محمد الصالح

ألبارحة حطّت كرة القدم الخليجية على تاج النهايات، فريقنا العراقي الذي صارت الناس تسميه “أسود الرافدين” وفريق دولة الإمارات العربية المتحدة، التي كلما ذُكر اسمها الطيب، صاح العراقيون أبناء آبائهم الأقحاح وأمهاتهم الماجدات، إنّ جزرك يا إمارات، مثلك، عربية عربية حتى قطع النفس، وإنّ لنا فوق أرضك، صحبٌ، ما جارت عليهم الأيام السود، حتى دخلوا بيوت محبتكم والمجالس، آمنين مطمئنين، ناطرين دواء العافية، لبلادهم التي تناهبها الأغراب.

بالأمس كنا على موعد مع عرس كروي جميل، حتى حوّله المتخلفون الطائفيون، صنّاع ثقافة الكراهية، من أزلام رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي، إلى مائدة مسمومة بأغاني التحريض، وشعارات الفتنة، وخرافات الشدّ الطائفي، ونبش مدافن الفتنة البعيدة.

إنتظرت وحالي من حال غيري وقومي الأسوياء، المباراة بشوق عظيم، وشاهدتها بمتعة كبرى، حتى “خبّلتني” بعض دقائقها المحرجة، فأدرت الشاشة صوب شاشات محسوبة على العراق ظلماً وزوراً وبهتاناً، كي أستمتع باللهجة، وأتلقى سهام التحدي، وحلاوة الندّية، ويا ليتني لم أسمع، ولم أرَ.

قبل بدء الموقعة المنتظرة، كانت تلفزيونات العراق الحكومية ومن لف لفها، تبث الأناشيد الحماسية، والأغنيات الرياضية، التي يسيل منها دم وحروف تحذر وتتوعد وترعد، بأن من يلاقينا “سيذهب بين الرجلين” حتى تحول الشارع العراقي إلى قنبلة كراهية، لا صلة للكرة وللأخلاق الرياضية بها، ثم وصلنا إلى فصل تبرير الخسارة -وهي خسارة طبيعية وغير مخزية- فصار مذيع ومعلق قناة العراقية الرياضية الحكومية، ينسج الأعذار التي لم يبق منها إلّا القول، أن خسارة الأسود، حدثت لأنّ مستطيل البحرين الأخضر كان “أعوج”، بعدها تحول سعاره وسعار باقي الفضائيات المحسوبة على اهل الحكم في العراق، صوب حكم وحاكم المباراة، وسأفترض جدلاً، أن الحكم قد ارتكب خطأ أو عدة أخطاء، فهل هذا يستدعي سبّه وشتمه بقسوة وصبيانية، تمددت الى توسيع مشهد الشتيمة حتى شملت أهل الحكم وعشيرته وأبناء بلده!

وبدلاً من أن يفتح فصل الكرة باباً من أبواب الحب والألفة والتوافق والمتعة، حوّله الطائفيون المرتبطون برئيس الحكومة نوري المالكي، إلى فوهة مضافة، تنفث نيرانها بوجه بلدنا، الذي ما عاد يحتمل مزيداً من نار السنوات.

ولم يكن ردّ فعل الطرف الآخر “السعوديون” بأقل سخونة وتطاول مجاني، على أهل العراق، فأحرقت لغة الفيس بوك واليوتيوب والتويتر والبلاك بيري، أخضر الحب.. ويابسه!

معلق المباراة من تلفزيون حكومة نوري المالكي دعا على الحكم السعودي قائلاً “اللهم العن الغامدي ومن ينتمي إليه” وتلك لغة شرانية من السهل على السامعين أن يشتمّوا رائحة الطائفية العفنة منها، وكان عليه، لو كان عراقياً شهماً، أن يقول: اللعنة اللعنة على نوري المالكي الذين بسببه يعاني فريقنا ويعاني بلدنا.

والله ما كنا هكذا، حتى داس أرضنا الطاهرة المطهرة الأمريكان وحثالتهم، ثم قدمونا، لقمة للجارة الشريرة ايران، أم العمائم والفتن.

في المختتم، تحية عملاقة لإسود الرافدين الذين شكلوا فريقاً مبدعاً، يقوده الحكيم حكيم شاكر، الذين قدموا رقصة كروية جميلة، مثل تلك الرقصة الحميمة البديعة التي أداها الحكيم الذي دربهم وهم ما زالوا أغضاضاً.

مبروك أيضاً وأيضاً لفريق الإمارات، حتى نلتقي بعد سنتين، في بصرة العراق، التي نتمنى أن تكون حينها، كما كانت من قبل، خالية من أذناب ايران وعملائهم ومروجي فتنهم.

*محمد الصالح

رئيس التحريرالتنفيذي

وكالة العباسية نيوز العراقية