أطلق مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي بالتعاون مع اتحاد مصارف الإمارات والبنوك الوطنية، مبادرة وطنية جديدة تحمل اسم «برنامج قروض المواطنين» تهدف إلى تخفيف أعباء الديون عن كاهل المواطنين.
ويأتي إطلاق المبادرة في إطار الجهود المستمرة لتعزيز الممارسات المتعلقة بأسس منح القروض الشخصية الاستهلاكية من قِبل البنوك وشركات التمويل في الدولة.
وتتمحور فكرة البرنامج حول إعادة جدولة قروض المواطنين التي تتجاوز أقساطها الشهرية نسبة 50% من الراتب وتتعدّى مدتها الأربع سنوات، بسعر فائدة إيبور لثلاثة أشهر أو أقل، لتخفيض الاستقطاع الشهري إلى 50% من الراتب أو 30% من الراتب التقاعدي للمقترضين من المواطنين المتقاعدين، وبالتالي شطب الفوائد المستقبلية الناتجة عن هذه القروض والتي تتعدّى سعر إيبور (سعر الفائدة بالدرهم على التعاملات بين البنوك) لثلاثة أشهر.
ومن شأن البرنامج الجديد أن يمكّن المواطنين المثقلين بالديون من الاستفادة من مبالغ إضافية لتسديد أصل الدين، ما يساعدهم على سداد ديونهم في وقت أبكر وبأقساط شهرية لا تزيد على 50% من دخلهم أو 30% من راتبهم التقاعدي.
ويتماشى البرنامج مع متطلبات نظام القروض المصرفية والخدمات الأخرى المقدمة للعملاء الأفراد، الصادر عن المصرف المركزي سنة 2011.
ويغطي برنامج قروض المواطنين القروض الشخصية الاستهلاكية الممنوحة قبل شهر مايو 2011، وهي القروض الشخصية وقروض السيارات وتسهيلات السحب على المكشوف وأرصدة بطاقات الائتمان القائمة – لكنّه لن يشمل قروض الرهن العقاري والقروض الممنوحة مقابل أسهم أو ودائع – على أن يوقّع المواطن المستفيد من البرنامج على تعهّد بعدم الاقتراض أو الحصول على تسهيلات ائتمانية من البنوك وشركات التمويل خلال فترة السداد، وتخويل البنك المعني والمصرف المركزي باتخاذ أي إجراءات تضمن عدم الحصول على قروض أو تسهيلات ائتمانية خلال فترة السداد.
شراء ونقل القروض
ويمثل البرنامج فرصة للبنوك كي تلتزم بأنظمة وتعليمات المصرف المركزي، الذي قام مؤخراً بوضع شروط في شأن شراء ونقل القروض الشخصية التي منحت قبل وبعد صدور النظام المذكور، بهدف سد أي ثغرات قد تستغل في هذا الخصوص.
والشروط هي:
بالنسبة للقروض التي منحت بعد صدور النظام – ضرورة الالتزام التام بمتطلبات النظام وعلى وجه الخصوص تلك المتعلقة بمبلغ القرض أو التمويل ومدة السداد والاستقطاع الشهري.
أما القروض التي منحت قبل صدور النظام – ضرورة تخفيض نسبة الفائدة وعدم زيادة فترة السداد أو رصيد القرض أو التمويل عن طريق منح قرض أو تمويل إضافي للمقترض.
وسوف تقوم البنوك المشاركة في برنامج قروض المواطنين بالتواصل مع عملائها والإعلان عن البدء بتسلم طلبات البرنامج بداية أبريل المقبل.
كما يقوم المصرف المركزي بمراقبة تطبيق برنامج قروض المواطنين عن كثب، والعمل مع البنوك لضمان نجاح البرنامج والاستفادة منه من قِبل جميع من تنطبق عليهم الشروط.
وأكد خبراء ماليون أن البرنامج الذي أعلن عنه المصرف المركزي أمس يأتي منسجماً مع جوهر السياسة الاقتصادية والاجتماعية لدولة الإمارات التي تضع في مقدمة أولوياتها بشكل دائم الحرص على تحقيق هدف الرفاهية والاستقرار وتوفير شروط العيش الكريم للمواطنين.
