علي أبو الريش
طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى في قلوب الشوارع، في شوارع القلوب، وإن اشتدت خطوة واكفهرت دروب، تبقى الجغرافيا ناقوساً يدق في عالم التاريخ، ومن يعتقد أن الحقوق تتلاشى بالتقادم، فهو واهم، فتلك الترائب وهذه الأصلاب، ولا حاجة إلى زيف ولا نزيف جديد من الاستفزازات والزيارات التي لا تنم إلا عن سوء ظن وضغينة، وعن وسيلة من لا حيلة له غير الحيل الدخيلة والسير قدماً في أوهام المجد وألغام التصرفات الغوغائية.
ولو فكر عاقل رشيد في علاقة إيران بأبناء الخليج العربي، وفهم مدلول هذه العلاقة وأهميتها لإسعاد الشعبين، لما خطا خطوة واحدة تدمر هذا الصرح التاريخي، ولما اغتصب أرض الآخر لتحقيق مجد تاريخي أشبه بالحمل الكاذب، وأقرب شبهاً بتفكير الظامئ بالسراب.
فإيران لن تقوى بالاحتلالات ولا بالتصريحات اللامسؤولة، فقوة إيران بقوة علاقتها مع الجيران، واحترام السيادة لكل بلد.
وإذا كان هدف إيران التوسع، فإن لهذا البلد قارة جغرافية واسعة، وسكان يصل عددهم إلى 85 مليون نسمة، وبإمكان إيران استثمار المساحة الجغرافية الغنية بالثروات الهائلة وبإمكانها الاستفادة من الثروة البشرية، وتسخير كافة الإمكانات لأجل التعليم الذي يعتبر أزمة في إيران، ولأجل صحة الإنسان وعافيته الاقتصادية. فإيران ليست بحاجة إلى مساحة إضافية، لتعتدي على أرض الآخر، ولكن ما تعانيه إيران هو القليل من سعة الصدر لتستوعب مطالب الآخرين في حقوقهم، والقليل من رجاحة العقل في تغليب المنطق على العواطف المتداعية، تهوراً واندماجاً مع العبث الوجودي.
ولو نظام الحكم في إيران وزع استطلاعاً للرأي أمام الشعب الإيراني، فنحن على ثقة بأن هذا الشعب سيختار علاقته الودية مع الإمارات، وليست الاستمرار في احتلال الجزر ، لأن الشعب الإيراني يعرف مصلحته ويعرف أين تتجه بوصلة التعنت، وأين ستأخذه رياح اللامبالاة بمصالحه. فالشعب الإيراني المشبع بقيم وثقافة العرب منذ فجر التاريخ، يعرف جيداً أن مثل هذه التصرفات في نشر العدوان في كل مكان لا تخدم قضيته في عقد السلام مع شعوب العالم، وبالأخص شعوب المنطقة، ويعرف أن الاستمرار في التمادي في إبراز القوة ما هو إلا زبد سيذهب جفاء أمام الحقائق، فالعالم اليوم ما عاد يطيق مثل هذه الأساليب في معالجة القضايا العالقة، والعالم يعرف أن الإمارات بلد أسست على السلام واحترام الآخر، والعلاقة معه تكاملية، لأجل وئام الجميع وأمان واستقرار الجميع. فإن تخطئ إيران فلا ضير، ولكن أن تستمر في بناء الأخطاء فهذه هي المعضلة. ونتمنى أن تدهشنا إيران بفعل يؤكد صدقية ما ترفعه من شعارات.
– عن الاتحاد