معجزة زراعية بامتياز تلك التي جسدتها تجربة الإمارات حين نقلت الدولة من قطعة صحراوية قاحلة إلى مساحات خضراء ممتدة، لا ترتوي العين من النظر إليها، ونثرت ملايين أشجار النخيل في طول البلاد وعرضها، حتى ارتفعت المساحة المزروعة بالنخيل من 60 هكتاراً فقط في سبعينات القرن الماضي إلى أكثر من 185 ألف هكتار حالياً، وازداد إنتاج التمور من 8000 طن متري إلى أكثر من 750 ألف طن، واحتلت الدولة المرتبة الرابعة عالمياً والثالثة عربياً في إنتاج التمور، وتسهم حالياً بنحو 11% من حجم الإنتاج العالمي من التمور.

ومعجزة أكبر ولا تقل أهمية، تمثلت في توجّه أبناء الدولة إلى ميدان الزراعة مقاومين شح المياه وارتفاع الحرارة وجفاف التربة وعدم ملاءمتها للتنوع الزراعي، فتمددت المزارع وأثمرت المنتجات المحلية وفرضت نكهتها على سوق المنافسة، قبل أن تتكاثر العقبات، فلم تعد التحديات الطبيعية تقف في طريقهم، إذ تغلبوا عليها بالإرادة والصبر.

ولكن طفت إلى السطح تحديات تسويقية، كان أبرزها طوفان المنتجات الزراعية الأجنبية المستوردة بأسعار لا يقوى المزارع المحلي على مجاراتها، نظراً للكلفة الباهظة التي يضعها في الأرض فضلاً عن التسويق والعمالة والتخزين، وكثرة الأمراض الزراعية التي تهدد المحاصيل دون حلّ ناجع، وأبرزها سوسة النخيل الحمراء التي لا تزال آفة عصية على الاجتثاث تماماً.

تحديات دفعت بعض المزارعين إلى الانسحاب من ميدان المنافسة، وترك الأرض التي كانت بالأمس مخضرّة، تعصف بها ريح الإهمال.

واقع لم يغب، بلا شك، عن تقديرات ومتابعة وزارة التغير المناخي والبيئة التي جنّدت ثلاثة مراكز بحثية على مستوى الدولة لدعم المزارعين؛ أحدها متخصص في الخضراوات والأشجار المثمرة وإنتاج الأشتال والزراعة النسيجية والأشجار الحرجية والشجيرات المحلية، وآخر متخصص بالنخيل ومكافحة آفاته، وثالث مخصص للأعلاف والثروة الحيوانية.

كما أنشأت بيوتاً محمية مناخياً تجري فيها الزراعة الذكية والمائية والعضوية، كما أكد مركز خدمات المزارعين اعتزامه تزويد أسواق الدولة بـ50 ألف طن من المنتجات المحلية في 2016-2017، وزيادة المنتجات الزراعية المحلية إلى 42 صنفاً والعمل على رفع كفاءة الري إلى 90%، وتأهيل المزارع للحصول على شهادة «جلوبال جاب» العالمية المتخصصة بالممارسات الزراعية الجيدة.

الدكتور ماجد القاسمي، مدير إدارة الصحة والتنمية الحيوانية في وزارة التغير المناخي والبيئة، أكد حرص الوزارة على إطلاق الخطط والمشاريع والمبادرات المختلفة لتعزيز التنوع الغذائي والتقليل من الفجوة الغذائية، والحد من تأثيرات التغير المناخي على المشاريع الزراعية خاصة وعلى مستقبل التنوع الغذائي في الدولة عامة، مع المحافظة على بيئة نظيفة مستدامة لأجيال المستقبل، إلا أنه على الرغم من ذلك هناك العديد من التحديات التي لاتزال تدعم الفجوة الغذائية وتقف عائقاً أمام إحلال التنوع الغذائي المحلي.

وقال إن البحث العلمي هو أساس تقدم الأمم، ونحن ندرك أن أحد أسباب ضعف التنوع الغذائي العربي هو ضعف البحث العلمي الذي ينجم عنه حدوث فجوة غذائية كبيرة في التنوع الغذائي، لافتاً إلى أنه من الضروري أن يواجه البحث العلمي المشكلة التي يعاني منها المزارع بشكل مباشر، فهناك الكثير من المشكلات الزراعية مثل سوسة النخيل الحمراء، وعلى الرغم من دور الوزارة في مقاومتها وبشكل جيد وكبير، إلا أن الآفة لم يتم التخلص منها بشكل نهائي حتى الآن.

