أطلق البرنامج الوطني للسعادة وجودة الحياة بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، مجموعات الدعم الطلابي في مدارس دولة الإمارات، ضمن مبادرة “لنتحدث” الموجهة لطلاب الحلقتين الثانية والثالثة، وذلك بهدف تمكين الطلاب من دعم بعضهم البعض من خلال مجموعات عمل مشتركة تحفز الطلاب على مشاركة تجاربهم ومناقشة التحديات في حياتهم اليومية وأفضل السبل لمواجهتها.

وتهدف مجموعات الدعم الطلابي إلى تعزيز شعور الطلاب بالدعم من محيطهم وأقرانهم وترسيخ السلوكيات المجتمعية الإيجابية في نفوسهم، وتوعيتهم وصقل شخصياتهم، بالإضافة إلى تنمية وبناء القدرات وإعداد أفراد يتحلون بثقافة الحوار ومهارات التفكير، ويتبنون مفاهيم وممارسات جودة الحياة، ويستشعرون قيم مساندة بعضهم البعض وعمل الفريق والتفكير الجماعي.

وينسق جلسات مبادرة “لنتحدث” مرشد تربوي رئيسي ومرشد تربوي مساعد، فيما يوفر البرنامج الوطني للسعادة وجودة الحياة التدريب اللازم لمنسقي الجلسات، بما يضمن توظيف مهاراتهم وخبراتهم في إدارة النقاشات وإثراء وتشجيع التواصل الفعال بين الطلاب، كما يشارك خبراء في علم النفس لمساندة المرشدين التربويين ومجموعات الدعم الطلابي.

وتتناول مجموعات الدعم الطلابي من خلال مبادرة “لنتحدث” مواضيع تمس حياة الطلاب، وتسعى لتأهيلهم من خلال محاور عدة تركز على الصحة النفسية والتخفيف من ضغوطات الحياة التي تنعكس على صحة وجودة حياة الطالب، وبناء مهارات الحياة الاجتماعية المتكاملة والقيم الأخلاقية وإثراء الوعي الذاتي.

وتأتي مجموعات الدعم الطلابي ضمن مبادرة “لنتحدث” في إطار الجهود لتحقيق أربعة من أهداف الأجندة الوطنية لجودة الحياة، هي: تعزيز الصحة النفسية الجيدة، وتبني التفكير الإيجابي كقيمة أساسية، وبناء مهارات الحياة الجيدة، وتشجيع تبني والتركيز على جودة الحياة في بيئات التعلم.

وأكدت معالي عهود بنت خلفان الرومي وزيرة دولة للسعادة وجودة الحياة مدير عام مكتب رئاسة مجلس الوزراء أن شعور الطالب بالإيجابية والدعم في محيطه، هو المحرك لإبداعه وتنمية مهاراته، لذا نسعى لتعزيز نموذج مدرسي يقدم تجربة حياة متكاملة للطلبة، ويعزز مفاهيم وممارسات جودة الحياة، ويمكن الطلاب من مساعدة بعضهم البعض لمواجهة التحديات، ما يمكنهم من بناء مهارات الحياة الجيدة ويعزز لديهم القيم الإيجابية.

وقالت معالي الرومي إن تعزيز مفاهيم وممارسات جودة الحياة ومواجهة التحديات ضمن بيئة المدرسة وبأفكار الطلبة أنفسهم هدف نسعى له من خلال مبادراتنا المختلفة على أرض الواقع، لذا نتشارك اليوم مع وزارة التربية والتعليم ضمن مبادرة مجموعات الدعم الطلابي التي يمثل جهدا هادفا لدعم جهود حكومة دولة الإمارات في تطوير نموذج المدرسة الإماراتية التي تقدم تجربة حياة متكاملة لطلابها، وتخرج أفرادا يتمتعون بالسمات الإيجابية والمهارات الاجتماعية والعلمية الداعمة لمسيرتهم في المستقبل، مشيرة إلى أن مجموعات الدعم الطلابي تمثل منصة طلابية لاستعراض واقع وتحديات الطلبة وتقديم الدعم لتوفير بيئة مشجعة لتعزيز سلوكياتهم.

وأضافت أن رؤى وتوجهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، تركز على بناء الإنسان والاستثمار في قدراته وتنمية مهاراته، وإعداده لمواجهة تحديات الحياة والتأقلم مع متغيراتها، مشيرة إلى أن حكومة الإمارات تعمل على تحقيق هذه الرؤية عبر منهجية تعزز مفاهيم السعادة وجودة الحياة وتغرسها كقيم وممارسات وأسلوب حياة في نفوس طلاب المدارس.

