يندر وجود العنصر المواطن في مهنة الطب والمهن الطبية عموماً، على الرغم من الجهود الكبيرة والحثيثة التي تبذلها الدولة، ممثلة في وزارة الصحة، لاستقطاب الطبيب والفني المواطنين وتوظيفهما وتدريبهما.
وتتوزع أسباب ندرة المواطنين على عزوف الطلبة عن دراسة هذا المجال، أو عدم وجود الكليات الطبية في بعض الإمارات، فضلاً عن صعوبة ظروف العمل في المجال الطبي.
وتشير إحصاءات التوطين في القطاع الطبي سواء الحكومي أو الخاص في الفجيرة، كنموذج، إلى تدني تلك النسب كما هو الحال في الإمارات الأخرى بالدولة.
وأكدت المنطقة الطبية في الفجيرة أن التوطين الكامل في القطاع الطبي بالدولة يحتاج إلى جهود جبارة ومنهجية مدروسة، لرفد هذا القطاع بالكوادر الطبية وفق الاحتياجات الفعلية وبما يضمن عدم إلحاق الضرر بالمهنة والمراجعين الذين يحتاجون إلى الطبيب والاستشاري صاحب الخبرة الطويلة.
وقال الدكتور محمد عبد الله بن سعيد مدير منطقة الفجيرة الطبية إن نسبة التوطين في جميع الوظائف الطبية والفنية والإدارية داخل مستشفيات الفجيرة ومراكزها الطبية بلغت 37%، وهذه النسبة تجعلنا أمام تحد كبير ومسؤولية مشتركة مع المؤسسات الأخرى، للوصول إلى قطاع طبي يكون فيه المواطن هو الطبيب والفني والممرض، وأن يكون موجوداً في التخصصات كافة.
وأضاف مدير منطقة الفجيرة الطبية: تصل نسبة التوطين في المهن الإدارية بمستشفيات ومراكز طبية الفجيرة ومقر الإدارة 100 %، بينما تصل نسبة الأطباء المواطنين في مركز طب الأسنان التابع لمستشفى الفجيرة 80%، كذلك الحال في الصيدلة والمختبرات، حيث ارتفعت نسبة التوطين بها بشكل كبير خلال السنوات الخمس الأخيرة، وجاء ذلك نتيجة افتتاح جامعة عجمان كليتي الصيدلة وطب الأسنان، ما كان دافعاً للطلاب والطالبات المواطنين للالتحاق بهما للدراسة.
وأشار الدكتور محمد عبد الله بن سعيد إلى أن التحدي الذي يقابلنا ينصب على الأقسام الفنية تحديداً، حيث وصلت نسبة التوطين بها إلى 25%، وهي نسبة قليلة تحتاج إلى جهد كبير لرفعها، عبر توجيه طلاب الصف الثاني عشر لدراسة التمريض والطب بشكل عام، خصوصاً أن فرص التوظيف في هذا القطاع بالكامل متاحة وفورية يمكن للخريج أو الخريجة الحصول عليها بعد التخرج مباشرة.
وتصل نسبة التوطين في قطاع الطب العام بجميع تخصصاته ودرجاته الوظيفية إلى نسبة 10%، وهي نسبة ضئيلة جداً تحتاج إلى دعم من مؤسسات التعليم العالي في الفجيرة، لفتح مساقات دراسية جديدة في الطب البشري، مثل تخصصات النساء والولادة والجراحة والأطفال وغيرها، ما يتيح للطلاب دراسة تلك التخصصات داخل الدولة. كما وصلت نسبة التوطين في تخصصات الأشعة والعلاج الطبيعي والتغذية 25%.
كليات جديدة للطب
وقال الدكتور علي أبو النور مدير مقر جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا بالفجيرة إن لدينا في المقر تخصصين في طب الأسنان والصيدلة، ولا يوجد حتى الآن كلية للطب البشري لتخريج كوادر وطنية جديدة للعمل بمستشفيات الفجيرة الحكومية والخاصة، ومن المؤكد أن إدارة الجامعة تفكر في هذا الأمر ولكن متى نراه على أرض الواقع؟
وأضاف الدكتور أبو النور أن تخصصات الطب البشري وغيرها تعد في الوقت الحالي من التخصصات الحيوية التي تحتاجها المنطقة، ويظهر ذلك بوضوح من خلال الإقبال الكبير على كليتي طب الأسنان والصيدلة بالفجيرة، حيث كان معدل القبول يبدأ في كلية طب الأسنان من 80% ارتفع إلى 90%، كما ارتفعت نسبة التنسيق لقبول الطلاب الجدد في كلية الصيدلة ليبدأ من 83% خلال السنوات الماضية وليصل إلى 88% من متوسط المجموع لكل طالب، وهذا جاء مواكبة للعدد الكبير الذي قدم أوراقه للالتحاق بالكليتين بالفجيرة، ما دفع إدارة الكلية لرفع نسبة المجموع كشرط للقبول.
