فضيلة المعيني
نعرف المتزوجة والمطلقة، وكذلك الأرملة، لكل منهن حقوق محفوظة، سواء تلك التي تعيش في كنف زوج يرعاها أو التي توفي عنها زوجها، هي أيضاً لها حقوق مصانة، وكذلك من تعرضت لأبغض الحلال وطلقت من زوجها، تتكفل الحكومة بكل احتياجاتها وتأمِّن لها متطلبات العيش الكريم، ولكن ما القول في المعلقة التي تعيش قسوة الهجران من زوج ناكر، تبع زوجة جديدة فنسي الأولى وأولادها تعاني المر كله.
«أم أحمد» معلمة تقاعدت عن العمل لديها 6 أبناء 3 منهم يدرسون في جامعات مختلفة، و2 في المدارس، وطفلة في الروضة، فوجئت قبل 5 سنوات بزوجها يتزوج عليها أخرى عربية، وأدار ظهره للبيت ومَنْ فيه وكأنه لا يعرفهم، تاركاً هذه الأم تواجه الحياة وتربية الأبناء وحدها، تركهم وأخذ معه حبه ورعايته لهم، وكذلك تقاعس عن الإنفاق عليهم، ولم تجد قضية النفقة العالقة بينهما شيئاً، ولم تتمكن قوة السلطات من إلزامه بدفع ما عليه لأبنائه، الذي من المفترض أن يكون طواعية ومن تلقاء نفسه، لا أن يتركهم يدبرون أنفسهم من راتب تقاعد والدتهم التي بلغ بعد الزيادة 10 آلاف درهم.
تقول «أم أحمد» تحمَّلت الكثيرمن أجل أبنائي الذين أسعد برؤيتهم وهم يكبرون ويتركون مقاعد الدرس في المدارس ويلتحقون بالجامعات، ففي نجاحهم مكافأة لي على صبري، ولا نشكو قلة راتب التقاعد، بل يكفينا من خلال تنظيم نفقاتنا وفق دخلنا الشهري، وتمكنت من تأمين سيارة لابني الكبير بأقساط تمويل لا ترهقنا، لكن هناك مشكلة أخرى تواجهني كوني مُعلَّقة.
هذه المشكلة تكمن في سد كل الأبواب في وجهي، ليس لقصور في الدوائر والمؤسسات في دبي التي أنتمي إليها، ولكن لعدم وجود ما يثبت أنه لا معيل لنا، فلا بيت أستطيع الحصول عليه، لأنني لست مطلقة ولا أرملة، ولا أي معاملة أستطيع أن أتقدم بها إلى الجهات المختصة، حتى خادمة لا أستطيع جلبها، وأضطر في كل شيء الاستعانة بوالدتي لتكفل لي خادمة وتسهم براتبها الذي تتقاضاه من «الشؤون» في إعانتي، وهكذا تسير أموري.
أما المشكلة الكبرى في حياة أسرة «أم أحمد»، الآن، هي أنها مطالبة بإخلاء المسكن الذي تسكنه خلال إبريل، لعدم تمكُّنها من سداد قيمة الإيجار، مع إصرار الزوج على رفض مساعدتها، وكذلك رفضه استكمال بناء بيته الذي لم يتبق له شيء، مع يقينها أن البيت لن يكون لها ولأبنائها.
نتساءل، هل من حق الزوج أن يترك أسرته هكذا فقط لأنه أحب امرأة أخرى؟ وهل نهاية العلاقة الزوجية بين الزوجين تعني بالضرورة إنهاء علاقة الأب بأبنائه؟ وهل على المرأة أن تستسلم لتعنت الزوج الذي يتغير فجأة ويترك البيت وكأنه فندق؟ مع العلم أن الفندق يحتاج للدفع قبل المغادرة. أمثال هؤلاء بحاجة لمن يكبح ظلمهم، فلا تطول مدة النظر في قضايا النفقة والحضانة، وأن يكون الدفع رغماً عنه من خلال التنسيق مع جهة عمله، ومنها تستقطع مبلغ النفقة بمعرفة المحكمة، والأراضي والمساكن الحكومية تُسَجل باسم الزوجين، فلا ينفرد الزوج بالتصرف في ملك الحكومة ويحرم منه زوجته الأولى وأبناءهما.
مشكلة «أم أحمد» نضعها بالدرجة الأولى بين يدي مؤسسة محمد بن راشد للإسكان، علها تعيد بعض حقوق هذه الأسرة، وتكون رعايتها أشمل لها من ربها، وقلوب من فيها أكثر رحمة منه، وتحيل البيت المسجَّل باسمه إلى عائلته
– عن البيان