ميساء راشد غدير

العاقل لا يدير بالاً للجاهل بأي حال من الأحوال، بل إن المطلوب منه استيعاب جهل الجاهل والتغاضي عن أخطائه، ولكن عندما تقوم قناة إخبارية مثل الجزيرة بتعمد الجهل والتنكر لكل الأعراف المهنية ونشر الأخبار الكاذبة عن الإمارات، لا سيما في أهم القضايا التي تدعمها الإمارات كالقضية الفلسطينية، فإن ذلك لا يتطلب منا التجاهل، لأن الأمر يفسر لنا إصرار الإعلام القطري على تجاوزاته المتعددة وفي فترات متقاربة، مستهدفاً الإمارات وفق خطة للمساس بأمنها وسمعتها، لأسباب لا يمكن أن يجهلها أي منا، وأهمها أن الإمارات تقف على الجانب الآخر من الآراء والأفكار السياسية التي تدعمها قطر، وهو موقف الخليج بأكمله.
ردود أفعال الإمارات، الشعبية والصحافية، تجاه ما نشرته الجزيرة طبيعية ومطلوبة، لأنها ليست المرة الأولى التي يتطاول فيها الإعلام القطري على الإمارات بمباركة سياسية، ويفترض أن يتم تصعيد الأمر على المستوى الرسمي، لأن فيه نقضاً صريحاً لوثيقة الرياض التي لم تلتزم بها قطر، وهذا الموقف ينبغي أن تتبناه دول الخليج جميعها، لأن ما تتعرض له الإمارات اليوم من حملة موجهة من دولة شقيقة، لم تحترم أي مواثيق، يمهد لوقوع دول أخرى تحت تأثير حملات وهجمات مغرضة، تذكي الصراعات بين أبناء منطقة واحدة لم تعرف الخلافات إليهم طريقاً بسبب الإعلام، لكن للأسف هذا ما مهدت له قطر، وما اتخذته غطاء لتحقيق أجنداتها بكل أسف.
الإعلام الخليجي اليوم، ولا سيما القطري، أصبح يذكي الخلافات ويضخم المواقف ويزيد الأمور سوءاً، وأقرب مثال على ذلك الموقف الأخير الذي تبنته إحدى الصحف القطرية، عندما تسرعت في إشارتها حول موقوفين قطريين في الإمارات، وانتهاء بكذبة اجتماع وزير خارجية الإمارات مع إسرائيل للتخلص من حركة المقاومة (حماس).
هذا التطاول الإعلامي أمر لا يفترض القبول به ولو من باب الإعراض عن الجاهلين، فالجهات الرسمية ملزمة بالرد على مثل هذه المزاعم وتفنيدها، ودول مجلس التعاون ملزمة بالرد أيضاً واستنكار هذه المواقف الإعلامية غير الرسمية من قطر، فدور الإعلام نقل الصورة الصحيحة إلى المتلقي دون تهويل أو مبالغة، وعدم التركيز على نقاط الخلاف والاختلاف، بل على البناء لا الهدم، لكن ما يقوم به الإعلام القطري ليس إلا هدماً وتشويهاً ونيلاً من سمعة دولة، والصمت عنه سيحيل الدور غداً على دول أخرى، الأمر الذي لا يرضينا كشعوب حرصنا على علاقات اجتماعية قبل علاقات سياسية نرى غيرنا غير حريص عليها، بل يهدمونها في وقت أحوج ما نكون فيه إلى تكاتفنا واتحادنا وتعاوننا!
– البيان