أكد معالي عبيد بن حميد الطاير وزير الدولة للشؤون المالية، أن قانون الإفلاس يطبق على كل أنواع الشركات بما فيها المهنية، في حين وضعت وزارة المالية تصوراً لإعداد مشروع قانون للإعسار يعالج تعثرات الأفراد ستبدأ العمل عليه لاحقاً، وفقا للإجراءات المعمول بها في الحكومة الاتحادية لإصدار القوانين. وأضاف الطاير أن «القانون الجديد سيطبَّق بعد 3 أشهر من نشره في الجريدة الرسمية، ولا حاجة إلى إصدار لائحة تنفيذية له نظراً إلى وضوح كل مواده»، موضحاً أنه «سيطبَّق على التعثرات اللاحقة لبدء تطبيقه وليس بأثر رجعي على القضايا التي تنظرها المحاكم بالفعل».

جاء ذلك خلال إحاطة إعلامية عقدتها الوزارة في مقرها في أبوظبي أمس، استعرض خلالها الوزير خلالها الصيغة النهائية لقانون الإفلاس، الذي جاء بفضل التوجيهات الحكيمة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، ومتابعة أخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، ليشكل إضافة مهمة للمنظومة التشريعية الإماراتية، وتجدر الإشارة إلى أن مجلس الوزراء أقر القانون في جلسته المنعقدة في 4 سبتمبر 2016.

وأكد الطاير أن «القانون مر بمراحل عدة وعُرض على الجهات المعنية سواء الحكومات المحلية أو الوزارات الاتحادية لوضع ما يتناسب مع النظام التشريعي للدولة مع الأخذ بأفضل المعايير والممارسات الدولية ضمن أفضل 10 قوانين للإفلاس في العالم».
وشدد على أن «قانون الإفلاس حدد بدقة الحالات التي تنطبق عليها بنوده»، موضحاً أن المحاكم يمكنها الاستعانة في هذا الصدد بخبراء في القضايا التي تنظر فيها، أو تناط هذه المهمة بلجنة «إعادة التنظيم المالي» التي نص القانون على تشكيلها، وحدد أيضاً الرسوم التي سيتم استقطاعها من الشركات لمصلحة الخبراء أو لإجراءات المحاكم وغيرها وهي في كل الأحوال تنافسية وتم وضعها وفقاً للمعمول به في كل دول العالم التي لديها قوانين مماثلة. وأعاد الطاير التأكيد مجدداً أن «إمكانية اقتراض الشركات التي تخضع لقانون الإفلاس، مجدداً، مرهون بما تراه البنوك والمؤسسات المالية نفسها بناءً على عمليات إعادة الهيكلة التي تتم».

مبادئ تشريعية واقتصادية حديثة

وأشار معاليه إلى سعي الوزارة على مدار الأعوام الماضية إلى وضع قانون يستند إلى مبادئ تشريعية واقتصادية حديثة، مع اعتبار التطورات والمتغيرات التي يشهدها القطاع الاقتصادي وقطاع الأعمال عالمياً، وقد أثمرت هذه الجهود عن وضع قانون «الإفلاس» الذي يتميز عن نظرائه على الصعيد الإقليمي وأيضاً على صعيد الدول المتقدمة، بتنظيمه لكل حالات الإفلاس، وتحديد الأدوات القانونية اللازمة لإعادة هيكلة أعمال المدين، وفق شروط وأسس واضحة، بالاستناد إلى الإطار التشريعي الصحيح.

وقال: «لقد أثبتت التجارب في الدول ذات الاقتصاد الناضج ضرورة وجود قانون إفلاس حديث في كل دولة تسعى إلى تعزيز مكانتها الاقتصادية، حيث يشكل قانون الإفلاس، إحدى أهم الركائز الداعمة للاقتصاد المحلي، نظراً إلى ما يوفره من حماية لكل الأطراف المعنية، فضلاً عن دوره المحوري في استقطاب رؤوس الأموال، التي تتطلع إلى الاستثمار في بيئة اقتصادية جاذبة وآمنة، توفر الحماية التشريعية والقانونية اللازمة للأعمال».

