الفجيرة اليوم /   قبل خمس سنوات، شُكلت في أفغانستان أوركسترا فريدة من نوعها تضم الإناث فقط، وهي دولة حظرت فيها الموسيقى لسنوات ومنعت النساء من التعليم، حتى فترة قريبة. والآن تزور أوركسترا “زُهرة” المملكة المتحدة لأول مرة.

ولا أحد يدعي أنه قُضي على نفوذ طالبان بشكل كامل في أفغانستان. فالعنف مستمر. لكن قبل عقدين من الزمن، كان إنشاء المعهد الوطني للموسيقى في أفغانستان أمرا لا يمكن تصوره.

وتأسس المعهد في عام 2008 بدعم دولي لتوفير التعليم الموسيقي للشباب الأفغان. وقبل ذلك بوقت بسيط كانت العاصمة الأفغانية كابول قد تحررت أخيرا من قبضة حركة طالبان.

وفي سنوات طالبان، اختفت الموسيقى التي كانت ذات يوم جزءا مزدهرا وغنيا في الثقافة الأفغانية ومحط إعجاب العالم بأسره.

واليوم في كابول، يعلم المعهد الوطني للموسيقى المهارات الموسيقية لنحو 250 من الشبان والشابات. هذا الرقم على وشك أن يرتفع إلى 320 وهناك خطط للتوسع في مدن مثل هيرات ومزار الشريف وجلال آباد.

ويأتي حوالي 70 في المئة من الشباب في المعهد من خلفيات متواضعة. اعتاد البعض على العمل في الشوارع لبيع الخضروات أو الأكياس البلاستيكية أو العلكة لدعم أسرهم. وتتراوح أعمارهم بين 12 و 20.

ولكن قبل خمس سنوات، قام أحدهم بحث مؤسس المعهد الدكتور أحمد سارماست على بدء مشروع جديد تستفيد منه الفتيات على وجه التحديد.

يقول: “أخبرني أحد طلابنا أننا بحاجة إلى مجموعة من أربع أو خمس فتيات لعزف موسيقى البوب”. ويتابع: “أعجبتني الفكرة، لكن اتضح أن معظم الفتيات في المعهد أردن الانضمام. وفجأة بدأنا نتحدث عن فرقة موسيقية كاملة”.

ويضيف سارماست: “بالنسبة لأفغانستان، كان عالما جديدا، إذ إنه في ظل طالبان لم يكن الأمر مجرد جعل عزف الموسيقى أو الاستماع لها أمرا مستحيلا، بل كان وضع المرأة برمته في المجتمع حالة من القمع الكامل”.

سميت الأوركسترا باسم “زهرة” تيمنا بإلهة الموسيقى عند الفرس. ويقول الدكتور سارماست إنه سعيد لأنه يصنع لنفسه اسما في مكان آخر، ولكن قبل كل شيء، يرسل رسالة المساواة بين الجنسين إلى الأفغان الآخرين.

ويضيف: “زُهرة تبدع نغما رائعا ولكنها أيضا رمز لحرية النساء الأفغانيات. هذه هي الرسالة التي ننشرها حول العالم”.

هناك حوالي 100 طالبة في المعد الوطني للموسيقى. 23 منهن قدمن إلى بريطانيا. سيتضاعف عددهن عندما يعزفن بالتنسيق مع أوركسترا سانت جونز ومقرها لندن وغيرها. وقد أحضرن آلات موسيقية تقليدية تشمل آلة تدعى سارود وهي أشبه بالعود، وآلة روباب، والطبلة وآلة دوتار.

والموسيقى المنجزة هي مزيج من الموسيقى الأفغانية التقليدية والغربية الكلاسيكية. على سبيل المثال، يحتوي توزيعهم الجديد لموسيقى “غرينسليفز” الشعبية الإنجليزية على أدوات جذابة جديدة ربما لم يكن رالف فوجان ويليامز ليتصورها حين أعدها للاوركسترا في عام 1934.

وتقود الفرقة للمقطوعات الأفغانية، نيجين خبالواك، التي تبلغ من العمر 22 عاما، وهي من أكبر الموسيقيات سنا في المجموعة. وقد التحقت نيجين بالمعهد بعد وقت قصير من افتتاحه، ولم يكن لديها أي فكرة حول قيادة الفرقة الموسيقية، وقدمت عروضا في دبي و الولايات المتحدة والهند وألمانيا وسويسرا.

وتقول: “أجد الأمر أسهل بكثير عندما أقود الفرقة لعزف الموسيقى الأفغانية، نحن على دراية بها لذلك نقدمها بسهولة أكبر”.

وتضيف: “إذا أدينا، معزوفة غرينسليفز، على سبيل المثال،ال

وستكون الحفلة الموسيقية الأبرز للمجموعة في المملكة المتحدة في المتحف البريطاني يوم الجمعة. ولكن هناك حفلات أخرى ستحييها المجموعة الأفغانية قبل العودة.

وقد رتبت، كاينا بونتشيوني بيلي، من أوركسترا سانت جونز لطلاب جامعة أكسفورد لكي يعملوا على توجيه الموسيقيين الشباب في كابول عبر خدمة سكايب.

وتقول: “ما أحبه في زُهرة هو أنها تشبه في بعض النواحي الأوركسترا التقليدية للغرفة الغربية، ولكن لديها أيضا هذه الآلات الأفغانية الرائعة”.

وتضيف: “هناك العديد من الأشياء التي يمكن للموسيقى تحقيقها. والتمكين هو أحدها بالتأكيد. وفي أفغانستان، لا يزال تعليم المرأة محفوفًا بالمخاطر، لذلك من المهم أن تعرف هؤلاء الفتيات والشابات أن لديهن نظام دعم عالميا. هناك أصدقاء وشبكة يدعمهن لأنهم يؤمنون بحقوقهن الإنسانية”.

وتقول نيجين إنه حتى في كابول، لا يزال من الممكن أن يلتقي الطلاب في بعض الأحيان يأشخاص خارج المدرسة يعتقدون أنه من الخطأ وجود الأوركسترا.

وتضيف “سيقولون إنه في الإسلام لا يُسمح للنساء بالذهاب إلى المدرسة، ليس فقط لتعلم الموسيقى ولكن لدراسة أي شيء. لكن هذا ليس صحيحا، فالمرأة لها حقوقها الخاصة وهؤلاء الناس بحاجة إلى التثقيف”.

وتخلص للقول: “موسيقانا ليست هي الطريقة الوحيدة لتثقيف أصحاب هذا الفكر، لكنها بالتأكيد إحدى الطرق”.

تي أعتقد أنها مشهورة في إنجلترا، فعلينا أن نركز بشدة. كلنا نتفهم الرموز الغربية ولكن لا يزال يتعين علينا التدرب بشكل مكثف قبل الحفلات الموسيقية المزمعة في أكسفورد ولندن”.

BBC