الفجيرة اليوم- تحت رعاية صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله” اختتمت امس أعمال مؤتمر الدفاع الدولي 2019 التي أقيمت في أبوظبي خلال الفترة ما بين 14-16 فبراير بمشاركة 1200 متخصص وخبير عالمي.

وأكد معالي محمد بن أحمد البواردي وزير دولة لشؤون الدفاع في كلمته الرئيسية لأعمال مؤتمر الدفاع الدولي 2019 أن انفتاح دولة الإمارات على جميع دول وشعوب العالم يأتي انطلاقا من إيمان قيادتها بأهمية التعايش السلمي وقيم التسامح والمحبة والسلام في سبيل عمارة الأرض وبناء الحضارة الإنسانية في أبهى صورها مشيرا إلى اللقاء التاريخي الذي استضافته الدولة مؤخرا بين رموز العالم المسيحي والإسلامي في العصر الحديث، متمثلا في البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف وتوقيعهما لأهم وثيقة تآخ وتسامح وتعايش سلمي بين المسلمين والمسيحين.

وأشار معاليه إلى المكانة المتقدمة التي تتبوأها دولة الإمارات على الساحة العالمية من خلال استضافة أهم اللقاءات والمعارض العالمية على مدى أكثر من ربع قرن، وآخرها كانت القمة العالمية للحكومات في دبي الأسبوع الماضي والتي رسمت خط البداية لتشكيل حكومات المستقبل.

وأكد أن انعقاد مؤتمر الدفاع الدولي بحلته الجديدة هذا العام يأتي انطلاقا من تجربة دولة الإمارات التنموية والعلمية الرائدة ووفق رؤيتها العالمية في مستقبل آمن ومزدهر للمجتمع الدولي، وهي تدعو إلى توحيد المفاهيم والرؤى الاستراتيجية في ظل الثورة الصناعية الرابعة المنبثقة أساسا من تطور التكنولوجيا المعلوماتية والرقمية، والتي أدت بدورها إلى ظهور طفرات تكنولوجية وعلمية غير مسبوقة في كافة المجالات، بما في ذلك بروز تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وتطور الصناعات الدفاعية والأمنية وإنتاج أسلحة الجيل الخامس، بالإضافة إلى تطوير مفاهيم اقتصاد قائم على المعرفة والابتكار.

وأوضح معاليه أهمية هذا المؤتمر الهادف إلى توفير منصة عالمية تجمع المسؤولين وأصحاب القرار إلى جانب أصحاب العقول المبتكرة في المجالات العلمية والاقتصادية والصناعات الدفاعية للتباحث حول المواضيع التكنولوجية والعلمية الحديثة، إلى جانب استعراض تجربة الإمارات الرائدة في مجالات الثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الرقمية مشيرا إلى أن غاية هذا المؤتمر تكمن في المساهمة في توحيد الجهود الدولية في وقت يواجه فيه العالم تعقيدات أمنية متعاظمة وتحديات دفاعية متنوعة سواء في الساحة الدولية أو على المستويات الإقليمية والمحلية.

ودعا معاليه إلى ضرورة العمل الجماعي من أجل بناء مستقبل مشترك عنوانه تعزيز الأمن والازدهار من خلال القدرة على الابتكار، مشيرا إلى أن العلم والمعرفة أصبحا رأس المال الفكري والمؤثر الأكبر في حياة المجتمعات والمحدد الرئيسي للنمو الاقتصادي والإنتاج والقيمة الحقيقية للاقتصاد العالمي.

وشدد على أهمية الاستناد على المعرفة والابتكار في إدارة الاقتصاد وتحديد أنواع المنتجات واستخداماتها وكمياتها بغرض تصويب الإنتاج وترشيد الإنفاق بالإضافة إلى حماية البيئة ولتصبح بذلك المعرفة والابتكار عنوان التنمية المستدامة.

وقال معاليه إن تاريخ الصراع البشري والحروب يؤكد حاجتنا اليوم أكثر من أي وقت مضى لأخذ زمام المبادرة من أجل إحلال السلام العالمي وضمان أمن المنظومة الدولية، وفي سبيل حماية مستقبل أجيالنا القادمة، خاصة وأن العالم قد دخل في دورة جديدة من سباق للتسلح النوعي، ومع انهيار العديد من أطر التفاهم القديمة في الآونة الأخيرة، والتي لعبت دورا هاما للمحافظة على توازن الردع وترسيخ الاستقرار العالمي طوال عقود من الزمن، لذا تبرز الحاجة لإجراء تقدير لخطورة الموقف ولطبيعة التهديدات المتداخلة على كافة المستويات، وضرورة العمل على وضع تفاهمات جديدة تضمن منع حدوث صراعات خطيرة بين الدول الكبرى، وتعزيز التعاون لحماية الأسرة الدولية ولضمان أمنها الجماعي وترسيخ المصالح المشتركة، بالإضافة إلى الاستثمار في بناء الردع الفاعل لكل من تسول له نفسه تهديد الوجود البشري والأمن الجماعي والاستقرار العالمي وتعطيل عجلة التطور والازدهار.

