لم يعد العيد كالسابق، وعلى الرغم من أنه فرحة للصائمين، إلاّ أن الفرح به سيتوارى بعد سويعات من بدئه، ليحل مكانه شعور جامد وهادئ بعيداً عن المعنى الحقيقي للفرح بمناسبة كريمة وجليلة.
الأعياد في زمننا هذا لم تعد كما كانت، تأتي بلا نكهة أو لون إلا من ألوان فرح أطفالنا المبتهجين فقط لأنه العيد، ولملمة العيدية وبعض نقوش حناء، و«شلج» وأثواب بهية، وزادت عليها تدني أرقابهم من الكتابة على الـ«آي باد»، وتجمعات تكاد تنتهي في اليوم الأول، ليذهب كل في عالمه، أما بالنسبة لنا فالعيد أبات مجاملات رسمية، قد نجبر عليها أحياناً، وبحب أحياناً نؤدي واجب صلة الرحم، فقط كي نتجنب الحرام، وإن لم نقم بدعوة ذوي أرحامنا إلى جلسة عشاء أو غداء فلن يقوم بزيارتنا أحد، على غرار ما كان يحدث في الزمن الجميل، الذي كان يسوده الصدق في إظهار المشاعر، حيث كانت الأبواب مشرعة للزوار والأحبة، واليوم نكتفي بـ«مسج» صغير «نفروده»، غير مكترثين بسماع أصوات من نحب، رويداً رويداً تتراجع تلك العادات والطقوس الاحتفالية المجتمعية الجميلة والفرحة الصادقة، ليس بقدوم عيد الفطر وحده، بل كل أعيادنا.
«حق الليلة» تلك البهجة التي كان أطفال فرجاننا يحتفون بها في النصف من شعبان، محملين بأكياس وأهازيج تدوّي على قارعة أبواب الأحبة، توارت ولم نعد نستدعيها إلا من خلال المؤسسات وهيئات التراث نوعاً من الوفاء لذلك الموروث. نشعل وهج ذكريات العيد في حلته ورائحته وصوره التي غابت عن أعيادنا «الحديثة»، بعيداً عن مظاهر فرح مؤقتة لا روح فيها سوى المباهاة.
والسؤال الذي يحضرني الآن بعد تلك المشاهدات.. هل سيأتي يوم نحتفل فيه بأعيادنا من خلال شاشات الـ«آي باد» وغيره من المقتنيات الحديثة، كأننا في عالم افتراضي، وتصبح مشاعرنا وتهانينا وتجمعاتنا تقنية مبنية على الخيال العلمي فقط؟ أخشى ذلك، وعساكم من عواده
الامارات اليوم