محمد يوسف
تلاعبت السياسة بالدين، فلا تستغربوا ما طرحه من يسمى «الولي الفقيه»، هو لعب ببعض الأوراق السياسية، كان يريد أن يضغط على المملكة العربية السعودية، وعندما فشل نتيجة صلابة الموقف السعودي، وعدم مساندة أي دولة إسلامية لمطالبه غير المنطقية، وبعد أن اقترب موسم الحج من نهايته، بعد كل ذلك، وحتى يغطي خيبة الأمل، طرح فكرة حج الإيرانيين في كربلاء!!
لن يذهب أي حاج مسلم إلى أية بقعة على وجه الأرض غير تلك البقعة «التي ببكة» حيث «أول بيت وضع للناس»، ولا يشد الرحال إلا إليه في الحج، ولا تتم المناسك إلا في أرضه المقدسة، من الإيرانيين وغير الإيرانيين، سنة أو شيعة، فهذا مكان لا يستبدل، لا خيار لأحد فيه، فقد اختاره رب العزة، وفرضه على الناس، وهذا تكليف ملزم على «من استطاع إليه سبيلاً»، والذين منعهم القرار السياسي الإيراني من الحج هذا العام، وعددهم يقارب 70 ألف حاج، سيجزون بما نووا.
هي كعبة واحدة، وهي مكة واحدة، وهو حج واحد.
والسياسة ليست واحدة، ليس لها سلطان واحد، وليس لها موجه واحد، وليس لها قانون أو كتاب أو تشريع واحد، السياسة أمواج متلاطمة، ودروب متشابكة، ونوايا متناقضة، وأهداف متعارضة، وهذا الذي نراه ونسمعه اليوم هو السياسة، ليس للدين علاقة به، فالدين واضح، الدين جلي، وما اختلف الناس فيه أبداً، على ثوابته لم يختلفوا، وعندما ظهرت الشيع والأحزاب، واستغلها أصحاب الأطماع والمآرب، غذيت الفُرقة بعد أن بذرت الفتن، وحرفت عن قصد معتقدات الناس عند المتحزبين.
الكعبة لن تبرح مكانها، ومكة في قلب الأرض مزهوة بدورها، والحج لن يكون إلا لها وفيها، والمسلم متى كان قادراً، فلن يشد رحاله لغيرها، ولن يحج إلا في الأيام المعدودات، زماناً وشعائر ومناسك، وأي أرض غيرها، مهما حبكت القصص والروايات حولها، ليس لها غير المكانة التي تمثلها، عند فئة أو عند كل المسلمين، ولن تغير أوهام الواهمين معتقدات المسلمين فهي صادرة من الواحد الأحد، رب العالمين.
البيان