وأضاف أن معدل التغيير وحجم التطور الذي طرأ على حياة البشر طوال القرن الماضي يعادل حجم التطور منذ أن خلق الله الإنسان قبل آلاف السنين، مما يعني أننا جميعا في هذه القاعة قد شهدنا طفرات تكنولوجية غير مسبوقة في فترة زمنية وجيزة من أعمارنا، كان لها عميق الأثر في طبيعة ونمط الحياة البشرية التي نعيشها، وقد أجبرتنا هذه التطورات التكنولوجية المتسارعة على التأقلم مع المتغيرات الناتجة عنها، لترسم معالم الحياة العصرية ولتصبح مخترعات العصر هي التي تحدد حاجاتنا وأنماط حياتنا، وذلك عكس ما تعارفنا عليه في الماضي بأن “الحاجة أم الاختراع”، ومع كل قفزة علمية جديدة تتسارع وتيرة التطور التكنولوجي أكثر فأكثر، وليصبح أمر تطويع المخترعات التكنولوجية لإبقائها في خدمة البشر والمحافظة على قيمة الإنسان، لا أن تكون مصدرا لفناءه هي من الأولويات.

وتطرق إلى أن الثورة الرقمية وتكنولوجيا المعلومات هي التي قادت الثورة الصناعية الرابعة، وهي التي انتجت طفرات الذكاء الاصطناعي والطباعة ثلاثية الأبعاد وبرامج العملات الرقمية، إلى جانب تطوير تكنولوجيا الاتصالات والمواصلات ومنتجات الأسلحة من الجيل الخامس والمنتجات ذات الاستخدامات المزدوجة والمتعددة الأغراض، ليحل اقتصاد المعرفة والابتكار اليوم مكان اقتصاد السوق، بمعنى أن العلم والمعرفة أصبحتا رأس المال الفكري والمؤثر الأكبر في حياة المجتمعات والمحدد الرئيسي للنمو الاقتصادي والإنتاج، والقيمة الحقيقية للاقتصاد العالمي.

وشدد معاليه على ضرورة الاستناد على المعرفة والابتكار في إدارة الاقتصاد وتحديد أنواع المنتجات واستخداماتها وكمياتها، بغرض تصويب ألإنتاج وترشيد الإنفاق بالإضافة إلى حماية البيئة، ولتصبح بذلك المعرفة والابتكار عنوان التنمية المستدامة، والعامل الأساسي في التوازن الاقتصادي وتحديد أسعار السلع والمواد والمنتجات والخدمات، وليس آليات العرض والطلب التي ساهمت بالاستهلاك الجائر للموارد واستنفاذ الكثير منها دون حساب، والتسبب أحيانا بتخمة وكساد في الأسواق، وعلى هذا الأساس لا بد أن تكون أسعار الموارد النفطية والطاقة – التي تعتبر اليوم المحرك الأساسي للاقتصاد في المدى المنظور – وفق أسس علمية ومدروسة، لا على أساس العرض والطلب.

وقال أنه طوال العقود الماضية تعددت أنواع وطيف الحروب والتهديدات الأمنية على الدول والمجتمعات من حيث أشكالها وأنماطها، بما تشمله من حروب تقليدية وحروب محدودة وغير محدودة وحروب أهلية وحروب لا متماثلة وبالوكالة وحروب ضد الإرهاب، إلى حروب الدمار الشامل لتستمر بأشكالها وتأثيراتها إلى وقتنا الحاضر، ومع دخولنا في عصر الثورة الصناعية الرابعة وتطور الأسلحة الإلكترونية والروبوتية القائمة على الذكاء الاصطناعي، فقد ظهرت معها حروب الجيل الخامس وما صاحبته من حروب إلكترونيه ومعلوماتية وسيبرانية وهجينة.