وأشار القاسمي إلى أن الوزارة لديها ثلاثة مراكز بحثية موزعة في الدولة، وهي مركز دبا في إمارة الفجيرة، وهو متخصص في مجال الخضراوات والأشجار المثمرة وإنتاج الأشتال والزراعة النسيجية والأشجار الحرجية والشجيرات المحلية، ومركز الحمرانية المتخصص في النخيل، وفيه أكبر مجمع للنخيل وأمهات النخيل في الدولة.

وفيه مختبرات المكافحة المتكاملة للآفات، إضافة إلى مركز الابتكار في الذيد بإمارة الشارقة والمخصص للأعلاف والثروة الحيوانية، كما يحتوي على بيوت محمية للزراعة الذكية مناخياً كالزراعة المائية والزراعة العضوية، لافتاً إلى أن الوزارة تعمل على إعادة إنشاء وتأهيل هذه المراكز التي تشكّل ثروة قومية للقطاع الزراعي ليتم استخدامها بشكل جيد ولتؤدي دورها الصحيح في حل المشاكل التي يواجهها القطاع الزراعي في الدولة.

وأوضح القاسمي أن الوزارة تنفذ برنامج تنمية مجتمع المزارعين بشكل سنوي، لتوفير مستلزمات الإنتاج الزراعي الصديقة للبيئة من أسمدة ومبيدات عضوية وبنصف الكلفة، وذلك بهدف ترشيد استهلاك المياه في القطاع الزراعي، وعدم هدر هذا المورد بما يضمن استدامة الإنتاج الزراعي مع المحافظة على الموارد البيئية، كما تشمل الخطة العملية محوراً خاصاً بتسويق منتجات المزارعين من خلال التنسيق مع منافذ البيع المختلفة للترويج للمنتجات العضوية المحلية وتشجيع المزارعين العضويين على الإنتاج، وتشجيع بقية المزارعين للتحول لهذا النمط الزراعي.

حيث قامت الوزارة بتوقيع مذكرة تفاهم مع كل من جمعية الاتحاد التعاونية بدبي ومجموعة اللولو لتعزيز تسويق المنتجات العضوية، إضافة إلى تيسير مشاركة المزارعين في المعارض المتخصصة للترويج لمنتجاتهم العضوية.

ونتيجة للجهود التي تبذلها الوزارة فقد تطور سوق المنتجات العضوية بشكل كبير، وتنوع في المحاصيل المنتجة، حيث زاد عدد الأصناف المنتجة عن 62 منتجاً من بينها التمور والشمام والطماطم والفول الأخضر والزهرة وغيرها، إذ بلغ عدد الأصناف المباعة لدى جمعية الاتحاد التعاونية بدبي نهاية 2015، أكثر من 55 صنفاً مشكلة أكثر من 700 طن من المنتجات العضوية المحلية.

وقال مدير إدارة الصحة والتنمية الحيوانية، إن من التدابير التي اتخذتها الوزارة لضمان التنوع الغذائي، الاستثمار في مشروعات زراعية في دول أخرى، وامتلاك أراضٍ زراعية، وتأسيس منشآت لتصنيع الأغذية في دول مختلفة، وإضافة إلى الدول التي يستثمر فيها حالياً، فإن هناك دولاً جديدة ينظر إليها لتوسيع الاستثمارات مثل فيتنام، كمبوديا، باكستان، أستراليا، رومانيا، والولايات المتحدة وغيرها، وهذه الاستثمارات تشمل امتلاك أراض زراعية، وتأسيس منشآت لتصنيع الأغذية.

