علي العمودي
في طريقي اليومي، أمر بمركز شرطة المناصير بالعاصمة الذي أغلق لهدمه، وذلك لقربه من مدارس الأبناء، أتابع مراحل بناء في ذلك الموقع، وقد كان يرتفع يوماً بعد يوم، حتى بات مجمعاً زاهياً أنيقاً، اعتقدت للوهلة الأولى أنه سيكون مجمعاً تجارياً أو فندقاً من فنادق السبع نجوم أو شركة من تلك الشركات القابضة، ولكن اعتقادي تبدد عند اقترابي من لوحة المشروع التي تؤكد بأنه” مركز شرطة المناصير”. وبرزت أمامي صور لمراكز تابعة للقيادة العامة لشرطة أبوظبي، وهي تنفض تلك الصورة التقليدية والنمطية عن الشرطة ورسالتها في المجتمع. وقبل يومين مررت بمركز شرطة العاصمة في الخالدية، الذي يخضع هو الآخر لعملية تجديد وترميم شاملة، فإذا بمظاهر تلك الصورة الجلية للاعتناء بالإنسان وتقديره واحترامه، جلية في كل مكان.
وعادت بي الذاكرة لأول مركز لشرطة العاصمة قبل أن تنتقل من مقرها في سبعينيات القرن الماضي، حيث يقع الآن برج في طابقه الأرضي أحد البنوك الأجنبية على الكورنيش القديم، قبل أن تنقل لمبناها على ذات الشارع قرب المحطة الفرعية للحافلات غير بعيد عن مسجد الشيخ خليفة.
تدخل اليوم لأي مركز من مراكز شرطة أبوظبي، تصافح المرء لوحات تعكس النقلة النوعية الهائلة في مستوى الأداء والعمل، تسمع تعابير غير مألوفة كخدمة العملاء وقسم الجودة وثقافة القانون وحقوق الإنسان والأداء والاستراتيجية ودوريات الأعلام الأمني، واستقبال الثقافة المجتمعية. تذهب لإنجاز معاملة ما فلا تسمع عبارة “راجعنا بكرة”، بل احترام شديد للمراجع ووقته، والموظف يبلغك بكل تقدير” بنطرشلك مسج”، و أذا كان هناك من مقابل مادي لاستخراج شهادة أو معاملة، فالتعامل يتم إلكترونياً ومن خلال البطاقات الائتمانية. ليس ذلك فحسب، بل حطمت شرطة أبوظبي الحاجز النفسي المصطنع بين الشرطة والجمهور، وهي تنشر منافذ للتواصل مع أفراد المجتمع في مختلف المراكز التجارية و” المولات”، وتحرص على المساهمة والمشاركة بكثافة في مختلف الفعاليات في البلاد. وذات مرة ذهبت للمنطقة الغربية لمتابعة فعاليات مزاينة للإبل، فإذا بشرطة أبوظبي توجد بكثافة لعرض الخدمات المتعددة والمتنوعة التي تقدمها للجمهور، كان بعضهم يبدو مذهولا، وكأنه يسمع بها للمرة الأولى. بينما هناك بعض المجتمعات لا يجرؤ الفرد منهم على الاقتراب من رجل الشرطة أو أي مركز لها.
لقد كان احترام الإنسان وحقوق الإنسان عنوان كل تلك المراحل التي مرت بها شرطة أبوظبي، وذلك في واحة من الأمن والأمان يسهر عليها هؤلاء الرجال من منسوبي شرطة أبوظبي ووزارة الداخلية. وهو عنوان استمد من استراتيجية وزارة الداخلية بقيادة الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، وهي تترجم رؤية قائد مسيرة الخير خليفة الخير بالاعتناء بالإنسان وتدعيم مظلة الأمن والأمان، وبسط سيادة القانون الذي يتساوى أمامه الجميع. ونحن نحيي رجال العيون الساهرة كل في موقعه، ندرك أن صون المنجزات والمكتسبات مسؤوليتنا جميعا،سائلين المولى عزوجل أن يديم على إماراتنا نعم الأمن والأمان والرخاء والتقدم والازدهار.