وأوضح أنه في كل الأحوال يبقى هدف الانتصار في الحروب قائم على كسر إرادة الخصم بأي ثمن، ولهذا تنبئنا عجلة التطور بأن المنتصر في حروب المستقبل من يمتلك الأسلحة الذكية التي تتميز بالسرعة الفائقة والدقة المتناهية، ولديه قدرات دفاعية وهجومية متطورة، ومقاتليه جنود إلكترونيون، ومنصاته القتالية عربات غير مأهولة تعمل ذاتيا وتحمل ذخائر فتاكة، وليس المنتصر بالضرورة من يملك قوات وأسلحة تقليدية أكثر عددا وأكبر حجما .

وأوصى معاليه في ختام كلمته بوجوب العمل الجماعي على جعل أسلحة المستقبل المتطورة أدوات لحفظ السلام، وقدرات لردع المارقين الذين يسعون للهيمنة، ويهددون أمن وتطور البشرية، ويقفون عثرة أمام تعاونها وتقدمها وازدهارها.

من جانبه، بدأ معالي سهيل بن محمد فرج فارس المزروعي وزير الطاقة والصناعة كلمته بالترحيب بالمشاركين في المؤتمر والضيوف القادمين من مختلف دول العالم في العاصمة الإماراتية أبوظبي.

وتحدث حول أهمية وجود الشركات الصغيرة والمتوسطة في دعم اقتصادات دول العالم، مبينا أن هذه الشركات تمثل ما نسبته 95 بالمئة من عدد الشركات الموجودة في دولة الإمارات، و تشكل ما يقارب 86 بالمئة من القطاع الخاص وتساهم بنسبة 60 بالمئة من إجمالي الدخل القومي للدولة مشيرا إلى أن دولة الإمارات تمتلك تشريعات وقوانين محفزة تتميز بسهولة ممارسة الأعمال فيها اذ تم تصنيفها في المرتبة 11 عالميا وفقا للمؤشر العالمي الخاص بسهولة ممارسة الأعمال.

وأضاف معاليه أن مصادر الدخل القومي الغير معتمدة على النفط تمثل نحو ثلثي إجمالي مصدر الدخل وهذا ما كان أن يحدث بدون التخطيط المناسب والرؤية طويلة الأمد للمستقبل.. مشيرا إلى أن وزارة الطاقة والصناعة تعمل على إصدار استراتيجية الصناعة للإمارات خلال هذا العام حيث تتضمن زيادة مساهمة الشركات الصغيرة والمتوسطة في الناتج القومي وستكون ممكن لهذه الشركات بالإضافة إلى برنامج القيمة الوطنية المضافة الذي يساهم في مساعدة هذه الشركات على النمو و الذي بدأ تطبيقه فعليا في قطاع البترول من خلال شركة أدنوك .

وتطرق إلى أهمية إيجاد نظام متكامل يحتضن الشركات الصغيرة والمتوسطة لتسلك طريقها نحو التقدم والإزهار، مشددا على أهمية تشجيع المؤسسات المالية والبنوك في الدولة على تسهيل اتفاقيات إقراض هذه الشركات، داعيا في الوقت ذاته المجتمعين اليوم من الخبراء العالميين والمتخصصين لنقل المعارف وتبادل أفضل الممارسات العالمية في هذا الإطار الذي من شأنه يدعم ويطور هذه الشركات المتخصصة في مختلف القطاعات وخاصة الدفاعية والأمنية منها.

وأشار معاليه إلى أهمية التركيز على الذكاء الاصطناعي والعمل مع الأكاديميين المتخصصين لإعداد رواد الأعمال في المستقبل، لافتا إلى أهمية زرع التحدي لدى الجيل المقبل للبدء بأعمالهم الخاصة بدلا من انتظار الوظائف التي ستوفرها الحكومة، مختتما حديثه بإن الاستراتيجية الصناعية في دولة الإمارات لهذا العام ستركز على دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة.

من جانبها تحدثت معالي سارة بنت يوسف الأميري وزيرة دولة للعلوم المتقدمة حول العلوم والتكنولوجيا والابتكار في ظل الثورة الصناعية الرابعة، مشيرة إلى أن دولة الإمارات خطت خطوات متقدمة في هذا الإطار خصوصا في مجال إدارة المواهب البشرية، ومهدت الطريق لجذب وتنمية الأفراد ورأس المال البشري في مجال الابتكار وغيرها من المجالات، مضيفة أن الاستثمار في مجال العلوم والتكنولوجيا والابتكار يعد بمثابة محرك رئيس للنمو المستدام ولتحقيق اقتصاد قائم على المعرفة.

