فاطمة ماجد السري
من ضمن ذكريات المرحوم والدي، قال لي إنه عندما بدأ عوده يشب في أربعينيات القرن الماضي، بدأت جدته المرحومة السيدة مينه بنت سعيد بن فري المزروعي المري، تعتمد عليه، ومن أهم الطلبات، كان يجهز لها قرب الفجر سفينة البتيل لكي يرحلوا من منطقة اللية إلى منطقة أم سقيم، ليرحلوا بعد صلاة الفجر في رحلة بحرية عندما يكون البحر خواهر (أي هدوء في جو البحر)، ليصلوا مساءً ويقضوا ثلاث ليالٍ ثم يعودون، وكان يصف هذه الرحلة بأنها من أمتع الرحلات التي قضاها في حياته.
وفي 9 نوفمبر من عام 2016، افتتحت قناة مائية ربطت ما بين خور دبي إلى الخليج التجاري، مروراً بشارع الشيخ زايد، لتمر بحديقة الصفا، ثم شارع الوصل ثم منطقة جميرا والخليج العربي، ليبلغ طولها 12 كيلومتراً، واعتبرت القناة من روائع إنجازات وابتكارات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله.
حيث عملت عدة فرق في عصف ذهني منذ ثلاث سنوات، لكي يؤسسوا لهذه القنوات، ثم بدأت الأعمال في إنجاز لم يشعر به مع الأيام، إلا من كان يعيش في هذه المنطقة، وفي فترة بسيطة، أصبحت القناة تلاحظ حتى من الفضاء الخارجي، وهذا ابتكار لا حد له، ونحن الآن في أسبوع الابتكار، ولا بد لنا أن نهنئ أنفسنا بهذه العقول الإماراتية التي تميزت بعقول تبتكر هذه الابتكارات، وكنت أقول لنفسي، أين أنت يا والدي من هذه القناة أيام ما كنت تأخذ جدتك من اللية إلى أم سقيم.
إن هندسة القناة وروعة إنجازها وتنفيذ مشاريعها في ثلاث سنوات، وشق الطرق وتنفيذ الجسور، لتصبح معالم القناة بهذه الروعة التي صارت إليه بهذا التصميم والابتكار الذي مزج بين التكنولوجيا والأشكال الهندسية الحديثة، أعطت لمن يرتادها، أن يتخيل كأنه في فضاء بين غيوم السماء الممطرة، وتفسح له المجال في قارب، وكلما أمطرت تعطيه فرصة لكي يذهب إلى الجانب الآخر بدون ألا يمسه المطر.
وهذه الابتكارات جديدة تتماشى مع العصر، وتتماشى مع تخيلات الإنسان، وإنها مستقبلية لأهل البلد ولضيوف البلد، ولمن أراد ومن سمع بهذه القناة، فسوف تخدم اقتصادياً وسياحياً وتجارياً على المدى البعيد، وهي مفخرة من المفاخر التي يجب أن يعتز بها كل إماراتي، وينقل إليه عن هذا المَعلَم، الذي، إن شاء الله، سيزوره عشرات الملايين من السائحين في المستقبل القريب.
هذا جزء يسير من أفكار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الذي شق بأفكاره البحر، وكان برج العرب، وقامت نخلة جميرا وجزيرة العالم ونخلة ديرة، وها هي القناة المائية بروعتها وابتكارها الذي فاق تصورها أحلام اليقظين أو النائمين، أصبح حقيقة من حقائق وإبداعات سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله.
البيان