توقع عضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك، الباحث في علوم الفلك والأرصاد الجوية، إبراهيم الجروان، أن تنكسر شدة الحر مع ظهور النجم «سهيل»، وهو نجم لامع يظهر في سماء الإمارات في 24 أغسطس الجاري، حيث يمكن مشاهدته من مختلف مناطق الدولة.
وذكر الجروان أن النجم «سهيل»، يظهر في الجهة الجنوبية الشرقية من البلاد، قبيل شروق الشمس بنحو نصف ساعة، ويتزامن طلوعه في وسط الجزيرة العربية مع موعد بدء جلاء شدة الحر وانقضاء القيظ في الجزيرة العربية.
وأضاف: «خلال ثلاثة أسابيع من ظهوره، تتسم الملامح الجوية بالحرارة والرطوبة العاليتين، فيما يعرف بـ(وعكات سهيل)، وهي أجواء حارة ورطبة ترهق الناس، وتستمر حتى منتصف سبتمبر، فيما يظهر انخفاض درجات الحرارة في المياه الراكدة، ومياه الخزانات، وماء البحر، وباطن الرمال وأديم الصحراء في الصباح، تعقبها ثلاثة أسابيع يُلمس فيها تحسن الطقس بشكل ملحوظ، لاسيما فجراً، بدءاً من منتصف سبتمبر، ويتطور التحسن والاعتدال بالطقس تدريجياً، ليلاً، حتى منتصف أكتوبر المقبل، ثم يدخل البرد زاحفاً من الأطراف الشمالية من الجزيرة العربية».
وشرح الجروان: «تسمى الأسابيع الأولى من طلوع سهيل بموسم (الصفري) أو ما يعرف بالأصفري. وهو يمتد إلى نحو منتصف أكتوبر، حيث يدخل موسم (الوسم)، وهو يمثل أفضل أوقات الأمطار النافعة، التي تنبت من خلالها أنواع كثيرة من النباتات البرية النافعة للمرعى».
وذكر أن النجم «سهيل» يظهر مقترناً بوقت طلوع الشمس في دولة الإمارات اعتباراً من 12 أغسطس، أي يكون مماساً للأفق في ذلك الوقت، في الأطراف الجنوبية من الدولة. ويمكن مشاهدته جنوب منطقة ليوا، ابتداء من 18 أغسطس، في حين يكون يوم 24 أغسطس مشاهداً في عموم الإمارات ومناطق وسط الجزيرة العربية، ويصل إلى ارتفاع ثلاث درجات فوق الأفق الجنوبي قبل طلوع الشمس بنحو 20 دقيقة.
ولفت إلى أن ظهور نجم «سهيل» له دلالة وقتية عند العرب بوقت انكسار شدة الحر، وبدء اعتدال الجو تدريجياً، خصوصاً خلال ساعات الليل. وتزداد الرطوبة ويتشكل الضباب صباحاً، وينشط قدوم الكتل الهوائية عالية الرطوبة.
وشرح الجروان أن نجم سهيل معروف عند العرب منذ القدم، وله مسميات عدة، إذ يسمونه «البشير اليماني»، و«نجم اليمن»، و«سهيل اليماني». ويستبشرون بظهوره، بسبب تحول الظروف الجوية للاعتدال، ويبدأ منخفض الهند الموسمي بالتراجع جنوباً، وتهب رياح قوية يطلق عليها «هبايب سهيل»، تعمل على تلطيف الأجواء.
واهتم أبناء الجزيرة العربية منذ القدم بمطالع النجوم والنظر فيها ومعرفة منازلها، لارتباطها بحياتهم اليومية، فهم يعرفون من خلالها دخول فصول السنة، ووقت نزول الأمطار، ووقت البرد والحر. ومن خلال حساب النجوم، يعرف أهل القرى والفلاحون متى يحرثون أراضيهم، ومتى يبذرونها استعداداً لنزول المطر. ويعرف أهل البر مواسم الرعي والسفر. ويعرف أهل البحر مواسم الصيد البحري والسفر. وهم يعرفون أن هذا الارتباط وقتي، ولا علاقة للنجم نفسه بتغير الأجواء أو المواسم في الأرض، حيث يبعد عن الأرض أبعاداً ساحقاً. ويقدر بعد النجم سهيل بما يقارب 310 سنوات ضوئية عن الأرض.
وتابع الجروان: «مع طلوع (سهيل) يبدأ تقويم خاص لأهل الخليج، وهو تقويم الدرور. وكانت العرب تقول (إذا طلع سهيل برد الليل وخيف السيل وكان للحوار الويل)، لأنه يفصل عن أمه».
نجم سهيل
يختفي نجم سهيل عن الأنظار فترة من السنة، كمعظم نجوم السماء، ثم يعاود الظهور فترة أخرى، تبدأ في صبيحة الـ24 من أغسطس من كل عام، ثم يأخذ ظهوره بالتقدم يوماً بعد يوم، إلى أن يرتقي وسط السماء منتصف الليل في نهاية ديسمبر.
ويظهر بعد غروب الشمس في الأفق الجنوبي الغربي مع نهاية مارس، وبعدها يستتر حتى يطلع من جديد قبيل شروق الشمس في 24 أغسطس في الإمارات والدول التي في عرضها.
وقد ورد النجم سهيل في الأساطير العربية، ويقال إن له أختين، هما الشعرى اليمانية، التي نجحت في اللحاق بأخيها سهيل الهارب جنوباً جهة اليمن، بعدما عبر نهر درب التبانة، فظلت في الجنوب (ومنه جاءت التسمية)، والأخت الأخرى هي الشعرى الشامية، أو الغميصاء، حيث لم تستطع اللحاق بأختها، فظلت جهة الشام (ومنه جاءت التسمية).
وتقول الأساطير إنه من فرط حسرتها وحزنها بكت حتى غمصت عيناها، ولهذا سُمّيت بالغميصاء.
الامارات اليوم