دفعت الفتاة «س .م» (27 عاماً)، أحلام عمرها ثمناً لعملية نقل دم ملوث بالخطأ، تمت عندما كانت طفلة، فهي درست واجتهدت في مجال التمريض، وانتظرت سنوات الدراسة حتى تنتهي وتبدأ بالعمل، وتخدم في هذا المجال، تلك المهنة الإنسانية السامية، التي يلعب القائمون عليها دوراً كبيراً في التخفيف عن المريض ومواساته، ولم تكن تعلم بأنها هي من ستحتاج للمواساة والتخفيف عنها طوال حياتها.

ما إن انتهت «س.م» من دراستها في تخصص التمريض، وتقدمت حاملةً أوراقها للتعيين، طُلب منها ما هو معهود أثناء التوظيف، أوراق تثب بأنها لائقة صحياً، لكنها أصيبت بالصدمة عندما اكتشفت أنها مصابة بمرض المناعة المكتسة «الإيدز»، لتتشكل أمامها غيمة سوداء توضح لها مستقبلها التالي.. في تلك اللحظة تمنت الفتاه لو أن الأرض انشقت وابتلعتها في الوقت نفسه، على أن تسمع خبراً مثل، مشيرةً إلى أنها طرقت أبواباً عدة جميعها أوصدت في وجهها خوفاً من توظيفها لإصابتها بمرض لا جُرم لها فيه.

وفي هذا الشأن، أكدت منظمة الصحة العالمية أن دولة الإمارات كان لها دوراً كبيراً في التقليل من الأمراض الناجمة عن نقل الدم عالمياً، حيث أسهمت في انخفاض نسبة إصابة الأشخاص بالأمراض الفيروسية والمعدية الناتجة عن نقل الدم.
وأكد قرار مجلس الوزراء رقم 28 بشأن نظام نقل الدم على الاشتراطات والإجراءات الواجب اتباعها أثناء نقل الدم، وبالنسبة للتشاخيص المخبرية التي تجرى على وحدة الدم بعد التبرع بالدم، وحفاظاً على سلامة المرضى وللتأكد من خلو الدم المنقول للمريض من أي جراثيم أو فيروسات أو بكتيريا عن طريق التشاخيص المخبرية فإنه يلزم إجراء تشاخيص مخبرية عدة وبطرق عالية الحساسية خاصة بعد اكتشاف مرض «الإيدز».

وتناول الفصل الثالث من القرار أسس التعامل مع الدم ومكوناته، وذلك من مبدأ إن الهدف الأساسي لمراكز التبرع بالدم هو التأكيد على أن جميع العمليات المتعلقة بجمع وتحضير وتخزين ونقل الدم أو مكوناته تتم بطريقة تكون الفائدة منها مثالية بالنسبة للشخص المتلقي، وإن جميع الطرق المتبعة يجب أن تمنع أو تؤجل حدوث أي تغيرات فيزيائية أو كيميائية قد تضر مكونات الدم، أو تقلل من حدوث تلوث أو تكاثر للميكروبات إلى أدنى درجة ممكنة.

وأكدت الدكتورة نعيمة أومزيان المدير الطبي لبنك الدم «أبوظبي» في شركة أبوظبي للخدمات الصحية «صحة»،أن معظم دول العالم تتبع الاشتراطات الصادرة من منظمة الصحة العالمية في ما يخص نقل الدم حالياً، ولم يعد الأمر مشابهاً لما كان قبل عشرين عاماً، فهناك قرارات في كل دولة بما يخص نقل الدم، وذلك لإيقاف المخاطر، والذي أساساً له فوائد كثيرة مثل إنقاذ حياة المرضى، فهناك بعض المخاطر التي تكون عادة خارجة عن إدارة الأجهزة المختصة والمتابعة لحالة المريض عند نقل الدم إليه مثل الإصابة ببعض الأمراض أبرزها: الإيدز، الذي يحدث في حالة نقل فيروس الإيدز عن طريق نقل دم ملوث لم تكتشف الأجسام المضادة به «خلال فترة الحضانة» إلى مريض يحتاج لنقل الدم، وكذلك التهاب الكبد الفيروسي من نوع «ب أو ج» عن طريق نقل الفيروس من خلال نقل الدم الاعتيادي أو نتيجة لإجراء الفحوص الطبية ولم يتم اكتشاف الفيروس بسبب فترة حضانة الفيروس والتي في العادة تكون طويلة.

وأضافت: بالإضافة إلى مرض الزهري، ويعتبر الكشف عن هذا المرض هو أحد الفحوص الرئيسة التي تجري على دماء المتبرعين بالدم للحد من نقل هذا المرض إلى المريض مع إتلاف الدم إذا اكتشف تلوثه بالمرض مع إعادة الفحص للمتبرعين المعنيين وتحويله إلى الجهة المختصة لأخذ العلاج اللازم .

أما مرض جنون البقر، عادة لا يوجد تشخيص مخبري على الدم للكشف عن البروتين المسبب للمرض ولكن يجب أخذ الاحتياطات اللازمة لمنع سحب الدم من أشخاص قد يكونوا معرضيين للإصابة بهذا المرض، وذلك بتوجيه أسئلة للمتبرع عن سفره لبعض الدول خلال فترات معينة، وبناءً على الأجوبة يتم تحديد إذا من الممكن تبرعه بالدم أولاً.
وأوضحت نعيمة أومزيان، أن كل تبرع بالدم يخضع لعدد من الفحوص المخبرية على أعلى مستوى، للتأكد من خلوه من فيروسات الإيدز، والالتهاب الكبدي، والسفلس وفيروس الخلايا الليمفاوية، وتعتبر الإمارات من أوائل الدولة العربية التي تطبق فحص الحمض النووي شديد الدقة للتأكد من خلو الدم من فيروسات «الإيدز». وحذرت أومزيان من عمليات نقل الدم أو العلاج في منشآت صحية تفتقر لاشتراطات الصحة العامة خارج الدولة.

الاتحاد