ميساء راشد غدير

من الأحكام التي أصدرتها المحكمة الاتحادية العليا أمس الأول، في قضية التنظيم السري المتهم، إغلاق عدد من المراكز، وهي مركز العقل الذكي، مركز الأسرة السعيدة، مركز منارات للاستشارات التربوية بإمارة عجمان، إضافة إلى إغلاق عدد من المواقع الإلكترونية، وهي موقع الإمارات للدراسات والإعلام «إيماسك»، والمواطنون السبعة الإلكترونية، ووطن يغرد خارج السرب، ودعوة الإصلاح الإلكتروني، وشبكة ينابيع التربوية الإلكتروني، الواردة بتقرير الخبير.

إن إصدار هذا الحكم له أهميته، إذ ثبت أنها كانت تستخدم لتحقيق أغراض هذا التنظيم وأنشطته، وهو ما يعني أهمية اليقظة له في المرحلة المقبلة بشكل يفوق أي وقت مضى، ففي السابق، كانت هذه المراكز تقدم دورات تدريبية ومحاضرات وأنشطة وندوات فكرية، وكان لديها أعداد لا يستهان بها من المسجلين، لا سيما النساء والأطفال الذين كانت تنظم لهم أنشطة في الدولة وخارجها، وتتنوع هذه الأنشطة بين ثقافية ورياضية، لا بد وأنها تركت آثارها في المنتسبين إليها، أياً كان هذا الأثر بحسب الأهداف التي تعمل وفقها هذه المراكز.

والأمر نفسه ينطبق على المواقع الإلكترونية التي لم توجد بشكل عشوائي، بل يتأكد لدى متابعها أنها كانت تعمل وفق أجندات خاصة بمؤسسيها خاصة، وقد ساعدت في المرحلة الماضية على الترويج لكثير من الرسائل السلبية التي أوشكت على إحداث فتنة في المجتمع الإماراتي، لأنها كانت تجمع أصحاب مشارب فكرية، وتعمل على نشر توجهات وأفكار واحدة مغايرة للفكر الذي تنتهجه دولة الإمارات، وقد تكون تلك المواقع من الأدوات التي ساعدت في الحقيقة على تعزيز تواصل بعض الأفراد بجماعات من الخارج لها التوجهات والأفكار نفسها.

كيف تنشأ المراكز الفكرية والتدريبية، وعلى أي أساس الترخيص للمواقع الإلكترونية، وكيف يتم اعتماد خططها، وكيف نأمن سلامة مناهج فكر من يقفون خلف ذلك كله؟، هذا ما ينبغي التركيز عليه خلال المرحلة المقبلة، لأن هذا النوع من المراكز والمواقع الإلكترونية والمنتديات، يركز في الغالب على استقطاب الأطفال والشباب، لأنهم ممن يسهل التأثير فيهم أكثر من غيرهم من الراشدين، وهنا تكمن الخطورة إذا ما تم البناء السياسي والفكري بشكل خطأ منذ الصغر، إذ يتعذر علينا تصحيح المسار في الكبر، والأصعب من ذلك غياب التوجيه السياسي والفكري المطلوب للأطفال والشباب في مراكز متخصصة تستوعب سياسة الدولة وتوجهاتها، فلا تحيد عنها، وهو ما ينبغي أن نركز عليه أيضاً.

– البيان