الفجيرة اليوم
أصدرت وزارة الخارجية والتعاون الدولي، أمس، بياناً بشأن قرار محكمة الاستئناف في أبوظبي في قضية الجاسوس المُدان ماثيو هيدجز، البريطاني الجنسية جاء فيه: أصدرت محكمة استئناف أبوظبي الاتحادية يوم الأربعاء الموافق 21 نوفمبر 2018، قرارها بإدانة ماثيو هيدجز، بتهمة التجسس لصالح دولة أجنبية، ما من شأنه الإضرار بالأمن العسكري والاقتصادي والسياسي لدولة الإمارات، حيث حكمت المحكمة على هيدجز بالسجن المؤبد.
وتؤكد وزارة الخارجية أن عائلة هيدجز قدمت التماساً للعفو، إلى صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وذلك من خلال إرسال رسالة شخصية إلى سموه.. وقد قام موظفو القنصلية البريطانية بنقل الرسالة عبر القنوات الرسمية.
وأعلنت وزارة شؤون الرئاسة عقب ذلك، أن صاحب السمو رئيس الدولة قد أصدر عفواً رئاسياً بأثر فوري، ويشمل العفو الرئاسي المُعتاد لليوم الوطني، اسم هيدجز، ضمن قائمة المعفى عنهم بمناسبة اليوم الوطني الـ 47 لدولة الإمارات، وسوف يُسمَح له بمغادرة الدولة فور اكتمال الإجراءات الرسمية.
وقال معالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية: «إن الرأفة والمكارم التي عهدناها من صاحب السمو رئيس الدولة من خلال العفو الرئاسي المُعتاد لليوم الوطني، تتيح لنا التركيز على متانة العلاقات الثنائية بين دولة الإمارات والمملكة المتحدة، والمنافع التي يمكن أن يجنيها كلا البلدين، والمجتمع الدولي عموماً..
ففي حين حرصت الإمارات على أن تكون الأولوية للعلاقات الثنائية بين البلدين خلال المباحثات التي جرت في الأشهر الخمسة قبل الشروع في الإجراءات القضائية، كانت هذه المسألة واضحة، ولكنها أصبحت تزداد تعقيداً بلا داعٍ، رغم كل الجهود التي بذلتها دولة الإمارات».
وأضاف معاليه: «إن مَكرُمة العفو الرئاسي المُعتاد، تسمح لنا بإغلاق هذا الجزء، والتركيز على الجوانب الإيجابية العديدة لهذه العلاقة».
واستندت القضية المرفوعة ضد هيدجز، إلى أدلة قانونية، من خلال فحص الأجهزة الإلكترونية الخاصة به، والمعلومات الاستخبارية التي توصلت إليها أجهزة الأمن والاستخبارات الإماراتية، والأدلة التي قدمها هيدجز بنفسه، ومن بينها ما يوثق تسخير وتدريب عناصر لاستخدامها في التجسس والمعلومات السرية المُستهدفة.. وقد تحققت المحكمة من عمل المتهم في أجهزة استخبارات أجنبية، عن طريق أجهزة الاستخبارات الإماراتية.
أدلة قاطعة
واستعرض جابر اللمكي، القائم بأعمال المدير التنفيذي لقطاع الاتصال الإعلامي والاستراتيجي في المجلس الوطني للإعلام، خلال إحاطة إعلامية أمس، بعض المعلومات بشأن قضية المواطن البريطاني ماثيو هيدجز، وأكد أن القضية تتعلق بجريمة تمس أمن الإمارات وسيادتها، وليست قضية سياسية أو قضية رأي وحقوق إنسان، وهذا ما هو مثبت بشكل واضح جداً، بالأدلة والقرائن واعتراف المدان.
