بعد 61 عاماً من انطلاق فعاليات أول بطولة لكأس العالم للرجال، تحقق حلم الجنس اللطيف بإقامة أول كأس عالم للسيدات بعدما ابتكر رئيس الاتحاد الدولي للعبة سابقاً، البرازيلي جواو هافيلانغ، فكرة إقامة البطولة التي أصبحت الأبرز والأقوى في عالم كرة القدم النسائية.

ورغم الفارق الهائل في التاريخ والذي تجاوز الستة عقود، نجح مونديال السيدات في ترك بصمة رائعة على مدار نحو ربع قرن، ليصبح من البطولات التي تحظى باهتمام عالمي بالغ مع إقامتها كل أربع سنوات.

وخلال ربع قرن، تطور عدد المنتخبات المشاركة في البطولة من 12 إلى 16 منتخباً، ثم إلى 24 منتخباً، إذ كانت البطولة السابعة التي استضافتها كندا في 2015 أول نسخة تشهد زيادة عدد المنتخبات المشاركة في النهائيات إلى 24 منتخباً، مع ارتفاع مستوى كرة القدم النسائية في العديد من أنحاء العالم.

مونديال 1991
واستضافت الصين البطولة الأولى عام 1991 بمشاركة 12 منتخباً من مختلف القارات.

وشهدت البطولة الأولى هيمنة واضحة للمنتخب الأميركي الذي برهن منذ البداية على أحقيته في إحراز اللقب من خلال خط هجومه القوي والمتميز بقيادة ميشيل آكرز وكارين جينينجز وأبريل هينريتشز.

وسجلت اللاعبات الثلاث 20 من 25 هدفاً، أحرزها المنتخب الأميركي في هذه البطولة، ليتوج بلقب البطولة بعد التغلب على نظيره النرويجي 2-1 في المباراة النهائية التي كانت ختاماً رائعاً للبطولة الأولى.

وكان للمهاجمة آكرز دور كبير في حسم اللقب للمنتخب الأميركي، إذ سجلت عشرة أهداف في هذه البطولة منها هدفي المباراة النهائية التي حضرها 65 ألف مشجع في المدرجات.

واكتسح المنتخب السويدي نظيره الألماني بأربعة أهداف نظيفة في مباراة تحديد المركز الثالث للبطولة، والتي أدارتها البرازيلية كلاوديا فاسكونسيلوس لتصبح أول حكم نسائي يدير مباراة بمثل هذه الأهمية في تاريخ اللعبة، علماً بأنها كانت واحدة من ست محكمات شاركن في إدارة مباريات البطولة.

مونديال 1995
واستضافت السويد البطولة الثانية عام 1995 بمشاركة 12 منتخباً أيضاً.

ورغم الاستضافة الرائعة والتنظيم الناجح للبطولة، لم تكن بداية مسيرة أصحاب الأرض في هذه البطولة بالمستوى المطلوب، إذ سقط المنتخب السويدي في فخ الهزيمة المفاجئة 0-1 أمام نظيره البرازيلي.

ولكن أصحاب الأرض نجحوا في تجاوز الكبوة سريعاً، والفوز في المباراتين التاليتين، ليضمن المنتخب السويدي التأهل إلى دور الثمانية قبل أن يسقط أمام نظيره الصيني بركلات الترجيح، ليفشل في العبور إلى المربع الذهبي ويثأر المنتخب الصيني من نفس الفريق الذي أطاح به من البطولة الأولى.

وحسم المنتخب النرويجي اللقب لصالحه بالتغلب 2-0 على المنتخب الألماني في نهائي أوروبي خالص.

وفي المقابل، خسر المنتخب الأميركي جهود مهاجمته البارزة آكرز في هذه البطولة بسبب الإصابة ولكنه شق طريقه إلى المربع الذهبي وأحرز المركز الثالث بالفوز على نظيره الصيني 2-0 في مباراة تحديد المركز الثالث.

ولم تكن المنافسة على اللقب هي الهدف الوحيد للمنتخبات المشاركة في هذه البطولة، بل تنافس المشاركون أيضاً على التأهل إلى مسابقة كرة القدم النسائية في دورة الألعاب الأولمبية التي استضافتها أتلانتا عام 1996.

وحجز المنتخب الأميركي بالفعل مكانه في أولمبياد 1996 قبل هذه البطولة لكونه ممثل الدولة المضيفة فيما تأهلت منتخبات النرويج وألمانيا والصين والسويد والدنمارك والبرازيل واليابان إلى الأولمبياد عبر مونديال 1995.

وشهدت هذه البطولة تطبيق لائحة الوقت المستقطع لأول مرة من خلال منح كل فريق من طرفي المباراة الحق في طلب وقت مستقطع لمدة دقيقتين لمرة واحدة فقط لكل فريق في كل شوط على أن يكون ذلك قبل تنفيذ رمية تماس للفريق صاحب الطلب تفاديا لإهدار الوقت أو عرقلة تركيز أو هجمات الفريق المنافس.