وفي ما يتعلق بالجهود التي تبذلها وزارة التغير المناخي والبيئة للتغلب على شح المياه، أكد أن الوزارة لجأت إلى دعم جميع أنواع الزراعة الذكية مناخياً، وهي بصدد الانضمام للتحالف العالمي للزراعة الذكية مناخياً، ومنها الزراعة المائية والزراعة العضوية، وهناك خطط جديدة تهدف إلى إدخال التقنيات الحديثة في هذا المجال والاستفادة من الخبرات الدولية.
تكنولوجيا حديثة

وأوضح القاسمي أن المستقبل في الزراعة معتمدة على التكنولوجيا الحديثة، وعلى أقل المساحات الممكنة وبأقل الموارد المتاحة، وهذا هو التحدي الذي تواجهه الوزارة وتعمل على تسهيله ونقله للمزارعين، لافتاً إلى أن العمل جارٍ لتنفيذ برنامج تدريبي للمزارعين في مجال الإرشاد والدعم الفني، وبناء قدراتهم حول أسس ومبادئ الزراعة العضوية، وذلك لتشجيع المزارعين في الدولة على تبني نمط الزراعة العضوية وتطوير هذا النوع من الإنتاج.

المزارعون بدورهم وقفوا على الضفة الأخرى مؤكدين أن مهنتهم عرضة للتراجع والاندثار في أغلب المناطق بالدولة والمنطقة الشرقية، داعين وزارة التغير المناخي والبيئة إلى مزيد من الاهتمام العملي لتخفيف الصعوبات التي تواجههم من حيث التسويق وبيع المحاصيل في ظل المنافسة القوية مع المنتج المستورد الذي يغرق السوق، حيث لا يقوى المزارع المحلي، على حد تعبيرهم، على منافسة كبار المستوردين، إلى جانب العوامل البيئية التي تفرض نفسها بقوة على القطاع الزراعي كالحرارة المرتفعة وتراجع منسوب المياه في أغلب المناطق.

وطالب أصحاب المزارع بالفجيرة أكثر من مرة، بتدخل الجهات المعنية ومساعدتهم على تسويق منتجات مزارعهم خلال الموسم الزراعي الذي يمتد من شهر ديسمبر حتى شهر أبريل، ودعوا إلى إيجاد منافذ تسويق أو اعتماد أسواق حكومية للمنتج المحلي يساعدهم على تجنب استغلال التجار.

وقال المواطن راشد خلفان عبيد صاحب مزرعة في منطقة مدوك بالفجيرة، أن عودة المزارعين إلى الإنتاج تتطلب قرارات حكومية فاعلة تقف مع الإنتاج المحلي وتسوّق له وتمنع التدفق الكبير للمستورد، فالمنتج المحلي هو الأفضل صحياً كونه لا يعتمد على المبيدات الضارة والكيماويات بل على الأسمدة العضوية، إلا أنه لا يجد لنفسه مكاناً في ظل تلاعب التجار بالسوق.

وكشف المواطن سعيد الكعبي من منطقة البثنة، عن تخلي الأغلبية عن مهنة الزراعة بسبب الضغوطات المادية والطبيعية التي ألمت بهم، ولجملة من الأسباب التي لم يجد لها المزارع الحل، حيث وجد نفسه وحيداً في مجابهتها، منها تراجع الدعم الذي كان يحصل عليه المواطن من الجهات المعنية بالدولة من أسمدة وسموم وبذور وبيوت بلاستيكية وغيرها الكثير، وأخرى تتعلق بتزايد مصروفات المهنة مثل استخدام طرق بديلة لشح المياه عبر الري بالتناكر أو أنظمة التحلية إلى جانب تزايد رواتب العمال ومستلزمات الزراعة مروراً بآفة التجار الآسيويين المسيطرين على الأسواق وكساد المحصول.

من جهته، قال المزارع يوسف أحمد حسن من منطقة مربح: لقد تراجع الدعم والدور الذي كانت تقوم به وزارة التغير المناخي والبيئة تجاه المزارعين، ما دفع أصحاب المزارع إلى عدم تحمل أعباء المهنة، خصوصاً أن أغلب أصحابها من فئة المتقاعدين أو الكبار في السن، مشدداً على أن الدعم ليس فقط ذلك المتمثل بإمداد المزارعين بالأسمدة والبذور والمبيدات، بل حتى الاستشارة الزراعية، فقد تغيرت أساليب الزراعة بعد ظهور مشكلات شح وملوحة المياه وتغير المناخ، فهناك الكثير من المزارعين لا يعرفون طرق الري الحديثة لعدم توافر الإرشادات المناسبة.

