سامي الريامي
المسألة ليست تصعيداً من دون مبرر، بالنسبة لنا هي مرحلة مفصلية مهمة نتمنى القضاء عليها، مرحلة يكون فيها الصحافي هو الحلقة الأضعف، وهو الشماعة التي يجب أن تتحمل تعليق كل الأخطاء عليها، وبالطبع تتحمل معه مؤسسته جزءاً كبيراً من هذا اللوم والعتب، والمسؤول في المقابل هو دائماً على حق، وعند الخطأ، فإن هناك حتماً صحافياً «خانته الدقة» في نقل التصريحات!
أتمنى أن يكون ما حدث في حلقة «مباشر دبي»، أول من أمس، درساً واضحاً ومباشراً لكل المسؤولين، فلا مجال اليوم، وفي هذا القرن، لأن يحصر البعض تفكيره في عقليات الثمانينات والسبعينات في التعامل مع الإعلام، فلم يعد هناك مجال للتهرب من كلمات صدرت، ومواراة وحجب وتلاعب في ألفاظ من أجل تمييع الحقيقة، ولم يعد هناك إعلام ضعيف يمكن أن يتوارى بمجرد أن يصرخ مسؤول هنا أو هناك!
أمين عام هيئة الشباب والرياضة أطلق تصريحات نارية في مؤتمر عام في لحظة جرأة وشجاعة، لكنه أراد التنصل منها عندما تصاعد الأمر لمنحى لم يكن في اعتباره وخُلْده، عندها أراد التضحية بالصحافي الذي لم يكن دقيقاً في نقل تلك التصريحات، ولا أدري إلى الآن ما الفرق بين «قنوات تطلب مبالغ مالية من أجل تغطية نشاطات الهيئة» أو «قنوات محلية تطلب مبالغ مالية من أجل تغطية النشاطات»، كما لا أعرف الفرق بين «قنوات تسعى للإثارة على حساب الرياضة» أو «القنوات المطالبة بتقديم الرياضة على الإثارة التي تقوم بها»، شخصياً لا أرى سوى محاولة لإلقاء الخطأ على حلقة أضعف من سعادة الأمين، فكان الضحية هو الصحافي منصور السندي، ولولا وجود إعلامي محنك يدير الحوار بكفاءة عالية، هو عدنان حمد، الذي اتصل فوراً بمنصور وأوضح الحقيقة على الهواء أمام الجميع، لكانت القضية تحولت برمتها إلى هجوم لاذع عليه وعلى «الإما رات اليوم» التي نقلت تصريحات الأمين العام، الغريب في الأمر أن إبراهيم عبدالملك لم يعلق إطلاقاً على إيضاحات منصور السندي، ما يؤكد دقة الصحافي وصحة خبره وبراءة ساحته!
إلى هنا كان الأمر مقبولاً نوعاً ما، على الرغم من مناورات الأمين العام، لكن المصيبة الأكبر كانت في اتصال مدير قنوات أبوظبي، محمد نجيب، الذي أكد على الهواء مباشرة، أن إبراهيم عبدالملك قال له عبر الهاتف إنه كان يقصد قناة دبي الفضائية في تصريحاته، في الوقت الذي كان قد أكد لعدنان حمد قبل الاتصال أنه لا يقصد أبداً قنوات مؤسسة دبي للإعلام.. ما يعني أن المسألة تجاوزت كثيراً حد المناورة لتدخل إلى مساحة لا يجوز أبداً لمسؤول كبير الدخول فيها!
بالتأكيد لن ندعي الكمال في الصحافة، ولنا أخطاؤنا، ونملك الشجاعة الكاملة في الإقرار بها، عند ثبوتها، لكننا من خلال هذه الواقعة نرفض تماماً تحمل أخطاء الآخرين، ومن يدلِ بكلمة فعليه أن يكون قادراً على التمسك بها ومواجهة العالم بأسره إن كان مقتنعاً بما يقول!
بالنسبة لنا هي ليست الحالة الأولى من نوعها التي يرمي فيها مسؤول أخطاءه علينا، لكنها المرة الأولى التي تثبت فيها براءتنا على الهواء مباشرة، ونتمنى بكل تأكيد أن تكون الأخيرة.