تشكل شبكات التواصل الاجتماعي بأطيافها المتنوعة جزءاً نابضاً في حياتنا العصرية، لكنها قد تمثل مصدر إزعاج وإيذاء للبعض، نتيجة عدم توافر الوعي الكافي باستخدامها، على الرغم من مرور نحو 15 عاماً على ظهورها للمرة الأولى.
وسرعان ما قامت الحكومات في شتى أنحاء العالم، بسن التشريعات والقوانين التي تكفل تحقيق التوازن بين حرية الفرد في استخدام هذه الشبكات، وحماية المجتمع وأفراده، والإبقاء على خصوصيتهم وكرامتهم مصونة في مواجهة أي انتهاكات غير مسؤولة.
وفي استقراء للقوانين واللوائح والسياسات العامة لقطاع الاتصالات في دولة الإمارات، أكدت الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات لـ«الاتحاد»، حرية الفرد في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، مشددة على وجود عدد من المحاذير التي تعرض مخترقيها للخطر أو المساءلة القانونية.
وأكدت ضرورة احترم جميع الأديان والمعتقدات، وعدم قيام مستخدم مواقع التواصل الاجتماعي باستعمال لغة عنصرية تميز بين الأشخاص على أساس جنسياتهم أو أعراقهم أو ألوانهم، مضيفة: «احترم الآخرين على وسائل التواصل الاجتماعي، وشارك برأيك بطريقة محترمة دون إهانة أحد، وضع في اعتبارك دائماً حقوق الملكية الفكرية عند نسخ أي محتوى».
ولحماية مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي من الخطر، نصحت الهيئة العامة لتنظيم الاتصالات بعدم نشر صور تتعلق بمكان عملك، خاصة الأماكن الحساسة، مثل مركز البيانات أو غرفة الأرشيف، وعدم نشر معلومات سرية متعلقة بالعمل، إلا إذا كان الفرد مخولاً بذلك.
وفي إطار حماية خصوصية الآخرين وبقائها مصونة، قالت الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات: «لا تنشر صور أصدقائك دون إذن منهم، ولا تلتقط صوراً للأطفال في الأماكن العامة، فقد يبلغ ذووهم الشرطة».

تطور هائل
وأكد محمد الفقي، محاضر وخبير الإعلام الرقمي في كلية الدار الجامعية، أنه في ظل التحولات المتسارعة الناجمة عن التوسع الهائل بمواقع التواصل الاجتماعي ومع مرور الأيام، ونظراً للتداعيات التي أحدثها هذه الشبكات، تتعاظم أهمية تمتع المستخدم بالوعي الكافي بالحدود الفاصلة بين حريته الشخصية وحقوق المجتمع والآخرين.
وقال إن مليارات الأشخاص، بمختلف الإعمار والجنسيات، يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي بشكل يومي، ولا يستطيع معظمهم الاستغناء عنها، باعتبارها الوسيلة العصرية الأهم للتواصل ونشر الرأي ومتابعة الأحداث.
وأضاف أن الغالبية العظمى من شبكات التواصل الاجتماعي، كما يعرف الجميع، مجانية ومتاحة للجميع ممن يتصلون بالإنترنت ولديهم الجهاز الداعم، حيث يمكنهم الوصول إلى أي فرد على مستوى العالم من دون قيود أو عوائق تمنعهم.
وأوضح أنه مع الانتشار غير المسبوق لشبكات التواصل الاجتماعي برزت إشكالية عدم دراية شريحة كبيرة من رواد تلك المواقع بقواعد وقوانين الاستخدام، سواء التي يحددها الموقع نفسه، أو الدولة التي يقطنون بها، حيث إن انتهاك تلك القوانين يعرض المستخدم إلى المسائلة القانونية.
وقال إن المشكلة ليست في الشخص المستخدم، بل في المواقع نفسها، حيث إنها لا تقوم بإبراز محاذير الاستخدام على صفحاتها بشكل متكرر بما يضمن تعريف المستخدم العادي بها، حيث يتعين على المستخدم البحث عن سياسات الاستخدام والقوانين السارية بنفسه، للاطلاع عليها، وهي مهمة لا يقوم بها إلا القليل من المستخدمين.
وأضاف: «ربما تتجنب تلك المواقع إبراز محاذير الاستخدام وتكرارها على شاشات الاستخدام، لبقاء هذه المواقع جذابة وقادرة على استقطاب المزيد، وحتى لا يشعر المستخدم بالقلق علي بياناته».
وأفاد الفقي، بأنه يتوجب على رواد ومستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي معرفة خطورة التعرض لخصوصية الآخرين، حيث لا يجب أن يحاول المستخدم بأي وجه من الوجوه تخمين كلمة المرور، أو محاولة الدخول إلى حساب يملكه غيرك، لأن ذلك يعتبر محاولة اختراق يعاقب عليها القانون.
وبين أنه لا يجب على مستخدم هذه المواقع التطفل على من لا تعرفة معرفة شخصية، سواء كان رجلاً أو امرأة، لأن ذلك يعتبر تعدياً على الخصوصية ويعاقب عليه القانون إذا لجأ المتضرر إلى الشرطة.

خصوصية مصونة
من جانبه، أكد المحامي فيصل عباس الشافعي، المستشار القانوني بمكتب كنعان للمحاماة والاستشارات القانونية، أن النصوص القانونية في دولة الإمارات العربية تصون حرمة الحياة الخاصة وتجرم المساس بها.
وقال إن قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 5 لسنة 2012 جاء مواكباً للتطورات التكنولوجية والطفرة الحاصلة في شبكات التواصل الاجتماعي، حيث نص القانون على حرمة خصوصية الأفراد، وحظر التقاط صور أو مقاطع فيديو للغير ومشاركتها من دون إذن مسبق.
وأكد أهمية أن يتمتع مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي بالوعي الكافي بأصول ومحاذير استخدام هذه الشبكات، واحترام والآخرين وعدم إهانتهم أو التعرض لخصوصيتهم، حيث يتوجب على المستخدم اتخاذ الحيطة والحذر للتفرقة بين ما هو مندرج تحت خصوصية الغير، وما هو مسموح للعامة بالتعرض له تصويراً أو تسجيلاً.

الاتحاد