كما أكد المزارع يوسف أن مشكلة شح المياه العذبة، وزيادة الملوحة في التربة، هي العامل الأكبر وراء تراجع الإنتاج الزراعي في المنطقة، مبيناً أن المزارعين يعتمدون على «تناكر» المياه ذات الكلفة الباهظة، ما جعلهم يضطرون إلى الاستغناء عن زراعة العديد من الخضراوات والحمضيات والفواكه التي تتطلب كميات كبيرة من المياه.

أما المزارع محمد مبارك المزروعي فقال، إن المهنة باتت مكلفة جداً وتحتاج إلى سيولة مادية كبيرة للاستمرار ومقاومة المشكلات التي تتعرض لها المزارع، حيث لا وجود لجمعية أو جهة تسهم في حل مشاكل المزارعين، وللأسف الشديد تخلت كافة الجهات عن المزارع، فبات يستأجر معدات الحراثة والحفر بعد أن كانت مجانية، وأصبح يشتري السموم والبذور والأسمدة بعدما كانت تمنح له، وفي النهاية قد يخرج بمنتج لا يجد له مشترياً، مشيراً إلى تجاوز مصروفات المهنة ثلثي الدخل الشهري للمزارع وكل ذلك دون مردود.

3 تقنيات تقاوم شح المياه

تبذل وزارة التغير المناخي والبيئة جهوداً كبيرة للتغلب على شح المياه، وقد عمدت إلى مقاومة هذه المشكلة الطبيعية، من خلال الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة، من خلال الزراعة على أقل المساحات الممكنة وبأقل الموارد المتاحة، فضلاً عن تطبيق 3 تقنيات زراعية هي الذكية والمائية والعضوية.

وأوضح الدكتور ماجد القاسمي، مدير إدارة الصحة والتنمية الحيوانية في الوزارة أن الوزارة تنفذ برنامج تنمية مجتمع المزارعين بشكل سنوي، لتوفير مستلزمات الإنتاج الزراعي الصديقة للبيئة من أسمدة ومبيدات عضوية، وبنصف الكلفة، وذلك بهدف ترشيد استهلاك المياه في القطاع الزراعي، وعدم هدر هذا المورد، بما يضمن استدامة الإنتاج الزراعي مع المحافظة على الموارد البيئية، كما تشمل الخطة العملية محوراً خاصاً بتسويق منتجات المزارعين، من خلال التنسيق مع منافذ البيع المختلفة للترويج للمنتجات العضوية المحلية وتشجيع المزارعين العضويين على الإنتاج.

برنامج تدريبي للمزارعين قريباً

تعتزم وزارة التغير المناخي والبيئة قريباً تنفيذ برنامج تدريبي للمزارعين في مجال الإرشاد والدعم الفني، وبناء قدراتهم حول أسس ومبادئ الزراعة العضوية، وذلك لتشجيع المزارعين في الدولة على تبني نمط الزراعة العضوية وتطوير هذا النوع من الإنتاج.

وقال الدكتور ماجد القاسمي: يشمل البرنامج عدة محاور وهي آلية التحول إلى الإنتاج العضوي والحصول على شهادة المنتج العضوي، وكيفية تحسين خواص التربة وزيادة خصوبتها بما يضمن نمواً متوازناً للمحاصيل المزروعة عضوياً، إضافة إلى تدريب حول سبل مكافحة الآفات الزراعية وبرامج تدريبية حول تسويق المنتجات العضوية، كما يشمل البرنامج جزءاً خاصاً بالإنتاج الحيواني العضوي وتدريب المزارعين على متطلبات هذا الإنتاج من حيث مواءمة المكان، والتغذية، واللقاحات، وتسويق المنتجات الحيوانية العضوية.

ومن أجل استدامة وتطور الزراعة العضوية في الدولة، فإن الوزارة تعمل على بناء قدرات المزارعين على أساسيات الزراعة العضوية، من حيث تحسين خواص التربة، ومكافحة الآفات الزراعية، ومن هذا المنطلق، تم تطبيق عدة تقنيات لإنتاج الأسمدة العضوية (الكمبوست) في المزارع، وكذلك تطوير أساليب لمكافحة الآفات وتقنيات التسويق حتى أصبح المزارعون قادرين على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لترويج منتجاتهم.

