مع موسم العودة للمدارس، تتصدر هواجس الصحة وهموم التغذية السليمة اهتمامات الآباء وأولياء أمور الطلاب، ويؤكد خبراء واختصاصيو التغذية على أهمية اصطحاب الطفل عبوة الطعام المدرسي، أو ما يعرف بـ«لانش بوكس»، بوصفها الزاد والوقود للذهن والبدن طوال اليوم الدراسي، مشيرين إلى أن إعدادها وتنويعها بالأطعمة المثالية تعد اللبنة الأساسية لبنية جسدية قوية ونفسية سليمة وإيجابية وعقلية متفتحة وذهنية ناضحة، واعتبروا في إفادات ونصائح خاصة لـ«الاتحاد» أن كلمة السرّ في النجاح العلمي والتحصيل الدراسي، تكمن في محتويات الطعام داخل «عبوة الوجبة الخفيفة» بوصفها حقيبة الصحة والسلامة والأمان الغذائي، وقدموا صورة كاملة عن العناصر الغذائية التي تعزز نشاط وحيوية وصحة الطفل خلال الحصص الدراسية، ونصائح لنظام صحي مدرسي للأبناء طوال العام، كما حذروا من بعض الأطعمة التي يمنع زجها في حقيبة الطعام، نظراً لارتباطها بالخمول والكسل وضعف التركيز والاستيعاب، وأطعمة أخرى تهدد سلامتهم وتسبب منغصات عسر الهضم والمغص، وتؤدي إلى أمراض السمنة.
عناصر غذائية
عائشة اليحيائي، اختصاصية التغذية من إدارة التغذية المجتمعية – مستشفى توام – شركة صحة أبوظبي، قالت: إن الوجبة المدرسية الصحية يجب أن تحتوي للطالب المدرسي على جميع العناصر الغذائية المتوفرة من المجموعات الأساسية، وهي الكربوهيدرات الكاملة الصحية والبروتينات والخضراوات والفواكه والألبان والدهون الصحية، مشددة على ضرورة أن تحتوي الوجبة على الأقل نوعاً واحداً من كل مجموعة من المجموعات الغذائية، مع مراعاة التنويع في كل مجموعة لتزود الطالب بالطاقة الحرارية والفيتامينات والمعادن اللازمة، ومثال على ذلك «خبز كامل النخالة وجبن أبيض، خيار وموز ومكسرات وحليب وعلبة مياه طبيعية».
وهناك أطعمة تساهم في تعزيز طاقة الطفل وتضاعف من تركيزه أثناء الدراسة، وفق عائشة، مثل زبدة الفول السوداني وزبدة الفستق لأنهما تحتويان على الدهون غير المشبعة التي تعزز المهارات اللا إدراكية والنمو العقلي للطالب، وبينما المكسرات تحتوي على الحمض الدهني أوميجا 3، بالإضافة إلى منتجات الألبان الغنية بأحماض أمينية هامة تساعد على تقوية الذاكرة، وهناك الفواكه والخضراوات المحتوية على مضادات الأكسدة، ولا ننسى تناول كميات كافية من الماء، خلال اليوم، الذي يساعد على التركيز.
وقالت: هناك أطعمة غير صحية تعطي الشعور بالخمول والكسل والرتابة والرغبة في النوم وتعمل على قلة التركيز أثناء التحصيل الدراسي، مثل الأطعمة الغنية بالدهون المشبعة والمهدرجة، خاصة الأغذية المقلية، كالبطاطس والدجاج المقلي و«الدونات»، وكذلك الجبن الأصفر والأطعمة المصنعة الغنية بالسكريات والمشروبات الغازية والعصائر السكرية.
إفطار مثالي
وأكد الدكتور أسامة اللالا، اختصاصي الأنشطة الصحية والبدنية، أهمية تنبه الآباء والأهالي إلى أن الطعام المدرسي الذي يتم وضعه في «اللانش بوكس» ليس بديلاً عن وجبة الإفطار المنزلي، وتكون وجبة غنية بالبروتين والكربوهيدرات، مثل الخبز الأسمر والشوفان والكورن فليكس المدعم والغني بالألياف والمكسرات والفواكه المجففة مع كوب حليب، أو بيضة مسلوقة مع توست أسمر، يعتبر أفضل وجبات الإفطار للطفل مع بعض الخضراوات، ويمكن التنويع بخيارات الأجبان البيضاء غير المالحة.
