شهد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة والملك عبدالله الثاني بن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية، وولي عهده الأمير الحسين بن عبدالله الثاني وصاحب السمو الشيخ سعود بن راشد المعلا عضو المجلس الأعلى حاكم أم القيوين مساء امس محاضرة بعنوان ” إحداث تغيير شامل في طب الأطفال في العالم ” ألقاها كل من البروفيسور بوبي غاسبر أستاذ طب الأطفال وعلم المناعة في معهد غريث أورموند لصحة الطفل بكلية لندن الجامعية، والبروفيسورة مانجو كوريان أستاذة علم الأعصاب بكلية لندن الجامعية، وذلك في مجلس قصر البطين.
شهد المحاضرة إلى جانب سموهم ، سمو الشيخ راشد بن سعود بن راشد المعلا ولي عهد أم القيوين، وسمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم في منطقة الظفرة، ومعالي الدكتورة أمل عبدالله القبيسي رئيسة المجلس الوطني الاتحادي، وسمو الشيخ نهيان بن زايد آل نهيان رئيس مجلس أمناء مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية، والفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، وسمو الشيخ حامد بن زايد آل نهيان رئيس ديوان ولي عهد أبوظبي، وسمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، وسمو الشيخ خالد بن زايد آل نهيان رئيس مجلس إدارة مؤسسة زايد العليا لأصحاب الهمم، وسمو الشيخ الدكتور سلطان بن خليفة آل نهيان مستشار صاحب السمو رئيس الدولة، ومعالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح، ومعالي أيمن الصفدي وزير خارجية الأردن. وعدد من الشيوخ وأعضاء السلك الدبلوماسي وكبار الشخصيات.
وعبر المحاضران في بداية حديثهما عن شكرهما لسمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية بعد المكرمة السخية وتبرعها بمبلغ 60 مليون جنيه إسترليني لصالح مركز زايد لأبحاث الأمراض النادرة لدى الأطفال في لندن.
وأكدا أن مكرمة سموها وقرب افتتاح المركز في شهر يوليو من العام الحالي سيسهم في إحداث نقلة نوعية على مستوى طب الأطفال في العالم، حيث يعتزم استثمار المبلغ في تعزيز الأبحاث العلمية الخاصة بالعلاجات المبتكرة والعلاجات المعتمدة على علم الجينات وزراعة الخلايا، كما ستساهم المكرمة في توفير أحدث المختبرات والتقنيات الطبية الحديثة والتي ستمكّن الباحثين والأطباء من تطوير علاجات جديدة رائدة للأمراض النادرة والمعقدة.
وأوضحا أن مركز زايد لأبحاث الأمراض النادرة لدى الأطفال يعد ثمرة للشراكة القائمة بين مستشفى جريت أورموند ستريت في لندن، وكلية لندن الجامعية ومؤسسة مستشفى جريت أورموند ستريت الخيرية للأطفال، مؤكدين أنه من المقرر أن يستقطب المركز مئات الأطباء والباحثين لإيجاد علاجات جذرية للأمراض النادرة والمعقدة لدى الأطفال.
وأكد البروفيسور بوبي غاسبر أن المكرمة والدعم الذي تقدمه دولة الإمارات سيسهمان في تقريب العالم من مواكبة التطورات التي يشهدها القطاع الطبي عبر دعم الأبحاث والعلاجات الرامية لإيجاد طرق مبتكرة لمعاجلة الأمراض، فيما سيوفر دعماً للاختراعات والعلاجات المبتكرة والمئات من براءات الاختراع التي من شأنها تغيير شكل العناية الطبية للأطفال في العالم، مع مراعاة الجانب الاستثماري الذي سيعاد استثماره لتعزيز متطلبات تطوير العلاجات المرتبطة بأمراض الأطفال.
وقال إن العالم بدأ فعلياً في الابتعاد التدريجي عن العلاجات التقليدية المعتمدة على الأدوية والحبوب والأسلوب الموحّد في العلاج… لافتا إلى أنه وعلى الرغم من أن هناك 4 علاجات جينية معتمدة في أمريكا وأوروبا في الوقت الحالي إلا أن هناك عشرات العلاجات الجديدة في طريقها إلى الاعتماد والتعميم على مستوى العالم في الوقت القريب.
