فضيلة المعيني
على الرغم من وجود قنوات فضائية متعددة، تتيح للشركات كبيرة كانت أم صغيرة، عرض منتجاتها بالأسلوب الذي تراه مناسباً ويحقق لها قاعدة جماهيرية من المشترين، إلا أن هناك شركات خاصة تعرض منتجات كهربائية منزلية مثل المكانس، وأجهزة تقول إنها تنقي الهواء في البيت وتعطره، واستخدامات ومزايا أخرى لا ندري إن كانت حقيقية أو لغرض الدعاية وجذب الأنظار ودفع الناس للشراء، تصر على عرض منتجاتها عبر زيارات منزلية يقوم بها مندوبوها، ويستخدمون في سبيل ذلك كل الأساليب؛ من إلحاح غير طبيعي يصل إلى درجة الإزعاج، لعرض ما لديه في زيارة منزلية لا تتعدى الـ15 دقيقة، حسب قولهم.
محظوظ من يتمكن من التخلص منهم، ويقطع الطريق عليهم رافضاً حتى التعرف إلى المنتج، ويغلق الهاتف، والويل لمن سمح لهم بالحديث واستمع إليهم، فهذا وحده يكون كافياً لأن يجعل هؤلاء «يتطفلون» عليه بشكل صارخ، وكلمة «اتفضل» تكون بداية لمعاناة لا تتوقف إن لم يحسم الموقف سريعاً، ويضع حداً لمحاولات فرض شراء المنتج فرضاً، فإن لم يقتنع الشخص بعد عرض يزيد على الساعة بالشراء، وطلب من المندوب إرجاء ذلك إلى حين يعيد ترتيب ميزانيته، ويعد كشف حساب الالتزامات الشهرية، فإنه لا يحترم رغبته، ويبقى جالساً في البيت طالباً منه لقاء مدبره لمدة 15 دقيقة أخرى، ولا يتوقف عن الإلحاح ولا يخرج من البيت إلا بالوعيد والتهديد.
حال هؤلاء هو حال شركات التجميل وغيرها، التي تبدأ اتصالها بكلمة «مبروك.. حصلت على هدية مجانية». عبارة عن زيارة منزلية إلى البيت، لتقديم خدمات تجميل للمرأة، ومحاضرة مملة، تظهرها في النهاية أنها لا تعرف ألف باء التجميل، وإن رغبت أن تبدو جميلة وتتخلص من عيوب «لا وجود لها» ليس أمامها سوى الشراء من عند هذه المندوبة التي لا تخرج إلا وقد بلغت مبيعاتها من البيت الواحد آلاف الدراهم، وكشف بأسماء وأرقام هواتف أخريات.. وتستمر اللعبة.
بين هؤلاء وأولئك من بائعي الوهم، الذين يتخذون من تخويف الناس أسلوباً للترويج، يقف الإنسان حائراً بين أكاذيب يطلقها أشخاص لا علاقة لهم بأي نوع من الطب، فالفريق الأول الذي يعرض أجهزة التنظيف، يطرق على زيادة أمراض الصدر وانتشار الربو وأن الحل في هذا الجهاز الذي لا يزيد سعره على 10 آلاف درهم، أما الثاني الذي يعرض «طناجر صحية» ولا يقل سعرها عن 10 آلاف درهم، فإن مطرقته تضرب على أمراض السمنة والكوليسترول، والثالث يحذر من مشكلات صحية أخرى تتعلق بالبشرة وما إلى ذلك..
في نهاية الأمر، جميعها تدخل حلبة الآخرين وتحاول اللعب فيها والدق على أوتار حساسة، وتتطرق إلى مجالات ليست مجالها ولا علاقة لها بها، متخذة من مخاوف الناس وهواجسهم طريقاً للترويج والبيع، ناهيك عما تسببه للأسر من إزعاج، فهي لا تعرض منتجاتها بشكل عشوائي، بل تختار أحياء سكنية بعينها، هي في الغالب أحياء المواطنين، حيث الفلل الفخمة، وتراهن في نجاحها في التأثير السريع على البعض المعهود بالطيبة، والخجل، والتحمل، بل والدفع خلاصاً من إلحاح شديد سموه ما شئتم، وأطلقوا على هذا الأسلوب من الصفات ما ترونه.
السؤال، بعد الحل الذي يكمن في يدي الشخص نفسه بقطع الطريق على هؤلاء، هل ستقف السلطات المعنية مكتوفة الأيدي؟