يشهد العام المقبل، بدء تشغيل أول مفاعل نووي سلمي بالمنطقة لإنتاج الكهرباء من الطاقة النووية وذلك بمحطة براكة بالمنطقة الغربية في أبوظبي لتنضم الإمارات إلى قائمة الدول المنتجة للكهرباء من الطاقة النووية وأول دولة خليجية وعربية، وتجاوزت نسبة الإنجاز في المفاعل الأول 90٪ فيما تجاوزت نسبة الانجاز في إجمالي المحطة النووية 70٪ بحلول أكتوبر الحالي.

ويعد إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية من أفضل الخيارات الاقتصادية على المدى الطويل، وتلبي المحطات النووية السلمية لإنتاج الكهرباء، والتي يكتمل تشغيلها بحلول 2020 نحو 25% من الطاقة الكهربائية التي تحتاجها الدولة في نهاية العقد الحالي، ويتسارع نمو احتياجات الإمارات من الطاقة، إذ يتوقع أن يزيد الطلب على الطاقة إلى 3 أمثال حجمه بحلول عام 2020، بمعدل نمو يبلغ سنوياً 9% منذ عام 2007 وما بعده.

واعتمدت حكومة الإمارات رسمياً في أبريل 2008 “سياسة تقييم وتطوير طاقة نووية سلمية “، ترسم إطاراً لتطوير برنامج الطاقة النووية المحلي على هيئة التزامات واستراتيجيات ومبادئ، وترتكز السياسة على مبادئ الشفافية الكاملة وأعلى معايير السلامة والأمن وعدم الانتشار والتعاون مباشرة مع وكالة الطاقة الذرية العالمية والدول المسؤولة ذات الخبرة وتطوير البرنامج على نحو يضمن استدامة طويلة الأجل”.
ووقعت الإمارات في ديسمبر 2009 مع تحالف كوري جنوبي ” كونسورتيوم” عقداً تقدر قيمته بنحو 75 مليار درهم (20 مليار دولار)، لبناء 4 مفاعلات نووية ضمن مناقصة واحدة، حيث يبدأ تشغيل المفاعل الأول عام 2017 من طراز 1400 والذي يعمل بالماء المضغوط، بإمداد الشبكة بطاقة كهربائية نظيفة، وتتراوح النسبة المعتمدة لتخصيب اليورانيوم المستخدم في المفاعلات السلمية بين 3 إلى 4%، ولا تتجاوز 5%.

وتم اختيار موقع “براكة” الذي يبعد 53 كيلو مترا عن أقرب منطقة مأهولة بالسكان جنوب غرب الرويس في أبوظبي، استناداً إلى عوامل بيئية وتقنية وتجارية، وذلك بعد عملية تقييم شاملة أجراها عدة خبراء محليين ودوليين، كما تم تصميم المحطة لتحمل العديد من الأخطار والتحديات ومن ضمنها الزلازل وموجات المد البحري (تسونامي).

كما تتسم منطقة “براكة” بالقرب من الموارد الضخمة للمياه ومن شبكة الطاقة الكهربائية ومن البنية التحتية للصناعة والنقل وتوفر ظروف بناء أفضل، عوامل الأمان، والظروف المواتية لعميلة الإخلاء القدرة على تقليل التأثير البيئي

ويطلق على النموذج الإماراتي عبارة “المعيار الذهبي” لتطوير برنامج نووي سلمي، حيث يخلو المشروع النووي الإماراتي من مرحلة التخصيب، وكذلك إعادة معالجة الوقود المستهلك في المفاعلات النووية وذلك للتأكيد على التزام الإمارات بأعلى معايير السامة والأمن ومعايير حظر الانتشار النووي.

وسيساعد البرنامج النووي السلمي على خفض انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون بنحو 12 مليون طن سنوياً حيث ستمدّ محطات الطاقة النووية الأربع بنحو 5600 ميجاواط من الكهرباء منخفض الكربون للشبكة الكهربائية الوطنية بحلول العام 2020 مما سيساهم في تنويع مصادر الطاقة في الدولة.
وشهد عام 2009 صدور مرسوم بقانون اتحادي رقم 6 الخاص بالاستخدام السلمي للطاقة النووية، والذي تم بموجبه إنشاء الهيئة الاتحادية للرقابة النووية والثاني صدور مرسوم بقانون رقم 21 بشأن إنشاء مؤسسة الإمارات للطاقة النووية والمسؤولة عن تنفيذ والإشراف على برنامج الإمارات النووي الهادف إلى إنتاج الكهرباء وتدعيم التنمية الاقتصادية للدولة.

واعتمدت الهيئة الاتحادية للرقابة النووية في يوليو 2010 رخصة الأعمال التمهيدية في براكة، وتوفر الطاقة النووية أكثر من ألفي فرصة عمل بحلول 2020، وفي أبريل من العام 2010، تقدمت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية بطلبي ترخيص لاستخراج إذن البدء في الأعمال الأولية للموقع الذي اختارته المؤسسة لإنشاء أولى محطات الطاقة النووية بدولة الإمارات العربية المتحدة، بالإضافة الى التقييم البيئي.

وبدأت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية بأعمال إنشاء أولى محطات البرنامج النووي السلمي لإنتاج الكهرباء في دولة الإمارات يوم الأربعاء 19 يوليو 2012 وذلك بالبدء بصب الخرسانة للوحدة الأولى في موقع براكة.

وفي أغسطس من العام 2012، وتعاقدت المؤسسة مع مجموعة من كبار الموردين الدوليين لتوفير الخدمات المتعلقة بالوقود النووي لتلبية متطبات المؤسسة، وستضمن استراتيجية الوقود النووي هذه أمن الإمدادات والسرعة في التوريد والجودة في المواد المستوردة وتقديم فرصة للشركات العالمية للتنافس، مما يوفر للبرنامج النووي الإماراتي السلمي المرونة في التوريد للتكيف مع ظروف السوق المتغيرة.

وتقدّر قيمة العقود الستة بحوالي ثلاثة مليارات دولار أميركي وفقاً لتقديرات مؤسسة الإمارات للطاقة النووية وذلك حسب قيمة السوق الحالية، وسيوفر الوقود المتعاقد عليه ما يصل إلى 450 مليون ميغاواط في الساعة من الطاقة الكهربائية والتي تكفي لمدة 15 عاماً.

وقد اختارت المؤسسة تكنولوجيا المفاعل النووي المتقدم 1400 من شركة كيبكو (مفاعل من الجيل الثالث بقدرة 1400 ميجاواط) وهي تكنولوجيا ثبتت كفاءتها العالية وتتوافق مع أعلى المعايير العالمية للسلامة والأداء، وقد صُممت المحطات النووية بحيث تتصدى للكوارث الطبيعية مثل موجات المد العالي (تسونامي) والزلازل، بالإضافة إلى حوادث انقطاع التيار الكهربائي.

الاتحاد