وأوضح الخبراء أن البرنامج يحقق عدة أهداف في آن واحد حيث يسمح للبنوك الالتزام بمعايير المصرف المركزي التي ينص عليها نظام القروض الشخصية والمعاملات المصرفية لعملاء البنوك الأفراد الصادر عام 2011 وأهم تلك المعايير عدم استقطاع نسبة تتجاوز 50% من الراتب أو الدخل المنتظم للعميل، كما يقلص الأعباء المالية على شريحة من الموطنين المقترضين، ويوفر الحياة الكريمة، ويسهم في مساعدتهم على الاستمرار في السداد وعدم التعثر، ويساعد البنوك على تقليص حصة الديون المتعثرة في ميزانياتها.
ارتفاع سعر الفائدة
وقال شارل دوغلاس رئيس قطاع الأعمال في المصرف العربي للاستثمار والتجارة الخارجية «المصرف» إن هذه الخطوة تستهدف فئة من الموطنين الذين ارتفعت الاستقطاعات وتجاوزت 50% من رواتبهم الشهرية نتيجة ارتفاع سعر الفائدة على الدرهم والتي زادت تبعاً لارتفاع سعر الفائدة على الدولار نتيجة الربط بين العملتين.
وقال: ارتفعت أسعار الفائدة عالمياً بشكل كبير خلال عام 2018، وهذا انعكس على السوق المحلية، وهذه الخطوة تسمح للبنوك العودة للالتزام بمعايير نظام القروض الشخصية من جهة وتخفض الأعباء المالية على المواطنين المعنيين من جهة أخرى.
ومن جهته، قال وضاح الطه عضو المجلس الاستشاري لمعهد الأوراق المالية والاستثمار البريطاني في الإمارات، إنها خطوة مهمة تنسجم مع مؤشرات البنوك الوطنية الإماراتية وبياناتها المالية المعلن عنها في نهاية 2018، والتي أظهرت تمتعها بكفاية عالية لرأس المال ومستويات مرتفعة من السيولة، كما أن نسبة القروض إلى المصادر المستقرة انخفضت، ما يعتبر مؤشراً مهماً على قوة الوضع المالي ومتانة قاعدة رأس المال، وارتفاع الودائع المصرفية لدى البنوك بالدولة.
وأضاف: هذه المؤشرات تسمح للبنوك تقديم التسهيلات الضرورية لمساعدة هذه الشريحة من العملاء على تخطي بعض المصاعب أو العقبات التي واجهتها نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة.
وقال: إن هذا البرنامج يهدف لإعادة الأمور إلى نصابها والمحافظة على توفير شروط العيش الكريم للموطنين.
شمولية المبادرة
وأوضح الطه أن اشتراك 17 بنكاً وطنياً في هذا البرنامج إنما يؤكد شمولية المبادرة واستعداد القطاع المصرفي ككل للمشاركة في تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية للدولة.
إلى ذلك، قال وائل أبومحيسن مدير عام جلوبل للأسهم والسندات إنه إلى جانب الهدف الاجتماعي بالدرجة الأولى فإن البرنامج يهدف أيضاً لدفع البنوك للالتزام بمعايير الإقراض للأفراد وفقاً لنظام القروض الشخصية ويجنب البنوك عمليات تعثر محتملة لبعض العملاء الذين أصبحت الاستقطاعات تثقل كاهلهم مع ارتفاع أسعار الفائدة بنسب عالية خلال العام الأخير.
وأضاف: إن تقليص عدد العملاء المتعثرين ومنحهم فرصة للالتزام بالتسديد يعتبر أمراً في غاية الأهمية لدعم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي من جهة، والحفاظ على البيئة الصحية للاستثمار والعمل في السوق المحلية من جهة أخرى.
البنوك المشاركة
بنك أبوظبي الأول، بنك أبوظبي التجاري، بنك الاتحاد الوطني، بنك الإمارات دبي الوطني، البنك التجاري الدولي، البنك العربي المتحد، بنك الفجيرة الوطني، بنك المشرق، بنك أم القيوين الوطني، بنك دبي الإسلامي، بنك دبي التجاري، مصرف أبوظبي الإسلامي، مصرف الإمارات الإسلامي، المصرف العربي للاستثمار والتجارة الخارجية، مصرف الهلال، مصرف عجمان، ونور بنك.
الاتحاد