وقال البروفيسورغاسبر – أحد الروّاد في مجال أبحاث العلاج الجيني خلال العشرين عاماً الماضية والخبير العالمي في مجال أمراض نقص المناعة – إن 6 آلاف مرض نادر تم تسجيلها خلال الفترة الماضية منها 70 % تؤثر بشكل مباشر على الأطفال، مشيراً إلى أن نسبة 80% من تلك الأمراض تمتلك أصولا جينية، كما أن 30% من الأطفال المصابين بالأمراض النادرة في العالم يموتون قبل سن الخامسة.
واستعرض المحاضران حالات معقدة وفرت العلاجات الجينية والعلاجات المرتبطة بزرع وتعزيز الخلايا في علاجها بشكل مبهر.. حيث استعرض البروفيسور غاسبر حالة لطفل إماراتي يدعى حارب يتلقى العلاج في لندن بعد معاناته من خلل جيني في مستوى “الدوبامين”، مشيراً إلى أن الفريق المعالج يعمل على إنتاج علاج جيني خاص بتلك الحالة لاستبدال العيوب الجينية.
وأجرى فريق البروفيسور غاسبر أول علاج جيني في العالم في سنة 2001، على طفل مولود بمرض “عوز المناعة المركب الشديد” حيث لم يتطور لديه جهاز المناعة بشكل صحيح، فأصبحت حتى الأمراض البسيطة كالزكام تهدد حياته، وتضمن العلاج المبتكر الجديد إدخال نسخة صالحة من الجين المعيب في خلايا الطفل، وبعد بضعة أسابيع بدأ جهاز المناعة لديه يعمل، وبلغ الآن السابعة عشرة من العمر وهو يتمتع بصحة جيدة.
ومنذ ذلك الحين واصل البروفيسور غاسبر وفريقه تطوير علاجات جينية جديدة لعدد من اضطرابات نظام الدم الأخرى، حيث قدّموا علاجات غيرت حياة أكثر من 60 طفلاً. وقد عمل فريقه أيضاً على تطوير علاجات وراثية مهمة من الجيل التالي لحالات أخرى مثل سرطان الدم المقاوم للعقاقير.
من جهتها أشارت البروفيسورة مانجو كوريان خبيرة اضطرابات الحركة في مرحلة الطفولة، بما في ذلك خلل التوتر “الدستونيا” ومتلازمة باركنسون “الشلل الرعاشي”، إلى أهمية الوعي التام بالفرص التي توفرها العلاجات الجينية وعلاجات الخلايا في شكل ومستقبل طب الأطفال في العالم.
وكانت البروفيسورة المسؤولة عن اكتشاف الجين الذي ساعد على التنبؤ بالأطفال المصابين بخلل التوتر “الدستونيا” في سنة 2017 عبر الاستفادة من “التحفيز العميق للدماغ”، وساهم هذا الاكتشاف الذي غيّر حياة الكثيرين في تطوير علاج فعال للغاية مكّن الأطفال المصابين من استعادة القدرة على المشي.
ويتمتع فريق البروفيسورة كوريان أيضاً بخبرة في اضطرابات الناقل العصبي، بما في ذلك “نقص الأحماض الأمينية العطرية ديكاربوكسيلاز”، حيث أصبح بالإمكان تخفيض مستويات المواد الكيميائية المهمة – الدوبامين والسيروتونين – لدى الأطفال المصابين. وهذا المرض الذي يحد من ممارسة الحياة بشكل طبيعي يؤدي إلى صعوبات شديدة في الحركة وتشنجات مؤلمة في الجسم. ويخطط فريقها الآن للمشاركة في تجربة سريرية يمكن أن تبطئ وتشفي هذا المرض، حيث تقوم هذه التجربة على إيصال العلاج الجيني مباشرة إلى دماغ المريض.
وخلال السنوات المقبلة، ستعمل البروفيسور كوريان وفريقها على تطوير هذا المجال البحثي من أجل اكتشاف طرق جديدة في العلاج الجيني لأمراض التنكس العصبي لدى الأطفال ومتلازمة باركنسون، حيث لا توجد حالياً أي علاجات لهذه الأمراض.
وقالت البروفيسورة كوريان ” إنه لشرف كبير أن نتحدث أنا والبروفسور كوريان في محاضرة مجلس صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والمساعدة في تحقيق فهم أعمق للأمراض النادرة والمعقدة لدى الأطفال، وسيتيح لنا العمل في مركز زايد للأبحاث الإسراع في اكتشاف وتطوير علاجات ناجعة للأمراض كي ينعم الأطفال في كل مكان بحياة أفضل وأطول”.
وام