من جهتها، أكدت معالي جميلة بنت سالم مصبح المهيري وزيرة دولة لشؤون التعليم العام أن وزارة التربية والتعليم تحرص كل الحرص على توفير مناخ تحفيزي للطلبة وبيئة مشجعة للسلوكيات الإيجابية، وتأتي مبادرة “لنتحدث” استجابة للأجندة الوطنية لجودة الحياة، وما يتفرع عنها من غايات، مشيرة إلى أن ما سيعزز من ديمومتها وإيصال رسالتها التربوية الهادفة، أنها تحاكي تطلعات وتحديات طلبة المدارس وتجاربهم الحياتية، وهو ما سيكسر الروتين ويذيب الحواجز بينهم من جهة وبين الكوادر التدريسية والمسؤولين والتربويين من جهة ثانية.

وقالت المهيري : ” نتشارك كلنا المسؤولية لتمكين الطلاب وتهيئة البيئة لمشاركتهم التجارب والحلول والممارسات الإيجابية لحلها، واليوم نتعاون لصقل شخصية الطالب الإماراتي ليحاور، ويتناقش مع أقرانه، ونثري وعيه الذاتي في مناخ تحفيزي وتعليمي”.

وأضافت : ” هذه المبادرة الرائدة سيكون لها صدى وتأثير كبير في المجتمع المدرسي، ونهدف من خلالها لأن تكون المدرسة بيئة محفزة للطلبة ومشجعة على تبني أفضل الأساليب التي تكرس لجودة الحياة لديهم وتشجعهم على صقل مهاراتهم الحياتية، وبناء شخصيتهم وتعزيز صحتهم النفسية، وذلك يعد مطلبا ملحا وضرورة تمليها عملية بناء الطالب الإماراتي عاطفيا ونفسيا وذهنيا، بحيث نغرس فيه منذ الصغر قيما وسمات أساسية تسهم في تكوينه الشخصي السليم، وهو ما ينعكس على تحصيله الدراسي وتفوقه وقدرته على تخطي أي عثرات مستقبلا.

وأشارت إلى أن وزارة التربية تسعى جاهدة إلى تعزيز عمليتي التعليم والتعلم في المدرسة الإماراتية، ولا تكتفي ببناء الأطر التعليمية من مناهج ومقررات ومسارات تعليمية، بل تتعدى ذلك إلى بناء نظام تعليمي شامل يرتكز على بناء شخصية الطالب المهارية الواثقة من قدراتها باعتبار ذلك مدخلا لبناء جيل واع مدرك لمسؤولياته، وقادر على التعبير عن آرائه وأفكاره وما يجول بخاطره.

وذكرت أن التعليم يتطلب تعزيز ثقة الطالب في ذاته، وقدرته على الاختيار الصحيح، وصولا إلى شخصية مكتملة البناء تستطيع أن تعبر عن أفكارها، لافتة إلى أن هذه المبادرة نافذة للطالب للانغماس مع زملائه من خلال التحاور البناء، والاطلاع على تجارب الآخرين، وهو بالتالي ما يسهم في خفض منسوب القلق لديه إن وجد تجاه الحديث عن قضايا معينة تشغل تفكيره، وهو ما يؤدي إلى اكسابه مهارة القدرة على حل المشكلات.

وقالت وزيرة الدولة للتعليم العام إن المبادرة تضفي أجواء مفعمة بالطموح والحماسة من خلال عقد جلسات نقاشية وتفاعلية بين الطلبة، يناقشون فيها مواضيع مختلفة تهمهم، وتدفعهم إلى البحث في تجاربهم والتحديات التي تواجههم دون تردد، وبالتالي استثارة قريحتهم للوصول إلى حلول مناسبة لها مع المختصين المعنيين.

وأكدت أن أبناءنا الطلبة هم مفاتيح المستقبل، وسواعد البناء والتنمية والطموح الذي نراه من خلالهم، وسيظل نهجنا التربوي فاتحا ذراعيه لهم، وكلنا آذان صاغية لهم وما يأملونه ويلبي تطلعاتهم المستقبلية، ولن ندخر جهدا في تعزيز هذه المساعي من خلال زيادة جرعة الثقة بأنفسهم وشعورهم بالدعم والولاء والانتماء.