الفضاء في خدمة الزراعة

يظهر اهتمام دولة الإمارات جلياً بالزراعة المحلية عبر تنويع مصادر دعم هذه المهنة، فقد بحثت وكالة الإمارات للفضاء، سبل تطبيق التكنولوجيا الفضائية على القطاع الزراعي، وذلك خلال زيارة رسمية لوفد ياباني حكومي رفيع المستوى إلى مقر الوكالة في أبوظبي.

وبحث الجانبان استخدام أحدث التطبيقات التكنولوجية الفضائية في مجال الزراعة، وإمكانية تطويرها بما يعود بالفائدة على القطاع الزراعي في الدولتين، خصوصاً في ظل حالة التغير المناخي وتكاليف الطاقة. يذكر أن تكنولوجيا الاستشعار عن بعد عبر الأقمار الاصطناعية يجري استخدامها في أعمال المساحة ورسم الخرائط، إضافة إلى الكشف المبكر عن إصابة المزروعات بالأمراض وإغارة الحشرات على المناطق الزراعية، إلى جانب مراقبة نشاط ونمو النباتات واحتياجات الرّي والظروف المناخية.

كما أسهمت تكنولوجيا الأقمار الاصطناعية في تطوير عملية الزراعة وأساليب الري بشكل هائل، وتخفيض النفقات وتحسين جودة المحاصيل نتيجة لاستخدام المبيدات بشكل أفضل.

المستقبل للري العمودي

أكدت وزارة التغير المناخي والبيئة أن الزراعة المائية هي زراعة المستقبل، نظراً لشح الموارد المائية والأرضية، حيث يمكن زيادة الإنتاج دون التوسع في استخدام الأراضي، تماماً كما هو الحال في الأبراج السكنية.

وكشفت عن خطط جديدة، تهدف إلى إدخال التقنيات الحديثة في هذا المجال، والاستفادة من الخبرات الدولية والدروس المستفادة من دول ذات خبرات طويلة في هذا المجال، مشيراً إلى أن الوزارة عملت على وضع نهج جديد للزراعة المائية، فبعد أن عرفت وانتشرت في الدولة، وتبنتها الوزارة بات الآن من المهم إدخال التقنيات الحديثة في هذا المجال، خاصة أن الزراعة المائية هي زراعة المستقبل.

نظراً لشح الموارد المائية والأرضية، وذلك لدورها المهم في توفير المياه والأرض، حيث يمكن زيادة الإنتاج دون التوسع في استخدام الأراضي، تماماً كما هو الحال في الأبراج السكنية، التي اعتمدت التوسع الرأسي عن التوسع الأفقي وحققت نجاحاً.

أكد المزارعون أن هناك جملة تحديات تقف في طريق استمرارهم في المهنة والمنافسة فيها أمام قوة السوق المنافس وانخفاض أسعار المعروض فيها، وكان أبرز هذه التحديات يتمثل في المياه وري المزروعات، حيث تقول الإحصاءات إن 95 % من ري المزروعات يعتمد على الآبار الجوفية، في حين أن 5 % يعتمد على المياه المحلاة، كما أن المعدل المطري السنوي يصل إلى 100 ملم في سنة.

هذه الأوضاع دفعت الكثيرين إلى المطالبة باستغلال مياه شركة الصرف الصحي في إمارة الفجيرة، لإمداد المزارع بكميات كافية من المياه وبأسعار رمزية، إضافة إلى مساعدة المزارعين في تركيب محطات تحلية والسماح لهم باستخدام مياه السدود الموجودة من أجل الحفاظ على الثروة الزراعية.

تبذل وزارة التغير المناخي والبيئة جهوداً لحماية شجرة النخيل التي تعد من أهم الأشجار في الدولة. وقال الدكتور ماجد القاسمي، مدير إدارة الصحة والتنمية الحيوانية في الوزارة: إن الوزارة حريصة على المحافظة على القطاع الزراعي بشكل عام، ونخيل التمر بشكل خاص، وتعزيز دوره في التنوع الغذائي وفي الاقتصاد الوطني.

وإيماناً بأهمية ذلك، أطلقت وزارة التغير المناخي والبيئة في عام 2012 مبادرة «نخيلنا» في المناطق الزراعية الشمالية والوسطى والشرقية، وتشمل نحو 7700 مزرعة نخيل تضم نحو 2.5 مليون نخلة.
وتهدف هذه المبادرة بصورة أساسية إلى تطبيق مبادئ المكافحة المتكاملة للآفات لخفض نسبة الإصابة إلى 1.5% بنهاية عام 2017.

