تتجه أنظار العالم بعد 430 يوما إلى أرض الإمارات لمتابعة الحدث العالمي الأهم إكسبو 2020 دبي والاطلاع على تجربة دبي الملهمة في تحويل الصحراء إلى واحة خضراء ومدينة مستدامة تنبض بالحياة تعكس تناغم العمران الحديث مع الإبداع الإنساني على مدى 6 شهور.

وتتطلع دول العالم خلال هذا الحدث الاستثنائي لتواصل عقول مفكريها وصنع مستقبل أبنائها تحت مظلة إكسبو 2020 دبي المنصة الحضارية التي تجمع دول العالم لمدة 173 يوما تحت سقف واحد تعرض خلاله ثقافتها وتراثها وتاريخها أمام أكثر من 25 مليون زائر متوقع لإكسبو2020 دبي من مختلف الجنسيات لصناعة مستقبل العالم.

وفي ظل تسابق الدول للإعلان عن تصاميم أجنحتها المتفردة التي تحاكي بطرازها المعماري المستقبل والماضي والطبيعة وتعكس حضارتها وتراثها تعمل دبي على تحويل موقع الحدث إلى لوحة فنية ألوانها الماء والخضرة تتزين بالأبنية ذات التصاميم الفريدة الممتدة على مساحة 4.38 كيلو متر مربع.

ونجحت دبي بوعي كبير في تحويل تحدي الصحراء إلى واحة غنّاء تضم ماء وخضرة باستخدام أقل قدر ممكن من المياه المستخدمة في البناء وري المزروعات والحفاظ على هذا المورد الحيوي بحيث يتناغم العمران الحديث المبدع الذي سيكون مسرحا لإبداع إنساني ثقافي علمي تجاري على مدى شهور ستة تعقبها فترة إرث ممتد على مستوى العمران والحضارة والثقافة.

وفي معظم دورات معارض إكسبو العالمية السابقة تظهر ملامح الخضرة والنباتات بين الأجنحة والساحات واضحة للعيان فالطبيعة – في البلدان التي استضافت الحدث العالمي من قبل – ساعدت على نمو النباتات من دون بذل مجهود كبير.. وأمام هذا التحدي بدأ التفكير مبكرا لإخراج هذا الحدث في أبهى صورة بالتعاون مع بلدية دبي لجعل إكسبو أخضر مستدام مع ترشيد استهلاك المياه.

ويطبق إكسبو 2020 دبي نهجا للتقليل من استهلاك المياه خلال عدة محاور منها معالجة جميع أنظمة استهلاك المياه وإعادة استخدام مصادر المياه المختلفة مثل المياه العادمة ومياه تكييف الهواء وإدارة تصريف المياه الجوفية وتدفقات المياه السطحية الموسمية.

وفي موقع الحدث تتوفر مساحات واسعة مخصصة للاحتفالات التي تقام في الهواء الطلق والتي تزينها النباتات وتعتمد على تقنيات الري بالتنقيط بما في ذلك حديقة الفرسان التي تتسع لما يقارب 2500 شخص وحديقة اليوبيل التي تتسع لـ15 ألف شخص.

وقال المهندس أحمد الخطيب الرئيس التنفيذي للتطوير والتسليم العقاري في تصريح لوكالة أنباء الإمارات “وام”: “ليست فقط المباني وتصاميم الأجنحة الداخلية والخارجية في إكسبو 2020 دبي التي ستثير إعجاب الزوار بل هناك ممرات ونوافير وحدائق فضلا عن قبة الوصل التي تتحول إلى شاشة عرض عملاقة والكثير من الفعاليات التي ستبهر زوار الحدث من حول العالم.