وعمد القانون إلى تحديد مجموعة وسائل تهدف إلى تفادي حالات الإفلاس وتصفية أموال المدين، شاملة لعمليات إعادة التنظيم المالي التي تتم خارج المحاكم، والصلح الواقي من الإفلاس، وإعادة الهيكلة المالية، إضافة إلى توفير إمكانية للحصول على قروض جديدة وفق الشروط التي حددها القانون والإطار القانوني لتحويل إجراءات الصلح الواقي إلى إجراءات إشهار الإفلاس، هذا وسيحد القانون من تحايل بعض المدينين في إشهار إفلاسهم للتهرب من مديونياتهم، حيث أورد مجموعة عقوبات تشمل السجن لمدد تصل إلى 5 سنوات، إلى جانب دفع غرامات تصل إلى مليون درهم.
ويضع القانون مسألة رفع مستوى الائتمان والضمان المالي ضمن أولوياته التشريعية، لتعزيز ثقة المستثمرين ودفع عجلة الاقتصاد، إذ يمكّن المتعثرين مالياً من إعادة تنظيم شؤونهم المالية والتجارية، لتجاوز مرحلة التعثر المالي وسداد الديون والالتزامات دون أن تتعطل عجلة الإنتاج، وذلك وفق شروط وأسس واضحة وإطار قانوني شفاف ليكون القانون الأول من نوعه في منطقة الوطن العربي.

نطاق القانون

ويشمل نطاق تطبيق القانون الشركات المؤسسة وفقاً لأحكام قانون الشركات التجاريّة، والشركات غير المؤسسة وفقا لقانون الشركات التجارية والمملوكة كلياً أو جزئياً للحكومة الاتحادية أو المحلية التي تنص تشريعات إنشائها أو عقودها التأسيسية أو أنظمتها الأساسية على إخضاعها لأحكام هذا القانون، والشركات والمؤسسات التي تؤسس في المناطق الحرة ولا يوجد لديها أحكام خاصة لتنظم إجراءات الصلح الواقي أو إعادة الهيكلة والإفلاس، مع مراعاة أحكام القانون الاتحادي رقم (8) لسنة 2004 بشأن المناطق الحرة المالية، وأي تاجر قرر القانون له هذه الصفة، إضافة إلى الشركات المدنية المرخصة ذات الطابع المهني.

وقال معالي الوزير: «إننا نتطلع من خلال إقرار قانون الإفلاس بصيغته النهائية إلى تشجيع أصحاب رؤوس الأموال الباحثين عن مناخ آمن للاستثمار، على توجيه استثماراتهم إلى الدولة، عبر تعزيز ثقتهم بالبنية التشريعية والقانونية لدولة الإمارات، التي تعمل على تطبيق قواعد قانونية واضحة وشفافة تحفظ حقوقهم، وتحقق التوازن بين الدائن والمدين، كما تراعي أولوية الدائنين أصحاب الضمانات على أي ديون أخرى».

وأكد: «سيسهم قانون الإفلاس في رفد الخطوات النوعية والخطط الاستراتيجية التي تعتمدها دولة الإمارات لتطوير بنيتها الاقتصادية والمالية والتشريعية، كما سيرفع تنافسيتها في تقارير التنافسية العالمية ذات العلاقة والمحافل الدولية، ما يدعم بدوره النمو الاقتصادي المستدام ويرتقي بالاقتصاد الوطني على مستوى العالم».

مشروع القانون

وأوضحت وزارة المالية أن أهم الأطر التي أخذها مشروع القانون في الاعتبار هي مسألة رفع مستوى الائتمان والضمان المالي، من خلال تعزيز الثقة لدى المستثمرين وتحريك عجلة اقتصاد الدولة، وذلك على أساس السماح للمتعثرين مالياً بإعادة تنظيم شؤونهم المالية والتجارية للتمكن من تجاوز مرحلة التعثر وسداد الديون والالتزامات التي تراكمت عليهم دون أن تتوقف عجلة الإنتاج.

