خرج مئات من الأشخاص من آخر جيب محاصر لتنظيم داعش الإرهابي في شرق سوريا، امس الخميس، بعد قصف عنيف شنته قوات سوريا الديموقراطية بدعم من التحالف الدولي بقيادة أميركية، في محاولة لكسر آخر دفاعات المقاتلين المحاصرين والمتحصنين داخل أنفاق.
وشاهد مراسل صحافي مئات من الرجال والنساء والأطفال وهم يسلكون طريقاً وعرة سيراً وصولاً إلى تلة مشرفة على جيب التنظيم المتشدد، تتمركز فيها قوات سوريا الديموقراطية. وقال إن بينهم عراقيين وآخرين من أوزبكستان وأطفالاً ذوي ملامح آسيوية.
وبدا غالبية الرجال جرحى يسير بعضهم على عكازات ويلفّ عدد منهم عينه أو أحد أطرافه بضمادات. بينما حملت نساء أكياساً ممتلئة بالأغراض وإلى جانبهنّ أطفال بدت أجسادهم نحيلة ومتّسخة، وارتفع صوت بكاء عدد منهم.
وأفاد مدير المركز الإعلامي لقوات سوريا الديموقراطية مصطفى بالي، في تغريدة على “تويتر”، أن “عدداً كبيراً من مقاتلي داعش وعائلاتهم بدأوا الاستسلام”.
ويقتصر وجود التنظيم في بلدة “الباغوز” على مخيم عشوائي محاط بأراض زراعية تمتد حتى الحدود العراقية.
ويأتي خروج هؤلاء بعد قصف طاول الجيب المحاصر، رداً على هجومين معاكسين نفذهما التنظيم على مواقع قوات سوريا الديموقراطية، تخللهما ثمانية هجمات انتحارية. واندلعت على إثرها اشتباكات عنيفة بين الطرفين، تزامناً مع قصف مدفعي وضربات جوية.
وتراجعت وتيرة القصف، بعد ظهر اليوم الخميس، بعد اشتباكات عنيفة صباحاً.
وقال المتحدث جياكر أمد في قوات سوريا الديموقراطية، اليوم الخميس، إن “غالبية من بقوا في الداخل حالياً هم انتحاريون يفجرون أنفسهم”، وهو ما يعوق تقدم قواته “في مساحة ضيقة”.
وأوضح “يستخدمون تكتيكات تحت الأرض. لذلك، فالطائرات لا تؤثر دائماً بالشكل المطلوب”، في إشارة إلى خنادق وأنفاق تقول قوات سوريا الديموقراطية إن التنظيم حفرها ويتحصن فيها مقاتلوه.
تؤكد قوات سوريا الديموقراطية أن التنظيم يعيش “لحظاته الأخيرة”. وكانت هذه القوات أعلنت في وقت سابق أن “ثلاثة آلاف إرهابي.. استسلموا” يومي الإثنين والثلاثاء “بشكل جماعي”.
وقال أمد إن “المعركة ستستمر ليلاً ونهاراً” حتى القضاء على مقاتلي التنظيم.
ولا تملك قوات سوريا الديموقراطية تصوراً واضحاً لعدد مقاتلي التنظيم المتبقين في “الباغوز”، بعدما فاقت أعداد الذين خرجوا مؤخراً كل التوقعات.
وفي الأسابيع الأخيرة، علّقت هذه القوات مراراً هجومها ضد جيب التنظيم، ما أتاح خروج عشرات الآلاف من الأشخاص، غالبيتهم نساء وأطفال من أفراد عائلات المقاتلين، وبينهم عدد كبير من الأجانب.
ومنذ بدء العمليات العسكرية في سبتمبر، خرج نحو 60 ألف شخص منذ ديسمبر من مناطق كانت تحت سيطرة التنظيم في شرق سوريا، قبل أن يُطرد منها تباعاً.
وخضع الرجال والنساء والأطفال وغالبيتهم من عائلات مقاتلي التنظيم لعمليات تفتيش وتدقيق في هوياتهم بعد خروجهم. وتمّ نقل الرجال المشتبه بأنهم إرهابيون إلى مراكز اعتقال، فيما أرسل الأطفال والنساء إلى مخيمات في شمال شرق البلاد أبرزها مخيم “الهول” الذي بات يؤوي أكثر من 66 ألفاً.

الاتحاد