وأضاف «اتهم هيدجز وحوكم وأدين بالتخابر مع دولة أجنبية، بعد ثبوت التهم عليه بالأدلة القاطعة، واعترافه بذلك، وخلال محاكمته اعترف هيدجز بالعمل على جمع معلومات حساسة وسرية عن الإمارات، لصالح أحد أجهزة الاستخبارات الأجنبية، وقد أثبتت الأدلة التي عُرضت على المحكمة من قبل النيابة العامة، التهم المسندة لهيدجز، والتي أكدها كذلك اعترافه الصريح بقيامه بالتخابر لصالح دولة أجنبية، الأمر الذي لا يقبل الجدل بإدانته».
وأضاف «اعترف هيدجز بأنه تلقى تعليمات من الجهة التي يعمل لصالحها للبحث عن معلومات حول عدد من الأهداف، منها: جمع المعلومات عن القدرات العسكرية لدولة الإمارات، وجمع المعلومات الاقتصادية الخاصة بالوضع المالي للدولة، من خلال معرفة تفاصيل مالية دقيقة عن وضع مجموعة من الشركات الكبرى ذات الصبغة الاستراتيجية بهدف ضرب مصالح الدولة الاقتصادية، وكذلك جمع وتحليل المعلومات عن متخذي القرار بالدولة، وجمع وتحليل المعلومات العسكرية والسياسية حول دور دولة الإمارات في الحرب ضد الحوثيين باليمن».
أنشطة مشبوهة
وأوضح اللمكي أن نوعية المعلومات التي كان يتقصى عنها المدان بالنسبة لأي بلد، لا تندرج تحت تصنيف أي شكل من أشكال الدراسات الميدانية التي يقوم بها أي باحث طبيعي، يسعى لبناء المعرفة وتطوير القدرات لأغراض علمية، وللأسف الشديد، استغل هيدجز المناخ المنفتح الذي توفره الدولة لكافة الأكاديميين والباحثين، لإجراء بحوثهم بحرية، ودون تدخل من أي جهة.
حيث قام بعملية التجسس تحت غطاءين، الأول بصفته باحثاً أكاديمياً، والثاني بصفة رجل أعمال، حيث كان يستغل كل صفة حسب الشخص الذي يقابله، وفقاً لتعليمات الجهة الاستخباراتية التي يعمل لصالحها، حيث إن هيدجز أقر بأنه يعمل بشكل كامل ورسمي لهذه الجهة الاستخباراتية.
وأشار إلى أن القضية بدأت من خلال تلقي النيابة العام بلاغاً يفيد بأن هيدجز يعمل على طرح أسئلة وأنشطة مشبوهة لجمع معلومات حساسة عن الأهداف السالفة الذكر، حيث تمكن من بناء شبكة علاقات مع العديد من الأشخاص، كونه قدم نفسه كباحث أكاديمي، وبناء على البلاغ، وبعد استكمال الإجراءات القانونية، صدر أمر بضبط وإحضار المدعو هيدجز.
وأوضح أنه بعد تنفيذ أمر الضبط والإحضار، قامت النيابة العامة بطلب المزيد من المعلومات والتحريات الإضافية عن الواقعة من السلطات المختصة، وخلال عملية التحري، تبين للأجهزة الأمنية، أن هيدجز عمل سابقاً في الدولة لصالح مؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري «إنيجما» المختصة بعمل الدراسات الأمنية والعسكرية، وتنظيم المؤتمرات والفعاليات في هذا المجال، ومن خلال عمله السابق، كان ناجحاً في التقرب من شخصيات نافذه في الأوساط العسكرية، وقد أغلقت هذه الشركة منذ فترة طويلة.
ترحيب
رحب متحدث باسم رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي بالعفو عن الجاسوس المدان البريطاني ماثيو هيدجز. وكتب جيريمي هانت وزير الخارجية البريطاني على «تويتر»: «أخبار رائعة بخصوص ماثيو هيدجز. نحن ممتنون لحكومة الإمارات العربية المتحدة لحل قضية هيدجز».
بدورها عبّرت زوجة هيدجز عن سعادتها لأنباء العفو عنه. وقالت دانييلا تيخادا «هذا النبأ غمرنا بسعادة بالغة» .