كما هدفت الوزارة من ذلك إلى تشجيع أصحاب رؤوس الأموال الذين يبحثون عن مناخ آمن للاستثمار بتوجيه استثماراتهم إلى الدولة لأنهم سيعلمون أن الدولة تطبق قواعد قانونية واضحة شفافة تحفظ حقوقهم وتحقق التوازن بين الدائن والمدين وتراعي أولوية الدائنين أصحاب الضمانات على أي ديون أخرى، ما سيؤدي إلى تشجيعهم على ضخ النقد والاستثمارات إلى الدولة دون تردد، ما سيوفر السيولة اللازمة لإجراء العمليات التجارية وبناء الاقتصاد بشكل عام.

نطاق التطبيق

تسري أحكام القانون على الشركات المؤسَّسة وفقاً لأحكام قانون الشركات التجارية، والشركات غير المؤسَّسة وفقاً لقانون الشركات التجارية والمملوكة كلياً أو جزئياً للحكومة الاتحادية أو المحلية والتي تنص تشريعات إنشائها أو عقودها التأسيسية أو أنظمتها الأساسية على إخضاعها لأحكام هذا القانون، و الشركات والمؤسسات التي تؤسس في المناطق الحرة والتي لا يوجد لديها أحكام خاصة لتنظم إجراءات الصلح الواقي أو إعادة الهيكلة والإفلاس، وذلك مع مراعاة أحكام القانون الاتحادي رقم (8) لسنة 2004 في شأن المناطق الحرة المالية، وأي تاجر قرر القانون له هذه الصفة، إضافة إلى الشركات المدنية المرخصة ذات الطابع المهني.

دور القانون

بصدور قانون الإفلاس فإنه سيحل محل القواعد التي تحكم الإفلاس الموجودة في (الكتاب الخامس) من قانون المعاملات التجارية (القانون الاتحادي رقم 18 لسنة 1993). وسيتوفر بذلك قانون مستقل ينظم حالات الإفلاس ويوفر أدوات قانونية لإمكانية إعادة هيكلة أعمال المدين وفق شروط وأسس واضحة ضمن الإطار القانوني، ويعد هذا القانون الأول من نوعه في منطقة الوطن العربي.

التدفقات النقدية

وقالت الوزارة إن التجارب أثبتت في الدول ذات الاقتصاد «الناضج» أن هناك ضرورة لوجود قانون إفلاس حديث في كل دولة تسعى إلى تعزيز مكانتها الاقتصادية، وأن ذلك يعد من أهم ركائز دعم الاقتصاد، لما يوفره من حماية لجميع أطراف المصالح التجارية سواء كانوا من الدائنين أو المدينين. وفي حال توفر المناخ الملائم لحماية أطراف العلاقات التجارية ورفع مستوى الائتمان المالي، فإن ذلك سيستقطب رؤوس الأموال من بنوك عالمية أو جهات تمويل عالمية لاستثمار أموالها في مكان آمن يوفر حماية تشريعية ملائمة لاستثماراتهم، وهذا الدور كان محور صياغة مشروع القانون وأهم أسسه.

ديون الإفلاس

وعرَّف القانون «ديون الإفلاس» بأنها الديون التي تُستحق على المدين المفلس عند تاريخ صدور الحكم بإشهار الإفلاس أو تلك التي نشأت عن التزامات ترتبت في ذمة المدين قبل صدور الحكم بإشهار الإفلاس وتُستحق بعد صدور ذلك الحكم. وبالتالي فإن عدم قدرة المدين على سداد تلك الديون (المستحقة أو التي ستُستحق) يؤدي إلى حالة الإفلاس. فإن لم يكن بمقدور المدين الوفاء بالدين المستحق عليه اعتُبر بحكم المتوقف عن دفع ديونه وهي إحدى الحالات التي تؤدي إلى الإفلاس.

وإن تبين أن أمواله الحالية لن تغطي في أي وقت التزاماته المستقبلية التي تكون مستحقة الدفع، يكون في حالة ذمة مالية مدينة، وهي حالة تقديرية تقدرها المحكمة في ضوء ما يقدم إليها من بيانات حيث يغلب عليها اليقين بعدم القدرة على السداد.