واعتبر أن الجبنة الصفراء السائلة والشوكولاتة النوتيلا والحلويات من أسوأ الوجبات الصباحية، ويمكن استبدالها بالموز والتفاح والجوز واللوز التي تنشط الدماغ وتساعد الطفل على البقاء في حالة استيعاب وتيقظ ذهني جيد. وتابع: يجب احتواء الطعام المدرسي على الفواكه والماء والخضار غير قابلة للتلف، مثل الخيار والجزر والطماطم غير المقطعة والمشمش المجفف والمكسرات والكاجو، ويمكن السندويتشات بالجبنة واللبنة، ويفضل مراعاة التنويع.
وحذر من العصائر مهما كانت أنواعها، بوصفها أسوأ ما يمكن حمله في «اللانش بوكس»، حيث يؤثر سلبياً على التحصيل الدراسي، فهو غني جداً بالسكر الذي يؤدي إلى تذبذب مستويات السكر في الدم، واستبداله بالحليب بالنكهات، مع التركيز على شرب كميات كبيرة بالمياه بما لا يقل عن نصف لتر إلى لتر كامل. ولا بد من الابتعاد عن الحلويات بكافة أصنافها، وضرورة التأكد بعد عودة الأطفال من تناول الطفل كامل الطعام، من أجل إعداد أطعمة صحية تتوافق مع شهيته ورغباته.
ووصف عابد السنهوري، سوداني، المدرس في إحدى المدارس الخاصة، حقيبة الطعام المدرسي بأنها زاد الطفل المثالي الذي يلهيه عن مغريات الأطعمة السيئة في المقاصف المدرسية، مثل: المشروبات السكرية، والحلويات، والشيكولاتة بأنواعها والسندويتشات الغنية بالدهون، والكوليسترول، والسعرات الحرارية العالية، والتي تسبب السمنة والخمول، منوهاً إلى أهمية توعية الطفل بأهمية اصطحابه عبوة تحوي طعاماً صحياً متنوعاً يساعده على الشعور بالحيوية والنشاط، ويمنحه مزاجاً جيداً وذهناً متفتحاً طوال اليوم الدراسي.
نصائح
* إشراك الطالب في إعداد وجبات صحية بالمنزل.
* التشجيع على الإكثار من تناول الخضراوات والفواكه الطازجة.
* الاهتمام بأطعمة الحبوب الكاملة، بدلاً من الخالية من الألياف الغذائية.
* تناول 3 حصص من الحليب أو مشتقاته «كامل أو قليل الدسم».
* شرب الماء.
* استخدام «الطبق الغذائي الصحي» وسيلة مساعدة لاختيارات صحية.
ثقافة غذائية
ترى أم خديجة البلوشي، مواطنة، أن محتويات علبة «لانش بوكس» بمثابة وقود صباحي لذهن الطفل، وهي المصدر الأساسي الذي يحدد عاداته الغذائية على المستوى البعيد، ويجب على كل أم أن تتمتع بثقافة غذائية صحية لتضمن لطفلها حياة مدرسية صحية خالية من منغصات قد تؤثر على سلامته أو نشاطه البدني والذهني، لافتة إلى عدم تخللها بعض الأطعمة التي تسبب اكتساب الوزن وأمراض السمنة، إلى جانب أن السكريات والحلويات تبعث على الخمول والكسل أثناء الحصص الدراسية.
وتدرك أم لبيب عمراني، جزائرية، أن الطريق للنجاح الدراسي يبدأ من غذاء الطفل، معتبرةً أن محتويات علبة الطعام المدرسي هي المفتاح السحري لوعي ناضج وذهن متيقظ ومدارك متفتحة، فما يستقر في المعدة الفارغة يؤثر على التحصيل والنشاط والطاقة طوال اليوم، ليس في فترة الدراسة وحسب، بل أيضاً على المدى البعيد، حيث أثبتت دراسات طبية بحسبها، أن التغذية السليمة للطفل في سنوات النشء تساهم بشكل كبير في تنمية مستويات الاستيعاب والذكاء، وترفع مستويات التفكير الإيجابي، وتعزز درجات الإبداع، وتضاعف قدراتهم في تطوير الذات.
الاتحاد