وأشار مدير مقر جامعة عجمان بالفجيرة إلى أن الاعتماد الحالي وفق التنسيق بين الجامعة ووزارة التعليم العالي قبول 50 طالباً سنوياً بحد أقصى في كلية طب الأسنان، و60 طالباً في كلية الصيدلة، ونسعى للوصول بهذا العدد إلى 100 مقعد دراسي كل عام في كل كلية على حدة لتلبية الزيادة العددية من طلاب الثانوية العامة الراغبين في دراسة طب الأسنان والصيدلة.
الدراسات النظرية
قال الدكتور رفعت صالح خلف مدير كلية الفجيرة إن الكلية ما زالت جديدة وتطرح المساقات الدراسية النظرية في إدارة الأعمال وتقنية المعلومات والاتصال الجماهيري والعلاقات العامة واللغة العربية وآدابها، وقريباً سيكون هناك تخصص القانون.
وأكد الدكتور خلف أن تخصصات الطب البشري والتخصصات الفنية مهمة جداً، ومن الممكن إدراجها في المستقبل وليس في الوقت الحالي، وهذا بالطبع يعود إلى مجلس إدارة الكلية.
استقالة فنية مواطنة
قال أحمد ناصر مدير عام مستشفى الشرق بالفجيرة: نحن كإدارة نبحث عن العنصر المواطن سواء الطبيب أو الفني للعمل داخل المستشفى، ولم ننجح حتى الآن في استقطاب أطباء وفنيين مواطنين، “ليس لأنهم يريدون ونحن نرفض، بل لأننا لا نجدهم البتة”.
ووجه مدير مستشفى الشرق دعوة إلى جميع الأطباء والفنيين المواطنين للعمل داخل المستشفى وفق القوانين المعمول بها داخله باعتباره مستشفى قطاع خاص، مشيراً إلى أن المستشفى قام منذ افتتاحه قبل نحو عامين، بتوظيف فنية مختبر مواطنة واحدة، لكنها للأسف لم تستمر طويلاً، وقدمت استقالتها بسبب طبيعة الدوام الذي يمتد من السبت حتى الخميس في فترات مختلفة.
وتابع: نحن نبحث عن الطبيب المواطن ولا نجده، بالرغم من أن إجراءات التوظيف لدينا سهلة جداً، وربما يكون الطبيب في القطاع الخاص يحتاج إلى الخبرة والشهرة لجذب المزيد من المراجعين، ومن ثم تحصيل نسبة على كل كشف، وهذا أمر يحتاج إلى خبرة طويلة وتجارب كافية، وهو ما لا يتوفر لدى الخريجين الجدد من المواطنين.
معارض لتوجيه الطلاب
قال عبد السلام الخلايلة الأمين العام لمجلس رعاية التعليم والشؤون الأكاديمية في حكومة الفجيرة إن للمجلس دوراً محورياً وكبيراً في توجيه طلاب الصف الثاني عشر لدراسة التخصصات الطبية المختلفة، وهناك تنسيق كامل بين المجلس ومنطقة الفجيرة الطبية، لتحقيق هذا الهدف ومساعدة الطلاب قدر المستطاع لتحديد وجهتهم الدراسية ما بعد المرحلة الثانوية وفق معدلاتهم الدراسية في العام الأخير.
وأكد الأمين العام لمجلس التعليم والشؤون الأكاديمية بالفجيرة أن المشكلة تتمثل في عدم وجود كليات للطب البشري في الفجيرة، ويقتصر وجودها على تخصصي طب الأسنان والصيدلة، مشيراً إلى وجود معرض سنوي للتوظيف وتوجيه طلاب الثانوية للدراسة في الكليات المختلفة من خلال ندوات ومحاضرات نقوم بتنظيمها للطلاب المعنيين بالتعاون مع دائرة الموارد البشرية في حكومة الفجيرة.
الاتحاد