سامي الريامي
ليس بسر أبداً إذا قلنا إن الدائرة الاقتصادية في دبي هي أول دائرة أدخلت ثقافة الجودة والتميز إلى دوائرنا المحلية، وهي التي بدأت خطوات العناية بالعميل وتقديم خدمات ذات طبيعة «خمس نجوم»، وبدرجة نافست فيها وبشدة القطاع الخاص، على الرغم من أنها جهة حكومية.
أحدثت الدائرة في بداية التسعينات نقلة نوعية كبيرة في مفهوم تقديم الخدمات للمراجعين بأسلوب مميز، شكّل ما يشابه الثورة في عالم الخدمات الحكومية، إنها حقيقة تاريخية مثبتة لا يمكن إنكارها، واليوم وبعد 20 عاماً على تلك النقلة، تحدث الدائرة بمسماها المتطور «دائرة التنمية الاقتصادية»، ثورة جديدة ونقلة أخرى مميزة تتناسب جداً مع حجم التطور، والنقلات الأخرى المميزة التي تمر بها المدينة.
التميز في تقديم الخدمات لم يعد شيئاً غريباً في دبي، والتطور الفكري الذي تمر به الدوائر، قبل الممارسات العملية، أصبح ميزة عامة، والتنافس على التميز والتفاني في خدمة المراجعين أصبحا علامة فارقة يتشح جميع الموظفين بها، لأنها أصبحت نهجاً ودورة عمل يومية نابعة من استراتيجية وخطط ثابتة، وبفضل ذلك أصبحت دوائر دبي، كما يقول خبير عربي في الإدارة «تتفوق على مثيلاتها في الوطن العربي بمساحة زمنية تقدر بـ50 سنة»!
لست هنا لمجاملة الإخوة في الدائرة الاقتصادية، ولن أتردد يوماً عن انتقادهم لو ثبت لي ما يستحقون عليه الانتقاد، ولكن من باب الإشادة بالعمل الجيد، ونبذ العمل السلبي إن وجد، أجد أن صاحبنا الخبير العربي أنصف دوائرنا بحسن نية، لكنه ظلمها بمقارنتها فقط بمؤسسات الوطن العربي، فزيارة ولو سريعة لمبنى قرية الأعمال في ديرة، التابع لدائرة التنمية الاقتصادية، تجعل الإنسان يصاب بدهشة حقيقية، فهو باختصار متفرد في بيئته، وأسلوب العمل فيه، والتمازج النادر بين القطاعين العام والخاص لتقديم خدمة ذهبية للمراجع، ليس على مستوى الوطن العربي بل على مستوى العالم، من دون مبالغة ولا مجاملة، وربما نظرات الإعجاب والاستغراب والدهشة والذهول، وكل الكلمات من هذا النوع، كانت واضحة على ملامح ذلك الأميركي المسؤول في بنك شهير بواشنطن، جاء خصيصاً للوقوف بنفسه على التسهيلات والخدمات التي يمكن لبنكه الحصول عليها في هذه المدينة.
دائرة التنمية الاقتصادية لم تعد كما كانت قبل 20 عاماً، مجرد جهة حكومية تُعنى بالتراخيص التجارية، لقد أصبحت اليوم دعامة حقيقية من دعامات تطور الاقتصاد والتنمية الشاملة في إمارة دبي، لقد أصبحت وسيطاً تجارياً يجمع طرفي العالم، شرقه وغربه في دبي، أصبحت حاضنة للأعمال والتجارة، ووجهة لكبرى شركات الشرق لتسويق منتجاتها في المنطقة، حجم النشاط التجاري الذي تقوم به كبير جداً، ومتشعب جداً، ومفيد جداً.
واللافت في هذا كله، أن هذا النمو وهذا التطور، وهذه الأفكار، جميعها، هي صناعة إماراتية بحتة، من أعلى الهرم الإداري إلى موظف الخدمة الذي يجمع في مكتبه رجال الأعمال لكي ينهي معاملتهم في دقائق معدودة، شيء يُشعر الزائر بالفخر لأن ابن الدار استطاع أن يصل إلى هذا المستوى المتطور جداً في التفكير والتنفيذ، ومن أجل ذلك استحق العاملون في الدائرة كلمة سمو الشيخ حمدان بن محمد آل مكتوم، عندما زار قرية الأعمال، فقال: «أريد جميع دوائر دبي أن تطبق هذا النموذج