسجلات على قوائم مساعدات الضمان الاجتماعي، بلغ 713 في الفئة الأولى، و1326 في الفئة الثانية، هذه الحالات تمثل 7% من إجمالي الحالات المسجلة في قوائم الضمان الاجتماعي!

والمشكلة أن هذا النوع من الحالات يسجل زيادة سنوية دورية، تضاف إلى بقية الفئات التي تتلقى قيمة الضمان الاجتماعي من الوزارة، والبالغ عددها 20 فئة، ما يمثل عبئاً مالياً، يضاف بشكل دائم إلى الميزانية الحكومية!

العبء المالي الحكومي أمر ستتحمله الحكومة لفترة، لكن إن كان بالإمكان معالجة الخلل، وتوفير مبالغ من هذه الميزانية لزيادة دعم فئات أخرى أكثر حاجة، فإن الأمر يصبح حتمياً وضرورياً للتحرك في هذا الاتجاه، خصوصاً إن عرفنا أن معظم هؤلاء الفتيات يحملن مؤهلات جامعية، وبعضهن يحملن درجة الماجستير، لكنهن يفضلن الحصول على مساعدة مالية شهرية، لا تتجاوز 5000 درهم، ويرفضن وظائف في القطاع الحكومي والخاص، تبدأ رواتبها من 9000 درهم!

إنه ليس كلاماً مرسلاً، بل هو حقائق مثبتة في كشوفات الوزارة، وهذا المبلغ (5000 درهم)، الذي قد يراه البعض زهيداً، ولا يستحق أن نطرحه كقضية، هو ليس كذلك، وبصرف النظر عن القيمة المالية، هناك قيم أخرى تتمثل في العمل، وخدمة الوطن والمجتمع، وعدم الاتكالية، وحاجة الدولة إلى كل الطاقات المنتجة من الشباب والفتيات، والتي يجب أن يتحلى بها جميع المواطنين القادرين على العمل.

ومن المنظور المالي، فإن هذا المبلغ الزهيد في أعين البعض، يبلغ – بعد ضربه في عدد الحالات – أكثر من 122 مليوناً و340 ألف درهم سنوياً، ومن دون شك لو تمت إعادة صرف هذا المبلغ على الحالات الأكثر استحقاقاً، فإن أموراً كثيرة ستتغير لصالح تحسين حياتهم، ورفع مستوياتهم المالية، وتوفير رعاية أفضل لهم، واهتمام وتركيز أفضل عليهم من قبل الوزارة!

لا نهدف هنا بالتأكيد إلى وقف المساعدة الشهرية عن هؤلاء الفتيات، وهذه الفئة تحديداً بشكل فوري، لكن لابد من صيغة مناسبة، مثل صرف المبالغ لفترات محددة، لإعطائهن فرصة البحث عن الوظيفة، ووقفها فوراً عمن ترفض الوظيفة التي قدمتها الحكومة لها، لابد من حلول أخرى غير استمرارية صرف الأموال لهن مع قدرتهن على العمل، هذا أمر يجب ألا يقبل به أحد!

الامارات اليوم