د. فاطمة الصايغ
يصادف يوم 28 أغسطس يوم المرأة الإماراتية ويعد تقليداً جميلاً ويوماً مشهوداً في تاريخ دولة الإمارات لأنه يحتفي بصانعة التغيير. اختيار هذا اليوم لم يأت عبثاً.
هذا اليوم يصادف ذكرى إنشاء الاتحاد النسائي العام قبل أكثر من 40 عاماً وهو الاتحاد الذي وحد جهود الجمعيات النسوية وجمعها جميعاً تحت مظلة واحدة، وقد لعبت سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، حرم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان، دوراً محورياً في إنشاء وتأسيس هذا الاتحاد وفي جمع الجهود المبعثرة للجمعيات النسوية في الدولة تحت غطاء واحد بحيث يتحدث باسم المرأة الإماراتية في المحافل الدولية.
يحق للمرأة الإماراتية أن يخصص لها يوماً احتفاءً بإنجازاتها، فهي كنساء العالم حققت الكثير من المنجزات في زمن قياسي ولكنها تختلف عن نساء العالم أنها حققت ذلك دون أن تدخل في صراع لا مع مجتمعها وتقاليده وعاداته ولا مع قيادتها والتي وقفت إلى جوارها تعاضدها في كل الأوقات والظروف، والمدهش أن القيادة السياسية كانت هي البادئ دوماً في تحسس احتياجات المرأة الأساسية سواء الوظيفية أو الاجتماعية، فسنت لها التشريعات المناسبة ووضعت لها القوانين التي تحميها أسرياً ومهنياً، فالإمارات هي من الدول القلائل في المنطقة والتي سارعت إلى سن القوانين والتشريعات التي تحمي المرأة والطفل وتوفر لهما الغطاء التشريعي والقانوي الذي يحميهما ويوفر لهما الأمن والأمان.
لم تأل المرأة الإماراتية جهداً في الارتقاء بقدراتها وخبراتها المهنية والعملية أو بوظائفها المجتمعية الأخرى، فوقفت إلى جانب أخيها الرجل في كل المجالات تقدم كل ما لديها من تجربة عملية وخبرة مجتمعية في حب الوطن بما فيه فلذة كبدها، فقدمت أم الشهيد ولدها للدفاع عن الوطن راضية ومستبشرة بأنه عندما يرتقي ولدها الشهيد أنما يرتقي لتبقى مبادئ الوطن وقيمه خالدة، ولقد ضربت أم الشهيد وزوجته وابنته وأخته أروع الأمثلة في حب الوطن.
من جانب آخر ضربت المرأة الإماراتية أروع الأمثلة في خدمة الوطن سواء في الخدمة العسكرية بكل مساراتها أو في المهن الأخرى التي تتطلب الجهد والتضحية والعمل الجاد الصبور كالطبابة مثلاً، وخلال العقد الأخير أصبح دور المرأة محورياً في السياسات العامة لدولة الإمارات وحصلت على العديد من الفرص المهنية بالإضافة إلى وصولها إلى العديد من المراكز القيادية، ويمكن أن يكون دخولها المعترك السياسي هو ما صقل تجربتها وجعلها في مواقع صنع القرار العام وهيأ لها من فرص الترقي الأخرى ما يجعل تجربتها العامة متكاملة.
إن الاحتفاء اليوم بالمرأة الإماراتية تقليد حضاري وجميل. فالمرأة التي وصفها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد «بروح المكان» وقلبه لأنها هي مربية الأجيال وصانعة التغيير الإيجابي المنشود، تستحق هذا التكريم، كما أن المرأة الإماراتية تستحق الاحتفاء بها بعد الجهد الكبير الذي أظهرته في خدمة الوطن وحماية منجزاته.
كثير من الدول خصصت للمرأة يوماً ولكن الإمارات عندما تخصص هذا اليوم إنما تخصصه احتفاءً بالمرأة صانعة التغيير، فقد استطاعت المرأة بأدوارها المتعددة أن تضفي على تجربة الإمارات المتميزة لوناً مميزاً يختلف عن تجارب الدول الأخرى، فلا غرو أن تجد المرأة التقدير الكبير وأن تشترك بجدارة في المعترك السياسي عبر 8 نساء وزيرات وعبر تبوئها رئاسة المجلس الوطني الاتحادي الذي يعد السلطة الرابعة في الإمارات، وكما لقيت المرأة الإماراتية التقدير وجدت أيضاً من يحفظ مكانتها عبر إنشاء مجلس التوازن بين الجنسين الذي يعمل من أجل حفظ حقوق المرأة في الفضاء العام والعمل على إيجاد التوازن المجتمعي المطلوب بين الجنسين.
أن التغيير الذي أحدثته المرأة في مسيرة دولة الإمارات الحديثة لا تخطئه العين، فقد تحملت المرأة نصيبها في مسيرة التنمية والبناء إلى جانب الرجل، كما قدمت من التضحيات ما يجعل من دورها دوراً مميزاً، وساهمت بفعالية في مختلف جوانب الحياة العامة مع الاحتفاظ بوظائفها الأصلية زوجة وأماً وربة منزل.
إن الإمارات إذ تحتفي بالمرأة عبر هذا اليوم إنما تحتفي بها عنصراً فاعلاً من عناصر رقي المجتمع والعمود الفقري الذي تقوم عليه الأسرة وعاملاً رئيساً في بناء الهوية الوطنية الإماراتية، فتقدير المرأة رسمياً من خلال تخصيص يوم لها هو دلالة على تقدير المجتمع لدورها العام.
البيان