تعد العنصرية ظاهرة تاريخية معقدة، تلقي بظلالها على المجتمع الأميركي ولكنها باتت متسارعة الوتيرة في الأونة الأخيرة بعد انتخاب باراك أوباما كأول رئيس أسود في تاريخ البلاد عام 2008.
فالحادثة الأخيرة، التي قتل على إثرها 5 من رجال الشرطة الأميركية في مدينة دالاس بولاية تكساس برصاص قناصة، تعد واحدة من أسوأ حوادث إطلاق النار على الشرطة في تاريخ الولايات المتحدة.

وإطلاق النار جاء خلال الاحتجاجات التي جرت في وسط دالاس، وهي واحدة من عدة احتجاجات شهدتها مدن كبرى في أنحاء الولايات المتحدة احتجاجا على عنف الشرطة الأميركية ضد المواطنين السود.

إذ ساهم استخدام الشرطة للقوة مع مواطنين من أصل إفريقي في مدن مثل فيرغسون بولاية ميزوري وبالتيمور ونيويورك في تأجيج حالة الاحتقان واندلاع احتجاجات شابها العنف أحيانا في العامين الأخيرين وأدى لظهور حركة “بلاك لايفز ماتر” أو (حياة السود مهمة).

وزاد الغضب عندما برئت ساحة بعض من وجهت لهم التهم من ضباط ضالعين في هذه الأحداث.

ووقع إطلاق النار في وقت شهد أيضا احتجاجات سلمية إلى حد بعيد في مناطق متفرقة من الولايات المتحدة على مقتل مواطن أسود آخر برصاص الشرطة في مدينة منيابوليس في وقت متأخر الأربعاء.

ونشرت صديقة القتيل الذي يدعى فيلاندو كاستيل (32 عاما) مقطع فيديو على الإنترنت للمشهد الدامي بعد الواقعة بلحظات، وحظي الفيديو بنسبة مشاهدة مرتفعة.

إلا أن الرئيس الأميركي باراك أوباما يرى أنه لا يوجد أي مبررات ممكنة لهجمات دالاس الأخيرة، أو أي عنف يمارس ضد سلطات إنفاذ القانون في البلاد.

وتظهر الأحداث الأخيرة التي وقعت في المجتمع الأميركي أن ظاهرة عنف الشرطة الممارس على السود لها جذورها وخلفياتها.

فبرغم أن الرئيس الحالي هو أسود، لكن معظم الأميركيين السود يعانون حاليا من سوء الأحوال الاقتصادية أكثر مما كانوا عليه قبل 20 عاما، وهم مهمشون في جميع مجالات الحياة.

ورصدت المؤشرات الأخيرة ارتفاعا في نسبة البطالة بينهم زادت خلال عقود إلى ضعف نسبتها بين البيض، في حين أن نسبة السود الفقراء أكثر بثلاث مرات من البيض، كما أن الاعتقالات والعقوبات في أوساطهم أكثر من التي تجرى على بيض البشرة.

وقد تحدث سابقا المحلل السياسي الأميركي، جيمس زغبي، قائلا: “في غضون العام الأول من رئاسة أوباما زاد عدد جماعات الكراهية التي تعمل داخل الولايات المتحدة بنسبة تزيد على 40 في المائة، وحدثت قفزة مأساوية في جرائم الكراهية ضد الأميركيين السود”.

والمراقب لمسار الانتخابات الأميركية، يجد حالة من التنامي في ظاهرة العنصرية وإن كانت في حق المسلمين من تصريحات تصدر من مرشح الحزب الجمهوري، دونالد ترامب بحق المسلمين أو أقليات عرقية أخرى، ما تسبب في حالة من العنصرية شابت المجتمع ضد مسلمي أميركا.

وعززت من هذه الحالة العنصرية المتفشية حوادث مثل حادثة “سان برناردينيو” بولاية كاليفورنيا و”مذبحة أولارندو” بولاية فلوريدا.

فالعنصرية والتمييز العرقي في الولايات المتحدة قضية رئيسية منذ الحقبة الاستعمارية وحقبة الرقيق، إلا أن تنامي العنصرية والكراهية ضد السود في السنوات الأخيرة يعد ارتدادا عن الديمقراطية ويمثل تهديدا لقيم المجتمع الأميركي، بحسب رأي الكثير من المراقبين.

سكاي نيوز