المدان حظي بكافة الحقوق خلال فترة توقيفه
أفاد القائم بأعمال المدير التنفيذي لقطاع الاتصال الإعلامي والاستراتيجي في المجلس الوطني للإعلام، بأن المدان حظي بكافة الحقوق التي يضمنها القانون له.
وقال إنه نظراً لشبكة العلاقات الكبيرة التي أسسها المدان، نتيجة عمله السابق، تم تعيينه من قبل أحد أجهزة الاستخبارات، وذلك لمعرفة هذا الجهاز بالعلاقات التي يملكها هيدجز مع الأوساط العسكرية والأمنية في الإمارات، نتيجة عمله السابق، حيث تلقى التدريبات اللازمة لكيفية جمع المعلومات، وتم إسناد مهمة العودة إلى الإمارات تحت غطاء باحث أكاديمي، وهذا ما اعترف به المدان خلال التحقيق.
موضحاً أنه بعد التأكد من صحة البلاغ، أصدر النائب العام أمراً بتاريخ 3 مايو 2018، بضبط وإحضار المدعو هيدجز، حيث تم إلقاء القبض عليه في مطار دبي بتاريخ 5 مايو، بينما كان يخطط لمغادرة البلاد، وتم القبض عليه، وفق آليات وأصول الإجراءات القانونية، وتم احتجازه وفق الإجراءات المتبعة بالدولة، وقد قامت الجهات المختصة بإخطار سفارة المملكة المتحدة لدى الدولة، كون المتهم يحمل الجنسية البريطانية.
وأشار إلى أن ممثلين عن السفارة البريطانية حضروا كافة جلسات المحاكمة، حيث كانت السفارة تقوم بإرسال موظفين من قبلها للوجود مع هيدجز، ولم تبدِ السفارة أي تحفظ حتى إصدار حكم المحكمة، وخلال فترة توقيف هيدجز، حظي بكافة الحقوق التي يضمنها القانون له، وسمح له بالتواصل مع عائلته، حيث أجرى 27 مكالمة هاتفية لأفراد عائلته وزوجته ووالدته وزوجها.
كما سمح له باستقبال زوار من قبل القنصلية البريطانية، وأفراد أسرته 6 مرات، أثناء فترة احتجازه، وتم توفير الرعاية الطبية الكاملة، حيث كان يتلقى فحصاً طبياً دورياً، لضمان عدم تعرضه لأي عارض صحي، وهذا الإجراء متبع في كافة المؤسسات العقابية بالدولة.
وذكر جابر اللمكي أنه في بداية جلسات المحاكمة، قام القاضي المختص بسؤال المتهم بقدرته على توكيل محامي للدفاع عنه، حيث أجاب بعدم استطاعته القيام بذلك، وعليه، وكما هو متبع في الإجراءات القانونية في الدولة، والتي تقضي بأنه في حال تعذر أي متهم توفير محامٍ للدفاع عنه، تقوم الدولة بذلك، حيث تم تكليف محامٍ للدفاع عن المتهم، كما تم توفير الترجمة الفورية خلال كافة مراحل التحقيق والتقاضي، بحيث كان المدان على دراية كاملة وتامة بكافة التفاصيل والأسئلة ومجريات التحقيق والتقاضي.
وأكد أن كافة مراحل العمل بهذه القضية، تمت وفقاً للإجراءات القانونية، وحظي هيدجز بجميع الضمانات التي كفلها القانون، وبمعرفة ومتابعة سفارته في الدولة.
وختم اللمكي أنه كما جرت العادة منذ أيام المغفور له الوالد المؤسس، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بالعفو عند المقدرة، تأتي مكرمة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، بالإفراج عن 785 سجيناً بمناسبة اليوم الوطني الـ 47 لدولة الإمارات.
وقام هيدجز بتقديم طلب رسمي إلى الدولة للعفو عنه، ونظراً للعلاقات التاريخية والروابط القوية التي تربط الإمارات والمملكة المتحدة، أصدر صاحب السمو رئيس الدولة عفواً كريماً عن هيدجز، ويجري حالياً الانتهاء من إجراءات الأعمال الإدارية لمن شملهم العفو السامي.
البيان