أيهما له الأولية عند الكتابة للطفل؟ هل الهدف التربوي بتنشئته، ورعايته أخلاقياً؟ أم أن الهدف الرئيس هو إمتاع الطفل، ومده بالخيال والدهشة، والشغف فقط؟ وهل لكتّاب أدب الطفل، الحرية في تناول أيّ مسألة بلا حدود أو قيود؟ وكيف يمكن الجمع في توليفة توافقية، بين كل هذه العناصر من دون خلل بأي منهما؟
لا يحضر جدل هذا السؤال في مفهوم الكتابة للطفل، عند الكاتبة الإماراتية الشابة حصة المهيري وقد دخلت عالم أدب الطفولة من بوابة التخصص العلمي، لما يسمى «بالطفولة المبكرة» ودراسة الماجستير، في «الإدارة التعليمية»، وصولاً إلى العيش مع الطفولة، عبر التدريس في «رياض الأطفال» ما جعلها تدرك جيداً معنى أن تكتب بعقل، وروح تلك الفئة العمرية، التي تقول عنها إنها «حساسة جداً»، لأنهم يملكون ذكاءً عاطفياً كبيراً، وهذا ما يجعل الكتابة لهم أشبه بالسهل الممتنع.
وتضيف حصة المهيري الحائزة جائزة الشيخ زايد للكتاب 2018 فرع الطفل والناشئة، في حوار مع «الاتحاد» حول مفهوم الكتابة للطفل، بالقول: «حين نكتب للطفل فنحن، لا نكتب فقط بعقلنا وروحنا إنما بكل جوارحنا، نحن نكتب لأجيال المستقبل، الذين سيمثلون هذه الأوطان يوماً ما. وباعتقادي أن أكثر ما يمكن الكاتب، من الكتابة للطفل أن يوجد قربهم، فأنا أحب دائماً أن أعيش عالم الأطفال الجميل، وتفكيرهم الحر والطليق بكل عفوية وبراءة، فهم يخرجون الطفل في داخلي، وأعتبرهم عنصر إلهام وبركة في حياتي».
وترى صاحبة «الدينوغراف» في توقيع «جائزة الشيخ زايد للكتاب» مؤخراً، لاتفاقية تعاون مشتركة، بين دار الهدهد للنشر والتوزيع، ودار النشر الإيطالية «ماركوس جي ماركوس» لترجمة مؤلفها «الدينوغراف» إلى ثلاث لغات أجنبية، تجسيداً لطموحها الأول في الوصول لأطفال العالم، عبر رسالة التسامح والحب. وتقول في هذا السياق: «لطالما كان طموحي الأول الوصول بكتبنا الإماراتية إلى أطفال العالم جميعاً برغم أنه يبدو صعباً، لكنه ليس مستحيلاً، ونحن شعب وثقنا ثقة تامة بقيادتنا التي ترى أن لا شيء مستحيل، وإنه يمكننا تحقيق الأفضل دوماً، ولا أجمل من رسالة التسامح، والتعايش التي تحملها هذه القصة، لتصل للعالم أجمع محبتنا للجميع. إنها خطوة أولى مهمة لدعم أدب الطفل العربي والارتقاء به عالمياً».
وحول رأيها بمفهوم الأولوية عند التوجه للكتابة للطفل، هل هو هدف تربوي أم هدف الخيال والدهشة؟ تقول: «برغم أهمية الأهداف التربوية، لكن لابد أن تأتي بسلاسة جداً، وغير مباشر أو متعمد. فبقدر أهمية القيم التي تندرج في الكتاب، إلا أن من المهم أيضاً أن نمتع الطفل بما يقرأ لينمو لديه الشغف، والفضول للقراءة، لذلك من المهم جداً أن نستغل مخيلة الأطفال في صغرهم، حتى ننمي جانب الخيال والإبداع، ليصبح لديهم ما يسمى (التفكير المبدع)، والأهم في كل عملية الكتابة للطفل هو السؤال التالي: كيف يجب أن نصل للطفل؟..».
وقالت المهيري حول واقع أدب الطفل في الدولة، ومستوى النضج فيه؟: «تشهد دولة الإمارات، في السنوات الأخيرة، حراكاً معرفياً كثيفاً، يُعنى بأدب الطفل، تقوده الكثير من المبادرات، واللجان الوطنية، والورش التخصصية التي تدرّب الكتّاب على أساليب الكتابة الإبداعية للطفل، إلى جانب الدور الكبير الذي تلعبه اليوم دور النشر في دعم الكتّاب، وإصدار إعمالهم بجودة عالمية تُجاري العالمية، ومؤخراً نشأت الكثير من المجتمعات الثقافية، الداعمة للكتّاب والرسامين في مجال أدب الطفل، ولا شك في أن كل هذا يساهم في استدامة إنتاج أدب الطفل على المستوى الوطني، ولذلك نحن على أمل وتفاؤل، مع السنوات المقبلة في رفد المكتبة الإماراتية بالكثير من القصص الجميلة والمبدعة التي تحاكي خيال الطفل وتلهمه لحب القراءة بشغف، وفضول».
أما بخصوص لماذا «الدينوغراف» عنواناً لمؤلفها الفائز؟ تقول حصة المهيري: «هو اسم مشتق من مفردتي (ديناصور)، و(زرافة)، وقد دمجتهما في كلمة أو اسم واحد هو (دينوراف) لرسم ملامح كائن هجين، وغريب عن محيطه، شكلًا، ونوعاً، في إشارة إلى مفهوم التسامح، ومعنى التعايش السلمي، ومفهوم نبذ الصراع، عبر استيعاب معنى الاختلاف، والتعددية، والتنوع في مفهوم الهويات».

الاتحاد