مونديال 1999
وفي عام 1999، شهدت بطولات كأس العالم للسيدات نقطة تحول كبيرة بارتفاع عدد المنتخبات المشاركة إلى 16 منتخباً في البطولة الثالثة، التي استضافتها الولايات المتحدة على ملاعب ضخمة للمرة الأولى في تاريخ البطولة.

وساهم ذلك في ارتفاع معدلات الحضور الجماهيري في المدرجات وكذلك المشاهدة التلفزيونية وزيادة الاهتمام بالتغطية الإعلامية للمباريات.

وتشير الإحصائيات إلى أن عدد المشجعين الذين حضروا في المدرجات على مدار 32 مباراة شهدتها البطولة بلغ أكثر من مليون و194 ألف مشجع، بخلاف 2500 إعلامي شاركوا في تغطية أحداث البطولة.

كما حققت المشاهدة التلفزيونية رقماً قياسياً جديداً بعدما بلغ عدد المشاهدين لفعاليات المباراة النهائية داخل الولايات المتحدة، أكثر من 40 مليون مشاهد، إذ تغلب المنتخب الأميركي في النهائي على نظيره الصيني بركلات الترجيح 5-4 بعد انتهاء المباراة بالتعادل السلبي.

وفي المدرجات، احتشد أكثر من 90 ألف مشجع يتقدمهم الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون لمشاهدة المباراة النهائية، إذ غمرت السعادة المدرجات مع انتهاء ركلات الترجيح بفوز المنتخب الأميركي وتتويجه باللقب العالمي الثاني.

وبعيداً عن الأداء الراقي لأصحاب الأرض، كانت أفضل مباريات البطولة بين منتخبي البرازيل ونيجيريا في دور الثمانية حيث تقدم المنتخب البرازيلي بثلاثية نظيفة في الشوط الأول وتعادل المنتخب النيجيري بثلاثية في الشوط الثاني قبل أن يحقق المنتخب البرازيلي الفوز الصعب والثمين بالهدف الذهبي الذي أحرزته اللاعبة سيسي في الوقت الإضافي لتوقف مغامرة المنتخب النيجيري الذي أصبح أول فريق أفريقي يتجاوز الدور الأول في تاريخ البطولة.

وأحرز المنتخب البرازيلي المركز الثالث بعد فوزه على نظيره النرويجي 5-4 بركلات الترجيح بعد انتهاء مباراة المركز الثالث بالتعادل السلبي بينهما.

مونديال 2003
وكان من المقرر أن تستضيف الصين البطولة الرابعة في عام 2003 ولكن انتشار فيروس الالتهاب الرئوي الحاد اللانمطي (سارس) تسبب في نقل إقامة البطولة إلى الولايات المتحدة لتكون البطولة الثانية على التوالي التي تستضيفها الولايات المتحدة.

ورغم ذلك، لجأ الاتحاد الدولي للعبة (فيفا) إلى تعويض الصين عن نقل البطولة من أرضها، وذلك بمنح منتخبها الحق في المشاركة بالنهائيات مباشرة إضافة إلى منحها حق استضافة البطولة التالية التي أقيمت عام 2007.

ولكن كلا من المنتخبين الأميركي والصيني فشل في إحراز اللقب أو الوصول للمباراة النهائية، إذ كان اللقب هذه المرة من نصيب المنتخب الألماني بقيادة نجمته المتألقة بريجيت برينز، التي قادت الفريق للفوز على نظيره السويدي 2-1 في المباراة النهائية، التي امتدت لوقت إضافي بعد تعادلهما 1-1 في الوقت الأصلي.

وفاز المنتخب الأميركي بقيادة لاعبتيه المخضرمة ميا هام والشابة آبي وامباك بالمركز الثالث إثر تغلبه على نظيره الكندي 3-1 في مباراة تحديد المركز الثالث.

مونديال 2007
ولم يختلف الحال كثيراً في البطولة الخامسة التي أقيمت بالصين عام 2007، إذ واصل المنتخب الألماني هيمنته وأحرز اللقب ليصبح أول فريق يتوج باللقب مرتين متتاليتين.

ورغم تألق البرازيلية مارتا التي فازت بلقب هدافة البطولة، كان المنتخب الألماني هو الأفضل هجوماً ودفاعاً في البطولة أيضاً، إذ سجل 18 هدفاً في ست مباريات، بمتوسط ثلاثة أهداف في المباراة الواحدة، ولم تهتز شباكه على مدار المباريات الست في هذه البطولة التي شهدت 111 هدفاً.

وبرهنت مارتا على جدارتها بلقب أفضل لاعبة في العالم، إذ سجلت سبعة أهداف مقابل ستة أهداف لكل من وامباك والنرويجية راجينهيلد جولبراندسن خمسة أهداف لكل من برينز والبرازيلية كريستياني سيلفا.

وشق المنتخبان الألماني والبرازيلي طريقهما بنجاح إلى المباراة النهائية، التي حسمها الفريق الألماني لصالحه بهدفين نظيفين، ليحافظ على لقبه فيما فاز المنتخب الأميركي بالمركز الثالث، إثر فوزه 4-1 على النرويج في مباراة تحديد المركز الثالث.

