طالب سائقون بإعادة النظر في احتساب التعويض أو الدية، للمشاة المتهورين الذين يعبرون الطرق من أماكن غير مخصصة لعبور المشاة، خصوصاً على الطرق السريعة، مشيرين إلى أن بعض المشاة يعبرون الطرق بصورة انتحارية، من أماكن لا توجد فيها جسور أو خطوط مشاة، ما يعرضهم للدهس، مطالبين بتحميلهم المسؤولية القانونية عن تعريض حياتهم للخطر.
وأكد المحامي، علي العبادي، أن عبور المشاة الخاطئ من الأماكن غير المخصصة يفقدهم حق التعويض والدية، في حال وقع لهم ضرر، ما لم يخلّ المتسبب بإجراءات القيادة الآمنة للمركبة، مثل السرعة وأخذ الحيطة والحذر وفق صحيح القانون.
وجاءت مطالبات السائقين في سياق، مقطع فيديو نشرته شرطة أبوظبي، أخيراً، بخمس لغات، على حساباتها بمواقع التواصل الاجتماعي، يظهر أحد المشاة يعبر طريقاً بصورة خطرة، معرضاً حياته لخطر الدهس.
وحذرت شرطة أبوظبي الأفراد من مخاطر عبور المشاة من الأماكن غير المخصصة، حتى لا يتعرضوا لحوادث الدهس، داعية الأفراد إلى الالتزام بالعبور السليم عن طريق ممرات المشاة والأنفاق والجسور من أجل سلامتهم، والانتباه بعدم الانشغال بالهاتف أثناء عبور الطرق.
وتظهر إحصاءات الحوادث المرورية في الدولة أن عدم إعطاء الأولوية لعبور المشاة، يعد من أبرز أسباب وقوع الحوادث المرورية، وأسفرت حملات أجهزة الشرطة المستمرة، عن تحرير آلاف المخالفات لمشاة عبروا الطريق من غير الأماكن المخصصة.
وطالب سائقون بتشديد عقوبة عبور المشاة من الأماكن غير المخصصة، للحد من حوادث الدهس التي يروح ضحيتها أبرياء كل عام، غير مدركين خطورة سلوكياتهم، مشيرين إلى أن القانون يحمّل المتسببين في تلك الحوادث المسؤولية القانونية، ويلزمهم بدفع تعويض أو دية لأسرة القتيل، رغم عبور المشاة الخاطئ للطرق.
وطالبوا بإنشاء مزيد من الأسوار على جزر الطرق، للحيلولة دون عبور المشاة من الأماكن غير المخصصة، وتركيب كاميرات ترصد مثل هذه السلوكيات، ومن ثم يتم الاستناد إليها في حال وقع حادث دهس لأحد المارة، وإثبات مسؤوليته القانونية في وقوع الحادث.
واقترحوا تنظيم حملات موسعة باللغات المختلفة، تكون موجهة خصوصاً للجاليات الآسيوية، التي يتعمد كثير من أفرادها عبور الطرق من الأماكن غير المخصصة، وكذا إعادة النظر في إقرار التعويض والدية للعابر في حال ثبت عبوره من المكان غير المخصص.
من جانبه، أكد المحامي، علي العبادي، أن التعويض والدية هما من الأمور الواجبة قانوناً وشرعاً، استناداً إلى قوله تعالى: «وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأ ومن قتل مؤمناً خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصّدقوا».
وبيّن العبادي أن القانون ألزم المتسببين في قتل المشاة خطأ بدفع الدية لذوى المجني عليهم، في حال ثبت أنهم لم يأخذوا الحيطة والحذر أثناء القيادة ما تسبب في وقوع الحادث.
وتابع أنه في حال ثبت لهيئة المحكمة أن المجني عليه أخطأ بعبور خطوط المشاة من الأماكن غير المخصصة، فهنا أعطى القانون للمحكمة الحق في أن تقضي بعدم أحقيته في الدية بعد التأكد من أن المتسبب في الحادث التزم بقوانين المرور المتعلقة بالسرعة والحذر والقيادة السليمة وفق صحيح القانون.