أوضح الدكتور ماجد القاسمي، مدير إدارة الصحة والتنمية الحيوانية في وزارة التغير المناخي والبيئة أنه تم تدريب المزارعين والعاملين في مزارع النخيل من خلال عقد الأيام الحقلية التدريبية والورش التعريفية بمعدل مرة واحدة شهرياً في المناطق الثلاث التابعة للمبادرة.

وأضاف أن الوزارة نفذت ما يقارب 4000 زيارة إرشادية شهرياً لمزارع النخيل، إضافة إلى تنفيذ حملات رش والتي استهدفت ما لا يقل عن مليون شجرة نخيل موزعة على مختلف المناطق المشمولة.
وتطرق الدكتور ماجد القاسمي إلى إعداد برامج إرشادية شهرية تشتمل على الإرشادات الزراعية الواجب اتباعها خلال كل شهر، وتتضمن الإرشادات الضرورية للعمليات الزراعية الأساسية كالري والتسميد ومكافحة الآفات وكذلك عمليات الحصاد وما بعد الحصاد.

بموجب مبادرة «نخلينا» التي أطلقتها وزارة التغير المناخي والبيئة، تم تقديم عدد من الخدمات للمزارعين تمثلت في صيانة ومتابعة 23000 مصيدة فرمونية موزعة في المزارع المشمولة في المبادرة بمعدل مصيدة لكل 100 شجرة نخيل، وصيانة ومتابعة 3500 مصيدة ضوئية موزعة في المناطق المختلفة، وعلاج الأشجار المصابة بسوسة النخيل الحمراء، حيث تستهدف المبادرة في العام الحالي علاج 35000 شجرة.

وتحرص الوزارة على تطبيق حزمة متكاملة من الإجراءات والتدابير لمكافحة الآفات التي تصيب أشجار النخيل، بما في ذلك الرش الوقائي بالمبيدات، وتركيب وصيانة المصائد الضوئية والفرمونية، ومعالجة الأشجار المصابة، إضافة إلى تكثيف الإرشاد الزراعي وبناء قدرات العاملين في مزارع النخيل.

دعا المزارع محمد مبارك المزروعي إلى ضرورة تمكين مناطق الوديان من سدود وحواجز مائية، تتناسب مع الكميات المتوقعة للمياه، فقد لاحظ أن أغلب السدود التي تحيط بمنطقتهم سدود صغيرة الحجم وحواجز مائية غير مجدية في مواسم وفرة المطر، ما يهدر أكثر من 80% من منسوب المياه المتساقطة من الأمطار، وهو ما يضعف معه المخزون المائي للمزارع بالذات، ليضطر المزارع إلى حفر المزيد من الآبار أو الاستعانة بشراء الماء لري المزروعات.

وطالب المزروعي بدراسة حجم السدود ومواقعها مع أهالي المناطق، كما لفت إلى موضوع تنظيف السدود بعد مواسم المطر، الذي يجري بطريقة غير مكتملة، بل ولا يستفيدون من التربة الغنية التي تجرفها الأمطار في السدود، حيث تقوم الشركات المتولية للعملية بالتخلص من تلك التربة الغنية في أماكن غير مناسبة.

قال المواطن راشد خلفان عبيد صاحب مزرعة في منطقة مدوك بالفجيرة، إنه تراجع نهائياً عن زراعة المحاصيل الورقية والخضراوات منذ أكثر من 5 سنوات، رغم خصوبة الأرض ووفرة المياه في مزرعته.

ولفت إلى أنه تكبد خسائر كبيرة في تجاربه الأخيرة مع محاصيل الفلفل والطماطم والورقيات، بل فقد الأمل بالنجاح، فقد كان يتحمل كلفة نقل ما يقارب 300 صندوق من الطماطم يومياً إلى الأسواق المحلية بإمارة الفجيرة أو دبي لبيعها بسعر زهيد جداً لا يتجاوز 5 دراهم للصندوق.

وتابع راشد عبيد: حين بدأ التجار الآسيويون في السوق الامتناع عن الشراء من منتجاتي بسبب وفرة الأصناف المستوردة، اضطررت إلى التخلص من المحصول اليومي دون اكتراث بما يحقق من مردود.

البيان