يبدو وزير الدفاع التونسي المستقيل، عبدالكريم الزبيدي، أحد أبرز المرشحين حظوظاً في سباق الوصول الى كرسي الرئاسة بقصر قرطاج.

ولد الزبيدي المعروف بهدوئه وعدم انجراره للصراعات الحزبية، في 25 يونيو 1950 بمدينة رجيش من ولاية المهدية وسط شرق البلاد، وهو حاصل على شهادة الدكتوراه في الطب من جامعة كلود برنار ليون في مدينة ليون الفرنسية، وعلى شهادة الماجستير في علم وظائف الأعضاء البشرية والمزارع وظيفية، والماجستير في علم الصيدلة الإنسانية، وشهادة الدراسات المعمقة في علم وظائف الأعضاء البشرية، وشهادة دراسات وبحوث في علم الأحياء البشري.

وأصبح الزبيدي بعد عودته إلى تونس، منسق تكوين كبار الفنيين الصحيين في كلية الطب بمدينة سوسة بين 1981 و1988، ثم شغل العديد من المناصب داخل الجامعة مثل رئيس قسم العلوم الأساسية بين 1982 و1989، وأستاذ المستشفيات الجامعية منذ 1987، فضلاً عن توليه رئاسة خدمة الاختبارات الوظيفية في مستشفى فرحات حشاد في سوسة بين 1990 و1999.

وفي عام 1992، تم تكليف الزبيدي ببعثات الخبراء في مجال التطبيقات الطبية النووية لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قبل أن يدير كلية علم وظائف الأعضاء والاختبارات الوظيفية بين 1994 و1997، والتي تتبع وزارة الصحة العمومية وجامعة الوسط بين 1995 و1999، ثم شغل وظيفة عميد كلية الطب بسوسة بين 2005 و2008.

وكلّف الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي، الزبيدي في عام 1999 بوظيفة وزير دولة لدى الوزير الأول مكلف بالبحث العلمي والتكنولوجيا، ثم عيّنه وزيراً للصحة في عام 2001.

وبعد الإطاحة بالنظام السابق دعاه رئيس الحكومة في 27 يناير 2011 ليتولى الإشراف على حقيبة الدفاع خلفاً لرضا قريرة، ليبقى الزبيدي في المنصب بحكومة الباجي قائد السبسي، ثمّ في حكومة حمادي الجبالي وذلك حتى 13 مارس 2013، عندما استقال بسبب خلافات مع رئيس الجمهورية آنذاك منصف المرزوقي.

وفي 12 سبتمبر 2017، عينه رئيس الحكومة يوسف الشاهد مرة أخرى في منصب وزير الدفاع الوطني في حكومته، باقتراح من الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي الذي كان وراء إقناعه بقبول المنصب، لاسيّما أنّ تعيين وزير الدفاع من مهام رئيس الجمهورية، وفق ما ينص عليه دستور 2014.

السياسي الزاهد

ويعتبر الزبيدي من الشخصيات غير المتحزبة التي مارست العمل الحكومي من باب الكفاءة العملية، كما يصفه المقربون منه بالزاهد في السلطة والمثقل بكثير من الألم في حياته الخاصة نتيجة وفاة نجله الوحيد قبل سنوات. وعندما تولى وزارة الدفاع للمرة الثانية في العام 2017، رفض الزبيدي تسلم أي أجر إضافي على معاشه التقاعدي، وقرر أن يواصل الإقامة في منزله الشخصي، وتنازل عن امتيازات الوزارة.

ويشيرون المراقبون إلى أن ترشحه للرئاسية لم يكن برغبة شخصية منه، وإنما تنفيذاً لوصية الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي الذي لازمه في أيامه الأخيرة وخاصة بالمستشفى العسكري، حيث طلب منه أن يتحمل المسؤولية، وأن يخوض غمار المنافسة على كرسي الرئاسة ليضمن استقرار البلاد وسيادتها.

تعهدات

تعهّد الزبيدي بفتح ملف الجهاز السري لحركة النهضة الإخوانية فور فوزه، وكشف حقيقة الاغتيالات السياسية التي ضربت البلاد في العام 2013. وقدم الزبيدي جملة من التعهدات، مشيراً إلى أنه سينفذها فور وصوله لقصر قرطاج في الانتخابات المقرر تنظيمها 15 سبتمبر المقبل.

وأضاف الزبيدي إلى تعهداته للرئاسة بتقديم مشروع استفتاء لتعديل الدستور والمنظومة السياسية والانتخابية، ومراجعه الموازنة بين احترام الديمقراطية والحريات، وضمان وحدة مؤسسات الدولة وفاعليتها في أجل زمني أقصاه 25 يوليو 2020.

كما تعهد أيضاً بإعادة فتح سفارة تونس بدمشق بكامل طاقمها في أجل زمني لا يتجاوز 20 مارس 2020، مرجعاً في ذلك المصالح العليا للدولة التونسية والشعبين التونسي والسوري الشقيقين. وشدد على أنه سيعمل أيضاً على استعادة الأمن الاجتماعي، ومقاومة كل مظاهر الفوضى والجريمة ومكافحة الإرهاب بالتنسيق الوثيق مع القوات الحاملة للسلاح والأجهزة الأمنية والعسكرية والقضائية.

ويرى المراقبون أن حظوظ الزبيدي كبيرة للغاية في بلوغ الدور الثاني من انتخابات الرئاسة، نظراً لما يمثله للتونسيين من رمزية سيادة الدولة الوطنية وحداثة المجتمع، وعدم التورط في الفساد، وعدم ارتباطه بالصراعات الحزبية التي ميزت المشهد السياسي في البلاد مؤخّراً، فضلاً عن كفاءته العلمية واكتسابه علاقاته دولية متوازنة.

البيان