دافعت رئاسة الجمهورية في مصر عن الأحكام القضائية الصادرة أمس الأول بشأن القضايا المرفوعة على عدد من رموز نظام الحكم السابق وكبار المسؤولين (في إشارة إلى الأحكام التي برأت الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك وآخرين من تهم عدة)، مؤكدة أنه لا يجوز التعقيب على طبيعة الأحكام الصادرة، وذلك إعمالا لنصوص الدستور الذي كفل للقضاء استقلالية تامة، وتأكيدا على ضرورة إعمال مبدأ الفصل بين السلطات، والثقة الكاملة في عدالة القضاة نزاهتهم وحيادهم وكفاءتهم المهنية.

وقال بيان الرئاسة «إنه فيما يتعلق بالأسباب التي أبدتها المحكمة تفسيرا لأحكامها، فقد وجَّه الرئيس عبد الفتاح السيسي بتكليف رئيس مجلس الوزراء باِتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لمراجعة الموقف بالنسبة لتعويضات ورعاية أسر شهداء ومصابي الثورة الذين قدموا حياتهم من أجل رفعة هذا الوطن». كما وجه السيسي بتكليف لجنة الإصلاح التشريعي بدراسة التعديلات التشريعية على قانون الإجراءات الجنائية التي أشارت المحكمة إلى ضرورة إجرائها، وإعداد تقرير عنها لتقديمه إليه. وأكد السيسي في البيان «أن مصر الجديدة، التي تمخضت عن ثورتي 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013، ماضية في طريقها نحو تأسيس دولة ديمقراطية حديثة قائمة على العدل والحرية والمساواة ومحاربة الفساد، تتطلع نحو المستقبل، ولا يمكن أن تعود أبداً للوراء».

إلى ذلك، اتهمت وزارة الداخلية المصرية، أمس، أنصار جماعة «الإخوان المسلمين» المحظورة بإثارة العنف خلال التظاهرات التي خرجت مساء أمس الأول في القاهرة بعد إصدار محكمة جنايات شمال القاهرة حكماً ببراءة رموز النظام الأسبق، وبينهم مبارك. بينما تحدثت وزارة الصحة عن سقوط قتيلين وإصابة 13 آخرين في الاحتجاجات، بينهم حالات حرجة.

وقال بيان الداخلية «إن الأجهزة الأمنية تابعت مساء السبت تجمعات معارضة وأخرى مؤيدة للحكم الصادر ببراءة رموز النظام الأسبق»، وأضاف «اتسمت تلك التجمعات بالسلمية في التعبير عن مشاعرها، إلا أنه في حوالى الساعة السادسة مساء انضم إلى أحد تلك التجمعات بميدان عبدالمنعم رياض عناصر من تنظيم الإخوان الإرهابي، وقاموا بالاشتباك مع عدد من المتجمعين ورددوا الهتافات العدائية ضد قوات الجيش والشرطة، وقاموا بإلقاء الحجارة على قوات الأمن، وقد تم التدرج في إجراءات فض تلك العناصر وتوجيه الإنذار لهم بالانصراف، ومع إصرارهم تم التعامل معهم وتفريقهم».

وكانت محكمة جنايات القاهرة برئاسة القاضي محمود الرشيدي قضت بعدم جواز نظر الدعوى الجنائية ضد مبارك في إعادة محاكمته في قضية تتصل بقتل متظاهرين إبان انتفاضة 25 يناير 2011. كما قضت ببراءة وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي وستة من مساعديه من اتهامات قتل المتظاهرين. كما قضت المحكمة ببراءة مبارك في قضية فساد تتصل بتصدير الغاز لإسرائيل، وبانقضاء الدعوى الجنائية ضده ونجليه علاء وجمال في قضية ثالثة تتعلق بقبول عطايا من رجل الأعمال حسين سالم مقابل استغلال نفوذ.

وتواصلت الاحتجاجات أمس ضد تبرئة مبارك في عدد من الجامعات المصرية، حيث تجمع مئات المتظاهرين في جامعة القاهرة ولوحوا بصور الرئيس الأسبق خلف القضبان وطالبوا «بإسقاط النظام». ووقفت قوات الشرطة في حالة تأهب عند بوابات الجامعة لمنع الطلاب من نقل تظاهراتهم إلى الشارع. وذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية أن الأمن أغلق محطة مترو أنفاق قريبة لمنع مزيد من التجمعات في وسط المدينة. وقالت البوابة الإلكترونية لصحيفة «الأهرام»، إن اشتباكات اندلعت بجامعة الزقازيق بدلتا النيل واعتقل 11 طالباً بعد إشعالهم النيران في مبنى.

ووقعت اشتباكات بين طلاب جامعة الإسكندرية وأفراد شركة أمن خاصة عندما حاولوا إشعال الألعاب النارية داخل الجامعة. كما ألقي القبض على ثمانية طلاب بجامعة طنطا في الدلتا عندما اشتبك الطلاب مع أفراد الأمن الإداري للجامعة. واعتقل تسعة طلاب بجامعة المنيا في صعيد مصر خلال تظاهرة منددة بالحكم. وشهدت جامعة كفر الشيخ تظاهرة رافضة للحكم، لكن لم تقع مواجهات مع الأمن.

وشهد المقر الرئيسي لجامعة الأزهر بالقاهرة حالة هدوء تام، ولم يشهد أي تظاهرات ضد الحكم القضائي. وكان الضباط والجنود يجلسون في حالة استرخاء عند بوابات الجامعة باستثناء القوات التي كانت تقف بجوار ثلاث مدرعات تؤمن المبنى الإداري للجامعة، حيث يقع مكتب رئيس الجامعة. وكذلك كانت الحال في جامعة عين شمس القريبة التي وقف الباعة الجائلون حول أسوارها يبيعون أغطية الرأس والأكسسوارات للطالبات في هدوء وبلا خوف من اندلاع مواجهات بين الطلاب والأمن.

وسيبقى مبارك مسجوناً في مستشفى عسكري في القاهرة لإنهاء عقوبة بالسجن ثلاث سنوات في قضية أخرى. ولكن محاميه فريد الديب قال «إن الفترات التي أمضاها مبارك في الحبس الاحتياطي ينبغي أن تحتسب ضمن مدة العقوبة، وإنه حتى الآن أمضى ثلثي هذه المدة»، مشيراً إلى أن القانون المصري يتيح إطلاق سراح المحكوم عليه بعد أن يمضي ثلاثة أرباع مدة عقوبته.

– الاتحاد