حضر اليوم الختامي للمؤتمر كل من معالي سهيل بن محمد المزروعي، وزير الطاقة والصناعة، ومعالي محمد بن أحمد البواردي، وزير دولة لشؤون الدفاع ومعالي سارة بنت يوسف الأميري وزيرة دولة للعلوم المتقدمة، ومعالي اللواء الركن طيار فارس خلف المزروعي رئيس اللجنة العليا المنظمة لمعرضي “أيدكس” و”نافدكس” 2019، والفريق ستيفن م. شبرو، نائب رئيس اللجنة العسكرية للناتو في بروكسل، والدكتور محمد مالكي عثمان، وزير الدولة في وزارة الدفاع في جمهورية سنغافورة، وسعادة اللواء الركن طيار إسحاق صالح البلوشي، نائب رئيس اللجنة العليا المنظمة للمعرضين إلى جانب نخبة من المسؤولين الحكوميين والعسكريين رفيعي المستوى المتخصصين في قطاع الصناعات الدفاعية والعسكرية من مختلف دول العالم.

وعقدت على هامش أعمال المؤتمر ثلاث جلسات حوارية ، حملت الجلسة الأولى عنوان ” مستقبل الاقتصاد في ظل الثورة الصناعية الرابعة – ما هو اقتصاد الثورة الرابعة”، أدارها مهند الخطيب، مقدم برامج في قناة سكاي نيوز عربية ، وشارك فيها كل من ديفيد جونستون، المستشار الخاص بالصناعات الدفاعية لدى الحكومة الأسترالية، و ميشو كاكو، أستاذ في الفيزياء النظرية والمستقبليات كلية المدينة في جامعة مدينة نيويورك في الولايات المتحدة الأميركية، إلى جانب د. فيصل عيان، نائب رئيس أكاديمة ربدان، ودكتور أندرو جاكسون، الرئيس التنفيذي لشركة بيجاسوس.

وأكد المشاركون في الجلسة النقاشية على أهمية الاستثمار في التعليم لضمان تحقيق التنمية المستدامة وتوفير المزيد من فرص العمل في المستقبل، كما شدد المشاركون أيضا على ضرورة الاستثمار في التقنيات التكنولوجية المتقدمة وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي، وتطوير برامج الجامعات بما يواكب الصورة الصناعية الرابعة لإعداد جيل مستقبل قادر مواجهة هذه التحديات.

في حين تناولت الجلسة الثانية ” الأمن والاستقرار: مهام الجيل القادم للتعامل والتعايش، أدارها تيت نوركين، مؤسس ومدير تنفيذي لمجموعة “أو تي أتش” للاستخبارات، شارك فيها كل من الفريق ستيفن م. شبرو، نائب رئيس اللجنة العسكرية للناتو في بروكسل ، والدكتور محمد مالكي عثمان، وزير الدولة في وزارة الدفاع في جمهورية سنغافورة ، والفريق أول جوزيف فوتل ، قائد القيادة المركزية الأمريكية.

وتطرق المتحدثون فيها إلى أهمية رفع التنسيق والتعاون المشترك وبناء جسور الثقة لتعزيز الأمن والاستقرار العالميين، وضرورة التخطيط وإيجاد الحلول لمواجهة المخاطر والتهديدات والتغييرات التي قد تواجه مسيرة التنمية العالمية.

أما الجلسة الثالثة فكانت بعنوان” فهم عصر الحرب المعرفية – جندي المستقبل – مستقبل سرد المعلومات من خلال الذكاء”، أداراها الدكتور محمد حمد الكويتي، مستشار تنفيذي في المجلس الأعلى للأمن الوطني ، بمشاركة كل من إيمانويل شيفا، مدير وكالة الابتكار في وزارة الدفاع الفرنسية، وهيرفيه غيلو، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة ” نيفل جروب” في فرنسا ، إلى جانب الدكتور جوسي إل فلوريز، المدير العالمي للتحليلات المتقدمة والذكاء الاصطناعي في شركة إندرا في فرنسا، ومايكل جوهانسون، نائب الرئيس التنفيذي شركة ” ساب” في السويد.

وركزت الجلسة الحوارية على وجوب فهم عصر المعرفة من حيث جمع البيانات والتحليل ورأي المال البشري لمواكبة أحدث المتغيرات المتسارعة في العالم والحفاظ على قدرتها على المنافسة والبقاء على الخارطة العالمية في ظل الثورة التي يشهدها عصر تكنولوجيا المعلومات.

وام