علي أبو الريش

على «البلاك بيري ماسنجر» (بي بي إم)، تنشر هذه الأيام رسالة كتبت من حبر قلب مفجوع، وذيلت بدمع مسفوح، من أب يسأل عن ابنته المخطوفة على يد سائق آسيوي. نتعاطف مع هذا الأب وقلوبنا معه، ونسأل الله أن يعيد له فلذة قلبه سالمة، غانمة ومن غير سوء، نشارك هذا الأب همه وغمه ولوعته على غياب طفلته، والتي كان ينبغي لها أن تذهب إلى مدرستها، وتعود محملة بابتسامة شفة وفرحة قلب ثم تلقي بجسدها الصغير الطاهر على صدر أبيها مدفئة إياه بأنفاس وإحساس قائلة له أحبك يا أبي.. أحبك كثيراً، فيقبلها على جبينها حامداً ومبسملاً وشاكراً النعمة. ولكن يشاء الظرف أن تغيب الصغيرة في غفلة من زمن الأهل، وتتناولها يد الشيطان الرجيم، ويخطفها ضمير أثيم، ولا يبقى أمام الأهل غير الشكوى إلى الله بأن يعيد البنت الغالية إلى بيت الأهل.

حادثة مؤلمة يتقطر لها القلب حزناً وأسفاً، وأنا في الحقيقة أصاب بحالة نفسية مزرية كلما شاهدت كائناً بشرياً غريباً يصطحب طفلة أو طفلاً، ذاهباً به إلى المدرسة في غياب الأم أو الأب، لأنني أتوجس من مثل هذه السلوكيات التي تذهب بالخيال إلى غياهب ومصائب وخرائب وعجائب كثيرة أشعر بالأسى عندما يمسك الطفل يد رجل غريب، وفي غالب الأحيان يكون أعزب، ما يثير الحفيظة، ويلعب في العقل، ويدحرج أفكاراً سوداوية، وكثيراً ما تصدق تنبؤاتها.

نقول لأولياء الأمور، الأطفال أحباب الله، وهم عفويون فطريون يتعاملون مع الأشياء ببساطة الجملة الشعرية العذبة، يتصرفون مع من حولهم تصرف الفراشات المسالمة، الناعمة، الحليمة المنعمة بنعمة الحب الطاهر، والمشاعر النقية من الشوائب.

نقول لأولياء الأمور الندم بعد فوات الأوان لا يجدي ولا يعيد ما فات، فالخير هو أن نكلف أنفسنا قليلاً ونعتني بشؤون هؤلاء الصغار، ولا نكتفي فقط بإطعامهم وكسوتهم، لأن المحافظة عليهم من مكائد الأنذال، وحمايتهم من شرور الأهوال أهم من الغذاء والكساء، وخير وسيلة لحماية هؤلاء هي أن نكون لهم رفقاء الدرب والأقرب إلى القلب، ولا أعتقد أنها أمور مستحيلة، أو فيها أي اختراع صعب أن يمسك ولي أمر يد ابنه الصغير ويذهب به إلى مدرسته أو السوق أو أي مكان تفرضه الحاجة. ولا أعتقد أن أي عذر يمكن أن يقبله منطق عاقل في أن يسرح أولياء الأمور أبناءهم بين أيدٍ لا تمت لهم بصلة، بينما يذهب كل من الآباء إلى مرعاه ومسعاه مدعياًِ المشاغل، وهذه المشاغل قد تكون مقهى شعبياً، أو كوفي شوب، أو سياحة في المولات وعودة منها في ساعات متأخرة من الليل.

نقول لأولياء الأمور الظروف تغيرت، والأسر الممتدة اندثرت، الأمر الذي يفرض على كل ولي أمر أن يلغي كل برامجه، لينتبه إلى العناية بالأبناء ولا يدعهم فريسة لغوايات الشيطان، أو من فقد مشاعر الإنسان وتحول إلى ذئب بشري. الأحداث المؤلمة تتلاحق، والدروس كثيرة وخطيرة.. والعظة يجب أن تكون بأسرع ما يمكن

– عن الاتحاد