مونديال 2011
وبينما صبت معظم الترشيحات في صالح المنتخب الألماني للفوز بالبطولة السادسة، إذ حظي الفريق بالإمكانيات التي تؤهله للدفاع عن لقبه في البطولة التي استضافتها بلاده عام 2011، ودع الفريق البطولة مبكراً وترك الفرصة للمنافسين من أجل المنافسة على اللقب.

وحظي المنتخب الألماني في هذه البطولة بمساندة الجماهير إضافة إلى الخبرة الكبيرة للاعباته، ولكن مسيرته في البطولة لم تكن سهلة على الإطلاق.

وتصدر المنتخب الألماني مجموعته في الدور الأول بعد ثلاثة انتصارات متتالية، رغم قوة المجموعة التي ضمت منتخبات فرنسا ونيجيريا وكندا، لكنه سقط في دور الثمانية أمام المنتخب الياباني 0-1 في الوقت الإضافي.

وعلى الرغم من احتلال كل منهما المركز الثاني في مجموعته بالدور الأول بعد انتصارين وهزيمة واحدة، شق المنتخبان الياباني والأميركي طريقهما إلى النهائي الذي شهد إثارة بالغة، إذ تقدم المنتخب الأميركي مرتين وتعادل نظيره الياباني في المرتين، لينتهي الوقتان الأصلي بالتعادل 1-1، والإضافي بالتعادل 2-2، قبل أن يحسم المنتخب الياباني اللقب لصالحه بالفوز 3-1 بركلات الترجيح.

مونديال 2015
وشهدت النسخة السابعة للبطولة، والتي استضافتها كندا في 2015، نقطة تحول جديدة في حجم بطولات كأس العالم للسيدات، إذ ارتفع عدد المنتخبات فيها من 16 إلى 24 منتخباً.

ومع تأهل المنتخبين الياباني حامل اللقب وقتها والأميركي وصيف حامل اللقب، كان الفريقان مع المنتخب الألماني هم أبرز المرشحين للمنافسة على اللقب.

وبالفعل، وصل المنتخبان الياباني والأميركي إلى المباراة النهائية التي كانت مواجهة مكررة لنهائي 2011، ولكن الفوز في 2015 كان من نصيب المنتخب الأميركي، الذي توج بلقبه الثالث في البطولة، لينفرد بصدارة أكثر المنتخبات فوزاً باللقب، وذلك بعد فوزه الساحق 5-2 على نظيره الياباني في النهائي.

وفي المقابل سقط المنتخب الألماني في المربع الذهبي للبطولة رغم أنه كان الأفضل هجومياً في هذه النسخة برصيد 20 هدفاً.

وأصبح المنتخب الألماني أكثر فريق يحتل المركز الرابع على مدار تاريخ البطولة برصيد أربع مرات.

واحتل المنتخب الإنجليزي المركز الثالث بجدارة بعد الفوز على نظيره الألماني في مباراة المركز الثالث.

وخرج المنتخب الكندي من دور الثمانية للبطولة التي استضافتها بلاده، محققاً رقماً قياسياً سلبياً، إذ سجل أربعة أهداف فقط ليكون أقل المنتخبات المضيفة تسجيلاً للأهداف على مدار تاريخ البطولة.

وبخلاف زيادة عدد المنتخبات إلى 24 منتخباً، شهدت هذه النسخة في كندا العديد من الأرقام القياسية، مثل الذي حققته اللاعبة الأميركية كريستي رامبوني، إذ أصبحت أكبر لاعبة سناً تشارك في البطولة (40 عاماً و11 يوماً)، عندما خاضت النهائي أمام اليابان، وأصبحت أيضاً أكبر لاعبة تخوض نهائي البطولة.

كما استحوذت الأميركية ليود على الرقم القياسي لأكبر عدد من الأهداف في مباراة نهائية، إذ سجلت ثلاثة أهداف (هاتريك) في النهائي أمام اليابان.

كما شهدت نفس النسخة أكبر عدد إجمالي من الأهداف لفريقين في مباراة واحدة، وهي المباراة التي فازت فيها سويسرا على الإكوادور 10-1، علماً بأن هذا العدد الإجمالي من الأهداف حدث من قبل في مباراة ألمانيا والأرجنتين في نسخة 2007 ولكن كان من فريق واحد، إذ فازت ألمانيا 11-0.

وينتظر أن تشهد النسخة الثامنة، التي تستضيفها فرنسا من 7 يونيو الحالي إلى 7 يوليو المقبل منافسة شرسة على اللقب بين عدة منتخبات مع ارتفاع مستوى العديد من المنتخبات في السنوات القليلة الماضية.

ويبرز المنتخبان الياباني والأميركي ضمن أقوى المرشحين للقب كما يقاسمهما هذه الترشيحات المنتخبان البرازيلي والألماني وكذلك المنتخب الإنجليزي.

الاتحاد