وهي بذلك تختلف عن حالة الصلح الواقي من الإفلاس الذي يشترط فيه أن يكون المدين يواجه صعوبات مالية لا يمكنه التغلب عليها، شريطة أن لا يكون في حكم المتوقف عن دفع ديونه أو في حالة ذمة مالية مدينة وذلك لمدة تجاوز (30) يوم عمل متتالية.

فالصعوبة المالية لا تعني التوقف عن سداد الديون المستحقة، ولا وجود حالة يقين بأن أموال المدين لن تكفي بشكل مؤكد للوفاء بالتزاماته الحالية والمستقبلية، إنما تكون الصعوبة المالية نتيجة ضائقة مالية قد يُخشى معها الوصول إلى تلك الحالات وبالتالي يقوم المدين بطلب الصلح الواقي، توقياً لوصوله إلى حالة التوقف عن الوفاء أو الدخول في حالة الذمة المالية المدينة.

إنقاذ المتعثرين

ويوفر القانون مجموعة وسائل تهدف إلى تفادي حالة الإفلاس وتصفية أموال المدين عبر إعادة التنظيم المالي، إن كان المدين من المؤسسات المالية المرخصة من قبل الجهات الرقابية، ومن خلال الصلح الواقي من الإفلاس أو إعادة الهيكلة المالية، وإمكانية الحصول على قروض جديدة وفق ما ينص عليه القانون.

نتائج الإفلاس

هناك العديد من النتائج التي تترتب على إفلاس المدين، لكن أهمها أنه لا يجوز للمدين اعتباراً من تاريخ قرار افتتاح إجراءات إعادة الهيكلة المالية أو إشهار الإفلاس أن يقوم بإدارة أمواله أو تسديد أي مطالبات ناشئة قبل صدور قرار الافتتاح باستثناء أي دفعات مقاصة تتم وفقاً لأحكام القانون، أو التصرف بأي من أمواله أو سداد أو اقتراض أي مبالغ ما لم يكن ذلك وفقاً لأحكام القانون.

وتعتبر التصرفات التي يجريها في يوم صدور قرار افتتاح الإجراءات كأنها حاصلة بعد صدوره. وإذا كان التصرف مما لا ينعقد أو لا ينفَّذ في حق الغير إلا بالتسجيل أو غيره من الإجراءات فلا يسري على جماعة الدائنين إلا إذا تم الإجراء قبل صدور قرار افتتاح الإجراءات. كما لا يجوز له التصرف بأسهمه أو التغيير في ملكيته أو شكله القانوني إذا كان المدين شخصاً اعتبارياً.

الشريعة الإسلامية

وسيطبَّق القانون على كل أنواع الشركات المسجلة في الدولة أسوةً بباقي التشريعات الاتحادية السارية، كما أن هذا القانون على الرغم من أنه يتفق مع الاتجاهات الدولية فإن جذوره لا تخالف أحكام المعاملات ذات الصبغة الشرعية، فوفاء الديون، وحق الدائن على أموال المدين ونظرة الميسرة إلى المدين كلها ذات منبع شرعي.

رد الاعتبار

نظم القانون حالة وفاة المدين وإمكانية طلب إفلاسه بعد وفاته إذا تحققت شروط إشهار الإفلاس، ونص على إمكانية الحكم بإفلاس المدين المتوفَّى في حال لم يقم ورثته بتقديم كفالة تكفي لضمان الوفاء بديونه. كما أجاز للورثة طلب إشهار إفلاس مورثهم وفق شروط خاصة، وفي كل الأحوال نص القانون على أن يقوم ورثة المدين المفلس مقامه في إجراءات الإفلاس (أي تمثيله في حدود التركة). كما أجاز مشروع القانون رد الاعتبار إلى المفلس حتى بعد وفاته وذلك بناءً على طلب الورثة وفق شروط رد اعتبار المفلس المنصوص عليها في القانون.

الاتحاد