وتقـدم “لنتحـدث “فرصة للطـلاب لمشاركة آرائهم حول مواضيـع تشكل اهتماماتهم، وطرح التحديات التي يواجهونها في حياتهم اليومية، وتشجعهم على مناقشة التجارب والحلول، مـا يطور لديهم مهارات التواصل واحترام آراء الآخرين والانفتاح والتسامح.

وتتنوع المجالات التي يمكن تسليط الضوء عليها في جلسات “لنتحدث” لتشمل موضوعات مثل الصحة النفسية، والخوف، والقلق، والشعور بالوحدة، والتنمر والسلوك العدواني، وحل الخلافات، والنشاط المفرط، ومهارات التكيف والتأقلم، والصداقة، والمهارات الاجتماعية، والقدرات الأكاديمية ومهارات التعلم، والصحة والعافية الجسدية والتغذية السليمة، والسلوكيات الإيجابية، والتخطيط للمستقبل، إضافة إلى القيم الأخلاقية مثل الاحترام والتسامح، وغيرها من المجالات.

وشهدت معالي عهود الرومي ومعالي جميلة المهيري إطلاق مبادرة ” لنتحدث ” مع مجموعة من طالبات مدرسة شيخة بنت سعيد للتعليم الثانوي للبنات وطلاب مدرسة حميد بن عبد العزيز للتعليم الثانوي بإمارة عجمان، حيث تم عقد الجلسة الأولى مع الطالبات بعنوان “واجه مخاوفك” التي تناولت تأثير الصحة النفسية والضغوطات على الطالبات في المدرسة وكيفية مواجهتها، أما الجلسة الثانية فعقدت مع الطلاب بعنوان “الصاحب ساحب”، وتناولت تأثير العلاقات بين الأقران على سلوكيات الطلاب ومستقبلهم.

وركزت جلسة “الصاحب ساحب” على الطبيعة الاجتماعية للإنسان، وما تفرضه من حاجة لبناء العلاقات التي تنعكس آثارها على الأفراد بصور مختلفة، وتطرقت إلى تعريف الصداقة، وأهمية تكوين الصداقات والعلاقات الاجتماعية مع الأقران في المدرسة وخارج المدرسة، وأسس اختيار الأصدقاء، وتأثير الصداقات على تشكيل شخصية الفرد وسلوكياته، وأثر الضغط السلبي للأصدقاء.

وتناولت الجلسة سبل التغلب على الضغوط السلبية للأقران، مثل انتقاء الأصدقاء بحرص، والتغلب على الضغط السلبي بالأسئلة الهادفة للحد منه وتحويل مساره إلى منحى إيجابي، إضافة إلى الرفض الإيجابي بعدم تقبل الضغوط ومواجهتها بكل صراحة وحسم، وعدم التردد في تكرار الموقف في مواجهة أي ضغط، والتفكير بنتائج أي سلوك، والابتعاد قدر الإمكان عن الصديق أو مجموعة الأصدقاء ذات الأثر السلبي، وبناء علاقات قوية مع أصدقاء حقيقيين، والاستعانة بأشخاص أكبر سنا وطلب مساعدتهم في التخلص من الضغط السلبي للأصدقاء.

أما جلسة “واجه مخاوفك” فركزت على سبل التغلب على المخاوف التي قد تواجهها الطالبة نتيجة التجارب والتحديات التي تمر بها في المدرسة وخارجها، وتطرقت إلى عدد من التحديات مثل الخوف من الذهاب إلى مدرسة جديدة، أو القلق من الامتحانات، وغيرها من المخاوف.

وتناولت الجلسة الآثار السلبية للخوف على الصحة النفسية والجسدية وعلى مستويات أداء الطالبات في المدرسة وخارجها، وتحدثت الطالبات في الجلسة عن أبر المخاوف والتحديات التي تواجههن وأسبابها، وطرق معالجتهن لمخاوفهن، والأشخاص الذين يلجأن إليهم طلبا للمساعدة.

وتطرقت الطالبات إلى سبل مواجهة المخاوف، من ضمنها اكتساب الخبرات والمهارات من خلال المدرسة التي يتجاوز دورها موضوع التعليم الأكاديمي إلى تعليم معنى الحياة، إضافة إلى موضوع الاهتمام بالصحة من كافة الجوانب، والتعريف بالصحة النفسية وأهميتها في تحسين جودة الحياة، وتطرقت إلى أهمية تعزيز الثقة بالنفس في مواجهة التوتر والقلق، وغيرها.

وام