وأضاف “سيندهش الزوار من قدرة الإنسان على تحقيق الإنجازات الحضارية وتحويل الكثبان الرملية لمدينة متكاملة ومستدامة تنبض بالحياة.” ونوه الخطيب إلى أن إكسبو 2020 دبي خصص أرضا تمتد على مساحة 220.000 متر مربع في موقع الحدث لتكون مشتلا لتنمية النباتات والأشجار بالتعاون مع بلدية دبي بهدف التأقلم على جو الموقع قبل غرسها في مواقع متعددة في أرض إكسبو 2020 دبي إذ ينمي المشتل 12.157 شجرة من ضمنها نخيل وأكثر من 256.000 شجيرة وآلاف النباتات المزهرة وأيضا الأعشاب.

وأضاف “الأنواع المختارة من النباتات إما محلية أو متكيفة مع المنطقة، مما يعني أنها قادرة على العيش في مناخ دبي. وسيتم تنسيق الأنواع المختلفة من النباتات والأشجار في إكسبو 2020 بطريقة مبتكرة غنية وجذابة ومتناغمة، وسيستمتع الزوار بالمناظر الطبيعية الخلابة”.

وأشار الخطيب إلى أن إكسبو 2020 دبي اعتمد آليات صديقة للبيئة في مراحل تصميم المشتل وبنائه إذ تم تثبيت الإضاءة الشمسية على طول الطرق الرئيسية حيث يعتمد فريق المشتل بشكل حصري على الأسمدة العضوية ويُعاد تدوير جميع نفايات المشتل لتصير سمادا. وتُستخدم مياه الصرف الصحي المعالجة التي توفرها بلدية دبي لتلبية غالبية احتياجات الري فضلا عن تكلفتها المنخفضة واحتوائها على مواد مغذية إضافية تعزز نمو نباتات أكثر نضجا.

“يقتصر استخدام مياه الشرب على تنمية البذور خلال مراحل النمو الأولى من خلال اختيار أنواع النباتات المحلية أو المعدلة سيقلل إكسبو 2020 من كمية المياه اللازمة للري”.

ومن جانبه شرح المهندس طالب عبد الكريم جلفار المدير التنفيذي لقطاع خدمات البنية التحتية ببلدية دبي تفاصيل التعاون الكبير بين بلدية دبي وفريق إكسبو 2020 التي تشمل العديد من المجالات وخاصة في مجال تنفيذ مشاريع البينية التحتية اللازمة ومنها التجميل الزراعي.

وقال: “تضطلع بلدية دبي بتنفيذ مشاريع الري والزراعة في منطقة الحدث والطرق والتقاطعات الرئيسية المؤدية له”.

وأضاف جلفار في تصريح لوكالة أنباء الإمارات “وام” أنه منذ فوز دولة الإمارات بحق استضافة أول إكسبو في المنطقة وضعت بلدية دبي خططا استراتيجية واستثنائية للمشاركة في استضافته وخاصة في توفير بنية تحتية ضخمة تستوعب العدد الكبير للزوار المتوقع حضورهم لموقع الحدث.

وقدر جلفار تكلفة مشاريع الري والتجميل الزراعي في موقع إكسبو2020 دبي بأكثر من 277 مليون درهم تمتد على مساحة 3.57 كيلومتر مربع والمخطط استكمالها قبل الإطلاق الرسمي للمعرض في أكتوبر 2020.. مشيرا إلى أن بلدية دبي بالتعاون مع فريق إكسبو توفر النباتات اللازمة داخل موقع المعرض بناء على الخطة المحددة وحتى الآن سلّمت البلدية 863117 نبتة لزراعتها في موقع إكسبو 2020 دبي بقيمة إجمالية تزيد على 22.5 مليون درهم.

ونوّه جلفار إلى الأهمية الكبيرة للأشجار في البيئة المحيطة بمعرض إكسبو 2020 الذي يضم مواقع ومساحات لتنظيم فعاليات في الهواء الطلق فلا يقتصر دورها على إضفاء جمالية للمنظر بل يتعدى دورها لتساعد على تلطيف الجو حيث تعد أوفر الطرق اقتصاديا لخفض درجات الحرارة المحيطة بالمدينة وتقليل التلوث في الجو وذلك بامتصاصها لثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي وتخزينه في أخشابها في عملية تُسمى “حبس الكربون” الذي يسهم في تلطيف المناخ حيث أكدت العديد من الدراسات والمراجع البيئية أن كل متر مربع من الأجزاء الخضراء للأشجار تمتص 5 كيلو جرامات من الكربون وتخزنها.

