محمد عيسى
تصنيف الإمارات بأنها “سويسرا الشرق الأوسط” بحسب التقرير الذي نشرته الـ “فايننشيال تايمز” قبل يومين، لجهة الأمن والأمان ونعمة الاستقرار والفرص الاقتصادية والحياة الكريمة، وأن الكثيرين يعتبرونها ملاذاً آمناً وسط الاضطرابات التي تعصف بأجزاء من المنطقة، وأن الإمارات تتميز بنعمة الاستقرار مقرونة مع ثروات ضخمة، ما أسهم في تعزيز توجهات النمو في قطاع البنوك الخاصة التي تشهد تزايداً في الطلب من جهة العملاء فائقي الثراء، وأن الإمارات تمثل نقطة الانطلاق لـ “طريق الحرير” وهي الطريق الجديد الذي يربط آسيا بالشرق الأوسط، يقودنا بالتأكيد إلى تساؤل مهم، لماذا سويسرا هي المقياس؟ قد يكون ذلك صحيحاً في ستينيات القرن الماضي، عندما كان يطلق على لبنان سويسرا الشرق، فالمعايير اليوم التي تضع البلدان في مصاف الدول المتقدمة تخطت سويسرا كثيراً، صحيح أن هذا البلد الأوروبي الرائع الجمال يعرف بسمات مميزة جعلت منه بلداً جاذباً لرؤوس الأموال والاستثمارات والسياحة، وأنه بلد يقف على الحياد ولا يملك جيشاً ولا سلاحاً نووياً وهو بلد صغير استطاع أن يجعل من حجمه وصغره أدوات قوة، ويضرب بدقة وجمال ساعاته المثل.
في اعتقادي أن مقاييس التقدم التي أخذت بها الإمارات تختلف عن المقياس السويسري، مع احترامي وتقديري لهذا البلد الرائع الذي أجد فيه راحة وأمان وطمأنينة لا أجدها في أي بلد أوروبي آخر، كما أنه بلد يملأ السمع والبصر ويعرفه الملايين، وفي بنوكه المليارات من ثروات العالم.
مقاييس الإمارات هي في الأساس إنسانية استمدتها من تراثها وسعيها الأصيل، الذي كافح على مدى العقود الأربعة الماضية مع قيادته العبقرية الفذة ليسطر أروع ملحمة حضارية إنسانية في الشرق الأوسط والعالم.
من كان يصدق في سبعينيات القرن الماضي لو قلنا إن الإمارات تستقبل سنوياً أكثر من 8 ملايين سائح؟ أعتقد أن حديثا كهذا في سبعينيات القرن الماضي كان ضرباً من الخيال، لا يصدقه أحد، اليوم هو واقع ملموس، والإمارات ما زالت تتوسع في مرافقها السياحية لتستقبل ضعف هذا الرقم في السنوات المقبلة، وكذلك بشأن الاستثمارات التي تقدر بعشرات المليارات من الدولارات والشراكات الاقتصادية مع كبرى الدول الصناعية والجامعات. ويؤم الإمارات قاصداً الاستثمار أو العمل الآلاف سنويا، ويعيش على أرض هذا البلد أكثر من 200 جنسية بأمن وأمان واستقرار يكسبون عيش يومهم بكرامة وعزة ويساهمون في دعم اقتصاد بلدانهم بأكثر من 25 مليار دولار سنوياً.
لا أعتقد أن سويسرا تملك هذه السمات والمميزات، التي تنفرد بها الإمارات وتعتبر نموذجاً رائداً ومتقدماً للتعايش والتسامح والحياة الكريمة للجميع، وكلمة السر وراء هذه الملحمة العظيمة التي تجسدها الإمارات ليست من المقياس مع سويسرا التي تقف على الحياد، بل هي من الإمارات بتقاليدها العربية الأصيلة التي تقف إلى جانب الحق والعدل وتنجد المظلوم وتنشر السلام والاستقرار في العالم
– عن الاتحاد