علي العمودي

الأصداء الواسعة التي حظي بها اختيار شيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب لشخصية العام الثقافية من قبل جائزة “الشيخ زايد للكتاب” في دورتها السابعة، تعكس المكانة الرفيعة للجائزة رغم حداثة عمرها في المشهد الثقافي العربي والعالمي، وتثمين المعايير العلمية الصارمة التي تقوم عليه اختياراتها، في تقدير أصحاب الإسهامات في ميادين الفكر والثقافة والإبداع، وذوي الإنجازات المضيئة في عوالم البحث والاجتهاد، لما فيه خير ومصلحة الإنسانية والإنسان أينما كان.
لقد جاء اختيار الدكتور أحمد الطيب لأرفع فرع من فروع الجائزة الرفيعة، تقديراً لإسهاماته المتميزة والمعروفة، ودوره الريادي في إثراء الفقه والشريعة الإسلامية والترجمة التي امتلك منها ناصيتي اللغتين الإنجليزية والفرنسية، وتوظيف هذا الجهد الفكري لنشر وتعزيز رسالة الإسلام، وجوهره الذي يقوم على الوسطية والاعتدال، والحرص على نشر ثقافة الحوار والتسامح، بعيدا عن الغلو والتطرف.
ويعد الاختيار امتداداً لتقدير رسالة تنهض بها مؤسسة الأزهر الشريف، ودورها كمرجعية في العالم الإسلامي، في إبراز منهج الإسلام المعتدل وتعاليمه السمحة. والذي يحظى بتقدير خاص في دولة الإمارات، عبر عنه الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، عند لقاء سموه في شهر رمضان الماضي كوكبة من العلماء ضيوف صاحب السمو رئيس الدولة حفظه الله، بتأكيده أن الإمارات “تدعو دائما إلى أهمية إبراز منهج الإسلام المعتدل وتعاليمه السمحة، وتقدر دور علماء الدين وأهل الفكر في الأمة، لنشر قيم التسامح والألفة والاعتدال بين الناس، والتي تعتبر جوهر سمات التعايش الذي يعيشه الجميع في دولة الإمارات”.
كما تجلى دعم الإمارات المتواصل لرسالة الأزهر الشريف في توقيع مذكرة تفاهم العام الماضي بينه وبين وزارة شؤون الرئاسة، لتمويل المشروعات والبرامج التي ينفذها الأزهر ودعمها بتكلفة إجمالية تبلغ 155 مليون درهم، خصصت لبناء مكتبة رقمية ودور سكنية للطلاب الدارسين، وتعزيز البرامج التي يقوم الأزهر بتنفيذها في شتى بقاع العالم، وهو دور ملموس ومحسوس، أضفى عليه الدكتور الطيب الكثير بما عرف عنه من خبرة وحكمة وثقافة واسعة. أراد البعض ممن لا يرون أبعد من أنوفهم، تأويل وتحوير اختيار الإمام الطيب للجائزة، وتناسوا أنهم يتحدثون عن جائزة تحمل أغلى اسم في قلوبنا، لها معاييرها الدقيقة في الاختيار .
وأنها لجائزة من بلاد زايد الخير، الذي لا أحد يستطيع أن يزايد على مواقفه – رحمه الله- ومواقف خلفه وبلاده، عندما يتعلق الأمر بالعلاقات التاريخية بين الشعبين الشقيقين في الإمارات ومصر، وغيرها من البلدان العربية والإسلامية والصديقة.
اختيار الدكتور الطيب، تقدير لكل إسهام يُعنى بنشر قيم الإسلام الحقيقية والوسطية والاعتدال وثقافة التسامح والحوار، ويتعاظم دورها للوقوف في وجه تيارات الظلاميين والمتأسلمين، ممن نصبوا أنفسهم “ وكلاء” وأوصياء على الدين، يُقصُون ويكفرون ويهدرون دم كل من يختلف معهم في رأي أو موقف، وذهبوا بعيدا في مخططاتهم لتقويض أمن واستقرار المجتمعات. وسيظل الأزهر ورسالته ورموزه من أمثال شخصية العام الثقافية الإمام الدكتور أحمد الطيب محل تقدير واعتزاز شرفاء هذه الأمة.

– الاتحاد