وأشار إلى أنه في حال تبين تجاوز السائق السرعة المقررة، وعدم التزامه بالتعليمات المرورية، وكذا في الوقت ذاته عدم التزام المجني عليه بالمرور من المكان المخصص لعبور المشاة، تكون المسؤولية مشتركة بين السائق والعابر في تكوين أركان المسؤولية التقصيرية، وفي تلك الحالة للمحكمة أن تخفض قيمة الدية بنسبة مشاركة المجني عليه في الخطأ.
ونظرت محاكم الدولة، خلال السنوات الماضية، قضايا دهس مشاة، حمّلت فيها سائقين المسؤولية القانونية عن القتل الخطأ، وألزمتهم بدفع الدية كاملة لذوي المجني عليهم.
وفي قضايا أخرى اعتبرت المحكمة الاتحادية العليا المدهوس شريكاً في الحادث، ونزلت بقيمة الدية المقررة بمقدار الخطأ الذي ارتكبه، بعدما تبين أن المجني عليهم أسهموا بخطئهم في وقوع الحادث، وذلك بعبورهم الطريق من غير الأماكن المعدة لعبور المشاة.
وفي قضية نظرتها العام الماضي، نقضت المحكمة الاتحادية العليا حكماً صادراً عن محكمة الاستئناف الاتحادية، ببراءة سائق كان يقود مركبته بسرعة 120 كيلومتراً في الساعة، وتسبب في دهس عابر طريق ما أدى إلى وفاته، إذ حمّل الحكم المتوفى المسؤولية الكلية.
وأكدت المحكمة الاتحادية العليا، في حيثيات القضية، أن اشتراك المجني عليه في الخطأ لا يعفي السائق من المسؤولية، موضحة أن ما قررته أحكام الشريعة الإسلامية أن اشتراك المجني عليه في الخطأ لا يعفي من مسؤولية من شارك فيه، بل يخفف من نتيجة المسؤولية بقدر نصيب المجني عليه في الخطأ، إذ إنه يكون قد أعانه على نفسه، لأن فعله في نفسه يكون هدراً، وعندئذ ينقص من الدية بمقدار خطأ المجني عليه، ويقضى بباقيها على من شارك في الفعل بخطئه.
غرامة 400 درهم
رفعت وزارة الداخلية غرامة عبور المشاة للطريق من الأماكن غير المخصصة، من 200 إلى 400 درهم، بحسب التعديلات الأخيرة التي أدخلت على قانون السير والمرور وجدول المخالفات واللائحة التنفيذية.
ونصت المادة 89 من جدول المخالفات المعدل، على مخالفتين، الأولى «عبور المشاة للطريق من غير الأماكن المخصصة لعبورهم، إن وجدت»، والثانية «عدم التزام المشاة بالإشارات الضوئية»، وغرامة كل منهما 400 درهم.
ترسيخ قيم الأمن والسلامة
ركّبت شرطة أبوظبي، أخيراً، عدداً من أجهزة «حاذر» في أماكن عبور المشاة، في شوارع أبوظبي، ضمن خطة استشرافية للاستخدام الأمثل، وتوظيف برامج الذكاء الاصطناعي لإعطاء أولوية العبور للمشاة في الأماكن المخصصة لهم.
وأفادت بأن المرحلة الأولى من الخطة تشمل تركيب «حاذر» في أماكن عبور المشاة بالقرب من المدارس، والأخرى ذات الكثافة في حركة عبورهم، لترسيخ قيم الأمن والسلامة المرورية، وإيجاد بيئة آمنة، وإمكانات متقدمة تساعد على حماية مستخدمي الطرقات من مختلف أنواع المخاطر.
وأجهزة «حاذر» عبارة عن منظومة مزودة بشاشتَي عرض في الاتجاهين، إحداهما للمركبات القادمة باتجاه ممر عبور المشاة، والأخرى للمشاة، وكاميرتين، الأولى لقراءة لوحات المركبات، والثانية للتحليل المرئي، وتوفر وحدة معالجة مركزية لمراقبة ممر عبور المشاة ومحيطه.