واعتبر المهندس طالب عبد الكريم جلفار المشروع إضافة للمنظور الجمالي إذ تلعب الأشجار المزروعة كأحزمة خضراء دورا كبيرا في الحد من زحف الرمال وإثارة الأتربة والمحافظة على التربة من الانجراف مع زراعة الأشجار في الطرق الرئيسية المؤدية لمعرض إكسبو والذي يطلق عليه “مشروع حزام الأشجار”.

وأشار جلفار إلى دور البلدية في تطبيق استراتيجية دبي المتكاملة للمحافظة على الموارد المائية 2030″ من خلال تطبيق تقنية التنقيط والرذاذ في مشاريع الري عوضا عن طرق الري التقليدية واستخدام التربة الزراعية الملائمة التي تساعد في الحفاظ على المياه وتقليل التبخر وخاصة خلال الصيف عملا على خفض استهلاك المياه حيث تعتمد بلدية دبي في تنفيذ مشاريع الري والزراعة في المنطقة على أحدث التقنيات التي تهدف إلى المحافظة على الموارد المائية.

ولفت المهندس طالب جلفار إلى عمل البلدية حاليا على تنفيذ عدد من المشاريع الاستراتيجية لتلبية الاحتياجات المستقبلية لإمارة دبي استعدادا لاستضافة إكسبو 2020 وأهمها مشروع النفق العميق لتصريف مياه الأمطار والمقرر الانتهاء منه قبل استضافة دبي للمعرض والذي يعد النفق الأول من نوعه في تصريف مياه الأمطار والمياه الجوفية السطحية من خلال تجميعها وتصريفها للبحر ويعمل بطاقة استيعابية تصل إلى 6600 طن متري في الدقيقة إذ يخدم النفق مناطق واسعة من الإمارة لتشمل منطقة مطار آل مكتوم ومنطقة إكسبو 2020.

وكانت إدارة إكسبو 2020 دبي تسلمت شهادات إنجاز من بلدية دبي تؤكد الانتهاء من الأبنية الخاصة بثلاث مناطق داخل المعرض هي منطقة الفرص ومنطقة التنقل ومنطقة الاستدامة. وتضم هذه المناطق الثلاث 86 مبنى متعدد الاستخدامات تتوزع على ثلاث مناطق متصلة بساحة الوصل ذات القبة الذهبية وتحيط بالقبة خمسة مبانٍ رئيسية أخرى متعددة الاستخدامات.

وتمثل المياه موردا طبيعيا نادرا في الدولة حيث يتم الحصول على حوالي 42 في المئة من مياه الشرب في البلاد من تحلية المياه.

وتماشيا مع استراتيجية الإمارات للأمن المائي 2036- وضع إكسبو 2020 استراتيجيته المائية الخاصة مع التركيز على تقليل الطلب على أنظمة المياه الصالحة للشرب من خلال تطبيق التسلسل الهرمي للاستخدام لتحقيق الكفاءة وتليها استبدال المياه الصالحة للشرب بإمدادات المياه غير الصالحة للشرب للتنظيف والري.

ويتعاون فريق “إكسبو لايف” – برنامج الابتكار والشراكة الدولي من إكسبو 2020 دبي – مع شركة ديزرت كونترول لاختبار الطين النانوي السائل في حديقة الابتكار لدى إكسبو 2020 دبي حيث حُقنت التربة في بعض الأحواض التي تضم نباتات متنوعة بالطين المصنّع بينما تُركت أحواض أخرى تضم نفس النباتات من دون حقن وستخضع عملية نمو النباتات في حديقة الابتكار للمراقبة عملا على دراسة تطبيق هذه التقنية على مشتل إكسبو 2020 دبي وحدائقه.

وام